لم تفلح والدة عبد الرحمن في إسكات صراخ صغيرها ذي السنوات الثلاثة طوال الليل، فحرارته كانت مرتفعة حتى اهتدت وزوجها إلى أخذه إلى طبيب مختص ليكتشف الأخير بعد إجراء التحاليل أن الطفل مصاب بحمى شوكية صاحبته أسبوعا بأكمله قضاه في مستشفى الدرة برفقة ثلاثة أطفال آخرين مصابين مثله.
إصابة عبد الرحمن بالحمى جعلت والدته تخشى أن يعاني طفلها الآخر كأخيه الكبير الذي وصلت نسبة الحمى البكتيرية لديه إلى 1800، فهي ليست وحدها من عانت برفقة طفلها في المستشفى، فهناك عشرات من السيدات اللواتي يقضين أياما في المستشفى حتى تزول الحمى من أبنائهن ولاسيما أنه خلال فصل الصيف يزيد عدد الأطفال المصابين بهذا المرض.
ووفق قول الوالدة فإنها المرة الأولى التي يصاب فيها عبد الرحمن بالحمى الشوكية، مرجحة أن يكون قد أصيب بها خلال مخالطته أقرانه في الحضانة.
متوطنة في القطاع
مقابل والدة عبد الرحمن تجلس أم الطفلين يامن راجح 3 سنوات وأخته سارة ذات الشهرين وهي تراقب طفليها الصغيرين المصابين بحمى شوكية انتقلت من ابنها إلى صغيرتها دون أن تنتبه إليهما، فهي تعيش في غرفة داخل بيت العائلة.
وتشتكي والدة الطفلين سوء وضعهما الصحي، فهي لا تكاد تقوى على رعايتهما.
وتقول خلال تفقدها صغيريها وهما نائمان: "إهمالي طفليّ وقلة تغذيتهما جيدا سبّبا مرضهما"، موضحة أنها لم تنتبه إليهما بداية مرضهما رغم ملاحظتها ارتفاع درجة حرارتهما، "لكن بعد اشتداد المرض عليهما صحبتهما إلى الطبيب واستغنيت عن الكمادات".
وحول أسباب انتشار الحمى الشوكية في قطاع غزة، يقول الدكتور أحمد شتات طبيب الأطفال المتخصص في مستشفى الدرة أثناء تفقده الحالات: "الحمى الشوكية مرض منتشر طوال العام في الضفة الغربية وقطاع غزة، وتكثر الحالات خلال الانتقال من فصل الربيع إلى الصيف ولاسيما في السنوات الأربعة الأخيرة".
ويضيف شتات لـ"الرسالة نت": "خلال متابعتنا وجدنا زيادة عدد الأطفال المصابين بالحمى الشوكية على مستوى المستشفيات"، موضحا أنها تتوطن في القطاع ولاسيما "الفيروسية".
ووفق قوله فإن من أسباب انتشار الحمى أيضا التكدس السكاني وقلة التغذية السليمة للطفل، داعيا إلى إبعاد الاطفال حديثي الولادة عن الأماكن المكتظة وتقليل تقبيلهم، وتغذيتهم جيدا، "بالإضافة إلى مراقبة الأطفال لاكتشاف مرضهم مبكرا من أجل القضاء على الحمى".
وتابع طبيب الأطفال: "من أعراض هذه الحمى لدى الاطفال ارتفاع درجة الحرارة والاستفراغ المتكرر وألم الرأس"، موضحا أن اكتشاف الحمى يكون بإجراء تحليل لسائل النخاع الشوكي ومكوناته.
وأكد أن الحمى الشوكية قد تسبب شللا دماغيا وحركيا، مبينا أن تلك المضاعفات تترافق غالبا في حال كانت الحمى بكتيرية.
وذكر شتات أن أكثر الأطفال إصابة بهذا المرض هم ما دون السنوات الخمسة إلى جانب حديثي الولادة، لافتا إلى أن علاج الحمى متوافر إضافة إلى أدوات التحليل والتشخيص.
يذكر أنه قبل أيام وضعت لجنة طب الأطفال في مستشفى الشهيد محمد الدرة للأطفال بروتوكولا موحدا لعلاج حالات "الحمى الشوكية" في غزة.
وحول ذلك يقول الطبيب شتات: "البرتوكول أساليب تشخيصية موحدة لتحديد الفيروس ومدة العلاج ونوعيته وطريقة متابعته في المستشفيات كافة".
نهاية: عليكن أيتها الأمهات رعاية أطفالكم والحفاظ عليهم حتى لا يكونوا عرضة لأمراض يصعب علاجها.