منح الجنرال غادي آيزنكوت رئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلي مقابلات لوسائل الإعلام بمناسبة أعياد الفصح، ترجمت "عربي21" مقتطفات منها، ركز فيها على التطورات الفلسطينية، وتبعاتها على إسرائيل.
فقد نقل يوآف ليمور وبوعاز بيسموت الكاتبان بصحيفة إسرائيل اليوم عن آيزنكوت، القائد الحادي والعشرين للجيش، أن التصعيد العسكري في قطاع غزة بات اليوم مرتفعا أكثر مما كان خلال العقد الماضي بأسره، وأوضح أن فرضية أن يقوم أحد أعداء إسرائيل بمبادرة هجومية ضدها ما زالت ضعيفة، لكن إمكانية التصعيد وصولا للحرب، زادت في الآونة الأخيرة بصورة ملحوظة، رغم أن الطرف الثاني لا يريدها.
وأضاف في المقابلة التي ترجمتها "عربي21": رغبتنا في غزة تتمثل بالحفاظ على الواقع الأمني السائد هناك حتى نهاية العام، بما يمنحنا الوقت الكافي لاستكمال مشروع القضاء على الأنفاق، لكن احتمالية تدهور الوضع لمستويات أكثر عنفا تتعزز مع مرور الوقت، وهذا يعني أننا نقترب من حرب جديدة.
وأوضح أنه منذ عام 2005 حين انسحبنا من غزة، كانت مراحل المواجهات معها قصيرة، بحيث كنا نخوض كل عام أو عامين مواجهة عسكرية فيها، لكن السنوات الأربع الأخيرة منذ انتهاء حرب غزة 2014 تعتبر الأكثر هدوءا منذ العام 1967، في هذه الفترة لم يصب إسرائيلي واحد، وأصيب فقط خمسة جنود، التجمعات الاستيطانية تنعم بالهدوء، ما يعني أن الردع الذي حققناه ثبتت نجاعته.
وأشار إلى أن غزة تعيش قلقا كبيرا من إمكانية حصول تصعيد كبير، وفي الوقت ذاته فإن سكان غزة يعيشون في جحيم حقيقي، ولا يمكن تهديدهم بجحيم إضافي، لأنهم محبطون وفاقدون للأمل.. إذن ما الحل؟
وقال: "لا زال الفلسطينيون يؤيدون حماس، لأنها استوطنت قلوبهم، كنت سأكون سعيدا لو استطعت القضاء عليها، واستئصالها، لكن الفلسطينيين يؤمنون بمبادئها، ويتضامنون معها، ورغم المعاناة التي يعيشها الفلسطينيون تحت حكم حماس، لكنهم لا يخرجون للتظاهر ضدها، لأنهم يعتقدون أن ما يحصل لهم هو امتحان من الله، وبسبب إسرائيل، ولو كان الوضع اليوم سيئا، فإن المستقبل يحمل أخبارا جيدة".
وأكد أن البديل المتوقع لحماس في حال تم إسقاطها ليس واقعيا، وإن كان الخيار المتوقع هو إلصاق غزة مع مصر، ولذلك فإن إسرائيل بهذه المرحلة تفاضل بين بدائل سيئة في غزة، ومنها أن تبقى سلطة حماس هناك ونعقد معها هدنة طويلة، وإمكانية إيجاد تواصل بين غزة والضفة الغربية.
وأشار إلى أن الخيار الأكثر سوءا، يتمثل بتحول واقع غزة لحالة من الفوضى، مما يتطلب أن تحرص إسرائيل على إيجاد سلطة معتدلة، تنزع القدرات العسكرية عن غزة، لكن هذا البديل غير متوفر حتى اليوم.
يوحاي عوفر وحاغاي سيغال الكاتبان بصحيفة مكور ريشون نقلا عن آيزنكوت قوله إننا كنا قريبين من اندلاع انتفاضة ثالثة في 2015، لكننا استطعنا منع حدوثها لأننا فرقنا بين الفلسطينيين العاديين ومنفذي الهجمات المسلحة ضدنا، حاربنا هذه الخلايا والتنظيمات دون المس بالسكان.
