من جديد، أثبت الصحافيون بأنهم جنود الصف الأول في الفعاليات الوطنية، لاسيما مسيرة العودة من خلال صورهم وتقاريرهم ونقلهم للأحداث أولا بأول، حتى وصلت التغطية الإعلامية إلى كل الوسائل الإعلامية وانتشرت صورهم وتناقلها الجميع عبر شبكات التواصل.
ولعل هذا ما جعلهم في مرمى نيران الاحتلال حيث تعرض عدد منهم للإصابة والاختناق بسبب الغاز المسيل للدموع أو بسبب استهداف الاحتلال لهم بشكل مقصود رغم أن معظمهم يرتدون الدروع الواقية والإشارة التي تدل على عملهم الإعلامي. ولكن هذا لم يمنع الاحتلال أيضا الذي يبدو أنه يتبع أجندة مقصودة تستهدف الصحافيين بالذات لتحول دون وصول الحقيقة والصورة إلى العالم.
وفي هذا السياق ندد المكتب الإعلامي الحكومي في بيان له بما يقوم به الاحتلال الإسرائيلي من قمع للصحافيين والمصورين لمسيرة العودة في محاولة منه لتكميم الأفواه وإخفاء الحقيقة.
وقال المكتب في بيانٍ يوم السبت: إن الاحتلال سعى منذ بداية الإعلان عن مسيرة العودة الكبرى لإجهاضها بشتى الوسائل، ومن ضمن ما قام به التشويش على شبكات الاتصال وسيارات البث الخارجي لوسائل الإعلام، واختراق صفحات وحسابات عدد من القائمين إعلاميا على المسيرة".
وأشار البيان إلى إصابة عدد من الصحافيين بحالات اختناق بسبب إطلاق قنابل الغاز تجاههم وما حدث من خسائر في سيارات البث التابعة لفضائية الأقصى، مطالباً بتشكيل لجنة تحقيق دولية في اعتداءات الاحتلال ضد الطواقم الصحفية بالأراضي الفلسطينية سيما في ظل ازدياد وتيرتها كما ونوعا في الفترة الأخيرة.
كما استنكر المركز الفلسطيني للتنمية والحريات الاعلامية "مدى" الاستخدام المفرط للقوة المميتة، وعمليات القمع الواسعة والعشوائية غير المبررة التي واجهت بها قوات الاحتلال الاسرائيلية الاعتصامات والمسيرات السلمية التي انطلقت في قطاع غزة يوم الجمعة، وما أسفرت عنه من استشهاد 15 مواطنا، واصابة المئات بجروح بينهم العديد من الصحافيين.
وحسب تقرير مدى، فقد تم التأكد من إصابة ما لا يقل عن اربعة صحافيين بالرصاص الحي وهم: المصور الصحفي احمد سالم بربخ/معمر، والمصور الصحفي محمود عدنان مدوخ، والصحفي والمخرج وسام عاطف موسى، فضلا عن اصابة عدد لم يتم حصره من الصحافيين بحالات اختناق شديدة.
وذكر تقرير "مدى" أن الاحتلال استخدم في استهدافه للصحافيين القنابل المتفجرة، وهو ما حدث مع الصحافي أحمد سالم بربخ الذي ما زال يرقد في المستشفى بعد استهدافه من مسافة 200 متر برصاصة متفجرة في البطن، حيث تم اكتشاف 30 شظية في بطنه ما تسبب في استئصال جزء من أمعائه.
بدوره، علق توفيق السيد مدير التجمع الإعلامي الفلسطيني على ممارسات الاحتلال بأنها تهدف إلى منع الصحافيين من نقل الصورة من الميدان وتخوفه من تصدر الرواية الفلسطينية عبر الوسائل الإعلامية الدولية لما تسببه من إرباك لرسالتهم غير المقنعة والتي تعتمد على التزوير".
ورغم أن الصحافيين يعملون بدون وسائل حماية بسبب منع الاحتلال لدخول دروع حماية الصحافيين، يؤكد السيد في مكالمة مع "الرسالة" على تواجد الصحافيين في الميدان منذ الانطلاقة الأولى للمسيرة ونجاحهم في توثيق كل كبيرة وصغيرة واجتهادهم، داعيا المؤسسات الدولية للتدخل لكيلا يبقى ظهر الصحافي مكشوفا لقناصة الاحتلال ومعرضا للخطر.
ويرى السيد أن مخاطبة الجهات الدولية واجب في هذه اللحظة، وأنه لم يعد هناك وقت للمماطلة وقال: "يجب على الجميع الالتحام لمقاضاة الاحتلال في المحاكم الدولية وتوثيق لحظات اضطهاد الصحافيين بالصوت والصورة ومخاطبة الاتحاد الدولي للصحافيين ومنظمة مراسلون بلا حدود واتحاد الصحافيين العرب، وكل من له يد في المساعدة لفضح ممارسات الاحتلال ضد الصحافيين".
يذكر أن اتفاقية جنيف الرابعة تضمن للصحافيين ممارسة عملهم دون أي ملاحقات ولا مضايقات، كما أن القرار 1738 لمجلس الأمن الدولي ينص على إدانة الهجمات المتعمدة ضد الصحفيين وموظفي وسائل الإعلام والأفراد المرتبطين بهم أثناء النزاعات المسلحة، ويطالب بمساواة سلامة وأمن الصحفيين ووسائل الإعلام والأطقم المساعدة في مناطق النزاعات المسلحة بحماية المدنيين هناك، ويعتبر الصحافيين والمراسلين المستقلين مدنيين يجب احترامهم ومعاملتهم بهذه الصفة، كما واعتبر القرار المنشآت والمعدات الخاصة بوسائل الإعلام أعيانا مدنية لا يجوز أن تكون هدفا لأي هجمات أو أعمال انتقامية.