بدا واضحا تأثير تواجد وفد رفيع المستوى من حركة حماس في القاهرة على أحوال معبر رفح البري، الذي فتح أبوابه مجددا أمس الأربعاء في الاتجاهين؛ رغم العملية العسكرية الشاملة التي يشنها الجيش المصري في سيناء، وبعد يوم واحد من تسهيل عودة العالقين في مطار القاهرة.
وما يؤكد ما سبق، أن تشغيل المعبر استثنائيا في هذا التوقيت خصوصا لم يأتِ بناءً على طلب من السلطة التي تبحث عن كل منفذ لسكان قطاع غزة وتغلقه بهدف تضييق الخناق على حركة حماس، ولا من السفارة الفلسطينية في القاهرة التي اشتكى العالقون الفلسطينيون من تقصيرها، والتي دعت العالقين بالأمس إلى تسجيل أسمائهم لديها بهدف بحث مسألة عودتهم لغزة مع الجهات الأمنية المختصة.
ويضاف إلى ذلك، ما جاء على لسان مصدر أمني مصري بأن تدخلًا مباشرًا من إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة حماس والمتواجد في القاهرة أنهى أزمة العالقين في مطار القاهرة والذي عادوا إلى غزة الثلاثاء الماضي، بعد 12 يوما من المعاناة في غرف الترحيل بالمطار، دون أي تدخل من السلطة أو حكومة حركة فتح، أو حتى السفارة.
وأضاف المصدر لموقع "بوابة الوفد" المصري أن هنية ناقش مع قيادة المخابرات العامة المصرية قضية فتح معبر رفح وأهمية فتحه بشكل دائم لإنهاء معاناة سكان غزة، مؤكدا أن الجانب المصري أبدى رغبته بفتح المعبر لكن الظروف الأمنية في سيناء هي من تقف حائل امام هذه الخطوة، وان العملية العسكرية في سيناء ستساهم في تحسين الظروف الأمنية في سيناء ومنها يمكن الحديث عن فترات أطول لفتح المعبر من حيث المدة وعدد المسافرين.
ووفقا لرواية عدد من العالقين في المطار فإن مبلغا ماليا وصل لكل عالق من رئيس المكتب السياسي لحماس إسماعيل هنية لتسيير أمورهم إلى حين فتح المعبر خصيصا لعودتهم، وهذا ما تم فعلا بعد يومين من استلام المبالغ المالية، فيما اجتهدت السلطات المصرية على تنسيق عودة العالقين رغم حالة الاستنفار في سيناء، ومنع المواطنين المصريين من التحرك؛ بسبب العمليات العسكرية.
وفي المقابل، سجل على السفارة أنها تجاهلت أزمة العالقين في أول أيامها، إلى أن الضغط الإعلامي دفعها إلى التحرك، وبحسب أحد العالقين في المطار الذي أكد لـ "الرسالة نت" أن بعض العالقين تم احتجازهم من الأمن المصري وتعرضوا للإيذاء بوشاية من مندوبي السفارة؛ على خلفية نشرهم صورا للعالقين، وتوجيه مناشدات عبر وسائل الإعلام الفلسطينية، والكشف عن تقصير السفارة بحقهم.
ولم يخلُ أي تصريح لقيادات حركة حماس المتواجدة في القاهرة من التأكيد على طرح أزمات قطاع غزة الإنسانية وفي مقدمتها مسألة تشغيل معبر رفح بشكل دائم في اللقاءات كافة مع المخابرات المصرية، والتي كان آخرها في حوار الدكتور خليل الحية مع صحيفة "الشروق" المصرية، والذي قال فيه إن مصر جاهزة لتوفير كل متطلبات فتح معبر رفح وبدء تبادل تجارى مع غزة والمعبر الآن في حالة تطوير وبناء ونحاول أن نستغل قوة الدفع الحالية في العلاقات لفتحه وما سمعناه من كبار المسئولين المصريين بشأن المعبر ارتحنا له، ونتمنى أن يستمر فتح المعبر لأنه أحد أهم أسباب تخفيف الاحتقان والأوضاع في قطاع غزة".
ويضاف إلى ما سبق، الأعمال الجارية في منطقة مجاورة لمعبر رفح والتي تشرف عليها جهات حكومية بغزة، والتي من شأنها تهيئة ساحات جديدة لاستقبال البضائع القادمة من الجانب المصري بعد رفض إدارة معبر رفح التابعة لحكومة حركة فتح من مرور أي بضائع عبر المعبر لغزة كما كان جاريا فترة إدارة الحكومة السابقة واللجنة الإدارية بغزة.
وبحسب متابعة "الرسالة نت" فإن آليات وجرافات تضع خزانات وقود كبيرة في حفر تحت الأرض؛ لاستقبال المحروقات التي تستورد من مصر منذ عدة شهور وفقا لتفاهمات بين حركة حماس والمخابرات المصرية؛ لحل أزمة محطة توليد الكهرباء، فيما بدأ عمليات رصف الساحات الجديدة؛ لتهيئة المكان لاستقبال البضائع.
ويشار إلى أنه خلال الأيام الماضية التي تزامنت مع وجود وفد حماس في القاهرة دخلت شاحنات مصرية محملة بمختلف أنواع السلع والبضائع دخلت عبر الحدود، وخرجت من بوابة صلاح الدين الحدودية التي تخضع لإدارة وزارة الداخلية بغزة دون المرور على معبر رفح.
وفي التعقيب على ذلك، قال الكاتب والمحلل السياسي مصطفى الصواف إن من المنطقي الربط بين زيارة وفد حركة حماس في القاهرة وبين التسهيلات المصرية الأخيرة المتعلقة بعودة العالقين وإدخال البضائع ومؤخرا تشغيل معبر رفح في الاتجاهين، ويبدو أن ما سبق يمثل نتائج أولية للقاءات حماس مع المخابرات.
ويضيف الصواف في اتصال هاتفي مع "الرسالة" أن "التقاء المصالح" بين مصر وحركة حماس يثمر عنه تحركات مصرية لصالح حركة حماس والعكس، وهذا ما ظهر جليا في سماح الجانب المصري لوفد حماس بعقد لقاءات داخلية للحركة ولقاءات مع تيار دحلان في حركة فتح، وكذلك مع شرائح ومؤسسات مصرية، وهذه تمثل إضافة نوعية في تحركات حماس في مصر، يعود أصلها إلى تطور العلاقات بين الحركة والمخابرات المصرية.
ومما لا شك فيه، أن التحركات المصرية لصالح حركة حماس لا تنفك عن علاقة القاهرة برئيس السلطة محمود عباس الذي يبدي تعنتا في وجه مصر التي تسعى لإنجاز ملف المصالحة بشكل حقيقي.