وأضاف في الحوار الذي ترجمته "عربي21": الوضع الفلسطيني يشهد توترا جديا، لأن الفلسطينيين يكرهوننا جدا، ويريدون السوء لنا، ولعلك ترى ذلك في عيون سكان الضفة الغربية، لأنهم يحتكون بنا على مدار الساعة، ورغم أننا نجحنا بإحباط 98% من الخطط الهجومية ضدنا، لكنهم يواصلون العمل والتخطيط.
وأعلن أنه في السنة الأخيرة فقط اعتقلنا 4600 فلسطيني من المشتبه بهم، وليس لدي شك أن العام الجاري سيكون فيه أربعة آلاف آخرين يفكرون بمهاجمتنا، وفي العام التالي أربعة آلاف آخرين.
وأشار إلى أن هذه المعطيات مصدرها أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية التي تزودنا على مدار الساعة بدوافع تنفيذ العمليات بين الفلسطينيين الآخذة بالتزايد يوما بعد يوم، وهذه الداوفع والحوافز هي: الكراهية، الجاهزية، الثقافة، العقيدة الدينية، القناعة المتوفرة لديهم بأن تنفيذ الهجمات ضد الإسرائيليين يكتسب تعاطفا وتضامنا من باقي السكان، هذا الجو السائد سيستمر سنوات طويلة أخرى.
وأكد أن كراهية إسرائيل موجودة بين الفلسطينيين قبل سبعين عاما، وستبقى قائمة بعد مائة عام أخرى، وتبين لي أن أول هجوم ضد اليهود في هذه البلاد كان عام 1851، وهي دلالة على عمق الكراهية التي تدفع الفلسطينيين للدخول في مواجهة معنا.
وختم بالقول: في قطاع غزة هاجمنا العام الماضي 110 هدفا، ولولا عملياتنا اليومية في الضفة الغربية طيلة الوقت، فقد كنا سنشهد وقوع ما لا يقل عن مائة عملية هجومية دامية، صحيح أن معظم ما نقوم به من أعمال لا يعلم بها الإسرائيليون أنفسهم، لكن أعداءنا يفهمونها جيدا.
بن كاسبيت يوسي ميلمان الكاتبان بصحيفة معاريف تحدثا مع آيزنكوت عن الوضع الفلسطيني الداخلي، فقال: نحن أمام رئيس فلسطيني يبلغ 83 عاما، وضعه الصحي ليس في أحسن أحواله، لكن لا خطورة مباشرة على حياته، وإسرائيل لديها مصلحة بأن تكون للسلطة الفلسطينية قيادة قوية، تربطنا بها صلات حسنة.
وأضاف في لقاء ترجمته "عربي21": في الضفة الغربية هناك 2.8 مليون فلسطيني، ويجب أن تكون هناك سلطة وحكومة تدير شؤونهم، وفي غياب عنوان مركزي لهذا الأمر، ليس صعبا أن نخمن ما الذي سيحدث، لا نريد أن يكون هناك انهيار صحي أو تعليمي وإداري، أو تصبح الضفة الغربية دون محاكم وقضاء وشرطة، حينها ستحل الفوضى.
ورفض الدخول في تسمية خلفاء محتملين لعباس في حال غيابه عن المشهد السياسي، لأن ما يهمنا وجود سلطة تحكم وأجهزة أمنية تعمل جيدا.
عن غزة قال آيزنكوت إننا لا نحب إطلاقا القيادة التي تحكم هناك، لكننا نريد عنوانا مركزيا، والنقاش الذي تشهده إسرائيل حول القضاء على حماس وإسقاطها، يتطلب الإجابة على السؤال التالي: هل نتلقى صومالا جديدة في القطاع؟
وأضاف: نشهد أوضاعا كارثية في غزة على أصعدة التعليم والصحة والصرف الصحي ومعدلات الفقر والبطالة، ولذلك نحن نريد انفتاحا اقتصاديا لها، بما في ذلك ميناء وتجارة ومستوى حياة متقدم، لكننا قبل ذلك لابد من إغلاق ملفات الحرب الأخيرة الجرف الصامد 2014، وعلى حماس إعادة الإسرائيليين الذين بحوزتها، وجثامين الجنديين القتلى لديها، هذا شرط لأي تقدم اقتصادي ومعيشي في القطاع.