وسام عفيفة
بدأت حكايته بآلام في قدميه, تنقل بين طبيب وآخر.. شخصوه بالعين المجردة, قالوا له لا تقلق: "شد عضل".
ازداد الألم وظهرت "تنفخات", فتوجه لأطباء آخرين, شخصوه, قالوا لا تقلق: "التهابات, تناول دواء من ثلاثة أنواع وتنتهي المشكلة".
الألم والانتفاخ في القدم اليمنى يزحف, توجه لعينة ثالثة من الأطباء, شخصوه, قالوا: "لا نعلم", ومن قال لا اعرف فقد أفتى, نصحوه بتجريب ثلاثة أنواع أخرى من الأدوية, حسب توصية طبيب فيما يبدو أنهم يفضلون الرقم 3 التزاما بالسنة.
تدهورت صحة المواطن لدرجة الخطر.. المعاناة ليست بسبب المرض, ولكن لعدم معرفة حقيقته, وفي ظل استخدام طريقة جديدة للتشخيص وهي :"حادي بادي المرض هالمرة هو هادي".
باختصار, وبعد نصيحة طبيب بتجريب تصوير الأوعية الدموية, اكتشفوا نوعا من الجلطة في قدمه, توجه على أثرها لمستشفى شهداء الأقصى, وهناك رأى العجب.
بعدما تشاور أطباء"شهداء الأقصى" في أمر تحويله لمستشفى الشفاء قرروا أن تحويله عيب: "كيف نحوله وماذا نحن نعمل؟".
دخل المستشفى لمدة خمسة أيام كانت نسبة التجلط 1% ليخرج والنسبة منخفضة– 1% أي انه تعرض لانتكاسة بسبب الفوضى في العلاج .. تناول أدوية غير مؤثرة, ونجا من أدوية غير مقررة, نتيجة أخطاء واستهتار, وفوضى السجلات الطبية.
فمثلا: الأطباء طلبوا تحليل الدم, وبعد انتظار يومين من سحب عينة, اكتشف أن التحليل غير موجود أصلا, وعندما بحث عن دمه قالوا, اختلط مع تحليل آخر, ممرض ثان قال له دمك تخثر ورميناه, ثالث قال السجلات تداخلت, وطبعا اختلط معها التشخيص والعلاج.. معقول .. كيف ذلك؟
يحدث ذلك في المثال التالي: احد المرضى يخرج من الغرفة المجاورة, يصرخ يا قتلة يا قتلة.. وعندما عرف السبب بطل العجب, فقد اكتشف انه يحقن بدواء لمريض آخر.
وفي الجوار حقنوا مريض ثالث -عن طريق الخطأ- بعقار"لزيكس" ليدر البول, ونتيجة تردده على الحمام أقنعوه انه يعاني من مرض السكر," ولبس الغلبان مرض وهو لا يدري".
صاحبنا الذي تدهورت صحته قرر أن " ينفد بجلده", وعلى مسئوليته الشخصية قرر مغادرة المستشفى, وقبل الخروج كشف له طبيب أن الأدوية التي يتعاطها قديمة, ولا تصلح لمرضه وان الأدوية اللازمة يجب أن يشتريها من الخارج.
طبعا صاحبنا اكتشف أيضا انه ورغم كل ما واجهه, فقد تلقى معاملة خاصة نظرا لان من بين زواره وزراء ونواب في التشريعي.
خلال نقله في سيارة العناية المكثفة لمستشفى الشفاء تعرض للخبط والرفع, والخفض, وسائق الإسعاف أراد أن يعزه فشغل الزامور "كرماله".
الرجل تمنى في شهادته لو نقل في" توك توك", لتفادي ما تعرض له في سيارة الإسعاف.
بعد "نفاده بجلده" وتحسنه إثر العلاج الجديد في منزله, اتصل احد الأطباء المعالجين من "شهداء الأقصى" ليخبره بخجل أنهم نسوا علاجه بدواء أساسي لعلاج الجلطة, لكن يمكنه أن يشتريه ويتناوله بأثر رجعي.
إذا استمرت حال صحتنا على هذا المنوال "فقصتنا على التوتة", لان المستشفيات والكوادر الطبية بحاجة لعلاج, حالة الاستهتار والفوضى بلا حدود ودون رقيب, ومن لا يصدق فليزر صاحبنا ويستمع للمزيد من الشهادات ويكسب ثواب عيادة المريض.
صحيح لدينا كفاءات فذة من الأطباء وجهد كبير أحيانا, لكنها والحمد لله تبرز في العيادات الخاصة.
الأطباء أنفسهم يقرون للمرضى بالأزمة الصحية, يكفي أن تزور طبيبا آخر ليشخص نفس المرض فيجيب :" مين الحمار اللي كتب هذا الدواء".
وعليه نناشد كل المسئولين في الداخل والخارج دون مبالغة : الحقونا قبل ما يقتلونا".