قائد الطوفان قائد الطوفان

عشرون عامًا في العمل الإنساني

الفلسطينية "ناهد" وسط فلاحات الحدود!

كاريكاتير الرسالة
كاريكاتير الرسالة

الرسالة_أمل حبيب

في آذار يزدهر الزهر ويزدان، وفي كل أيام السنة تبقى المرأة الفلسطينية للعطاء عنوان، لم تكن تلك الجملة بجناسها وسجعها صدفةً، بل كانت قدرًا كما ناهد أبو شباك حين تشبعت بحكايات الفلاحات، ووزعت القمح بيديها حتى صار ذهبًا!

فقط، ألف مترٍ عن الحدود الشرقية لمنطقة عبسان الكبيرة شرقي خانيونس جنوب القطاع، وعشرون عامًا في العمل الإنساني، وأم لأربعة أبناء بين المزارعات هنا!

من الألف الى الياء!

ناهد تلك الفلسطينية الأربعينية التي تعمل مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر في تلك المناطق ضمن برامج خاصة بالصليب لمساعدة أهالي المناطق الحدودية من الوصول لأراضيهم وزراعتها، لاسيما بعد أي عدوان على قطاع غزة.

بالنسبة لها لم يكن عملها مجرد وظيفة، كان وطنًا كما الأرض بالنسبة للفلاحة، تبتسم وخلفها سيقان القمح يداعبها هواء الظهيرة، وتقسو عليها الشمس لتصبح ذهبية اللون فيأتي الحصاد مسرعًا.

تبدأ حديثها بإعرابها عن حبها للمزارعات وتقول: "أحب المزارعة واصرارها على تقديم طلبها للاستفادة من برامج الصليب، لاسيما أن أغلب المستفيدات من المزارعات هن المسؤولات عن المنزل، واعالة عوائلهن".

أثناء عملها الميداني بين الأراضي الخضراء يختلف الكثير، فمنذ اللحظة الأولى لحرث الأرض وتوزيع البذور، والمتابعة، تعيش تفاصيل كفاح المزارعة فتكبر تلك الفلسطينية في نظرها، حتى باتت الفلاحة بالنسبة لناهد مصدر إلهام.

اللون الأخضر ليس وحده من يشحن قلب ناهد بالإيجابية والشعور بالراحة، فإصرار الفلاحة كان يمدها بواجب العطاء، واستمراريتها كأم وربة منزل لاسيما لحظة ضعفها.

"المزارعة هي المسؤولة عن الأرض من الألف الى الياء" تقول ناهد، ثم تضيف: " رغم كل التحديات والصعوبات التي تواجه المزارعة الا أنها تثبت في كل مرة جدارتها وحبها الفطري للأرض، الذي يزداد بفرحتها بالعائد حيث يساعدها على إدارة حياتها وبيتها".

بدي أطلع للأرض!

أسبوع كامل في المكتب لم تعد تستوعب الجلوس هناك بين الجدران، ناهد التي اعتادت على رائحة الأرض، وأحاديث المزارعات، وبعض الشكاوى لقلة المياه أو دودة تتطفل على حقل العدس!

جولة بين حقل القمح والبازلاء، لفتنا خلالها دراية ناهد بأسماء كل مزارعة والكنية، تارة تمزح وأخرى تلقى عليهن التحايا و"الله يعطيكم العافية" توزعها على الجميع أثناء عملهن في نزع الأعشاب الزائدة بين المزروعات.

تصوب وجهها مجددًا نحو عدسة "الرسالة" وتقول "تعلمت من المزارعات إدارة الوقت، وأن أعمل عدة مهام في اليوم الواحد، تصمت وتلقي نظرة تفقدية مع ابتسامة ثم تكمل: "تعلمت أيضًا حب الأرض الذي يمثل سندًا لها".

يبدو أن الأرض باتت لناهد هي الأخرى السند، حيث تحلم بأن تمتلك قطعة أرض لتمارس الزراعة والفلاحة بنفسها، حلمها الكبير تحقق منه الجزء البسيط، بعد أن لجأت الى تعليم أبنائها الزراعة في حديقة منزلها، وباتوا يلجؤون لها لأخذ الاستشارة حين تكبر النبتة وحين تمرض!

كل يوم تتعلم ناهد درسًا جديدًا من خلال احتكاكها بهذا النوع من النساء المناضلات، ومن حكايا الكفاح للمزارعة الفلسطينية التي تعمل على مدار الساعة، لأن حبها لأرضها ليس له نقطة نهاية.

 

البث المباشر