خرج أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير صائب عريقات عن المألوف ونطق بتصريحات نارية حول تبعية السلطة للاحتلال وقرب اختفائها، وهو الأمر الذي كان مفاجئا للعديد من الأوساط الإعلامية والسياسية.
الوصول لمرحلة انعدام الأفق السياسي قد يكون هو ما دفع عريقات لتلك التصريحات التي وصف فيها الواقع بشكل دقيق بحسب مراقبين، معتبرين أن تصريحاته هي عبارة عن استجداء للغرب في محاولة لإنقاذ السلطة التي يستفيدون منها في التنسيق الأمني.
وكان عريقات قد قال إن الرئيس الحقيقي للشعب الفلسطيني هو وزير الحرب الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان، مشيراً الى أن السلطة الفلسطينية ستختفي برمتها قريباً.
وأضاف عريقات في حوار مع القناة الثانية العبرية: " سأقول أمورًا قد تغضب الرئيس الفلسطيني محمود عباس.. أنا أعتقد أن الرئيس الحقيقي للشعب الفلسطيني هو وزير الجيش أفيغدور ليبرمان، أما رئيس الوزراء الفلسطيني فهو المنسق بولي مردخاي".
وأكد أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير:" أبو مازن لا يمكنه التحرك من رام الله دون إذن من مردخاي وليبرمان".
الغريب في التصريحات السابقة أن السلطة كانت تعلم حقيقة الوضع الذي وصلت إليه إلا أنها لم تلجأ حتى للتلويح بأي من الخيارات القائمة على حل السلطة ولو من باب ممارسة الضغط السياسي بل حرصت على التنسيق الأمني لأنها تعلم أنه السر وراء بقائها.
في المقابل لم تلجأ السلطة حتى لخيارات أقل تكلفة بالنسبة لها من حل السلطة والتي طالب بها مراقبون وتتمثل بإعادة تعريف السلطة ووظيفتها.
وفي السياق رأى الكاتب والمحلل السياسي الدكتور عبد الستار قاسم إن تصريحات عريقات عبرت عن الوضع الحقيقي في الضفة الغربية، مشيرا إلى أن أبو مازن قال أمام مجلس الأمن أنه السلطة هي فعليا بلا سلطة وكرروها في أكثر من مناسبة.
وبين أن السلطة تمارس مهامها على الشعب فقط، بينما في علاقتها مع الاحتلال هو من يملي عليهم.
وقال قاسم "للرسالة": صائب ضاقت الدنيا في وجهه وبدل الاعتراف بالفشل يحاول تسكين الأمور وامتصاص الغضب، بينما تستوجب الأصول الاعتراف بالفشل والتنحي جانبا عسى أن يكون هناك من هو أفضل منه.
ويعتقد أن حديث عريقات موجه للغرب للتحذير من تبعات انهيار السلطة، مؤكدا أن أمريكا "وإسرائيل" لن يقبلا بانهيار السلطة لأنها قائمة على خدمتهم ويستفيدون من وجودها في القضايا الأمنية وتسريب الأراضي وملاحقة المقاومين.
(لحقوا حالكم وادعمونا) باختصار هي الرسالة التي أراد عريقات إيصالها لأمريكا والاحتلال بحسب قاسم، موضحا أن التجارب مع الاحتلال تثبت أن السلطة لن تحصل على شيء.
وبين أن خطاب أبو مازن في مجلس الأمن كان عبارة عن استجداء وهذه النمطية البكائية لا تأتي بفائدة للشعب الفلسطيني، لافتا إلى أن الغرب كلما رأى السلطة في ضعف يزيد من استغلالها لمزيد من المكاسب.
وبين أن عريقات مخطأ إذا ظن أن الغرب سيستجيب لنداء الشفقة خاصة وأن التجارب على مدى سنوات أثبتت فشل هذه الوسيلة.
وتشير المعطيات على الأرض أن السلطة وطوال المدة الماضية لم تمنح نفسها خياراتٍ بديلة سوى الانتظار على أمل عودة التسوية حتى وان كانت تعلن أن أمريكا فقدت دورها كوسيط، بسبب انحيازها .