قائمة الموقع

مسيرات العودة تضمد جراح التغريبة الفلسطينية

2018-04-10T05:54:07+03:00
صورة
غزة- ياسمين عنبر

كثيرة هي الشعارات التي رفعت في مسيرة العودة، لكن ما جذب انتباه الجميع لافتة كانت تحملها الحاجة الثمانينية "أم صبري لبد" كتب عليها "ارتاح ضميري يا المجدل".

على الحدود الشمالية لقطاع غزة، التقت "الرسالة" العسقلانية "لبد" التي عاشت عشر سنوات في المجدل، وهي ترتدي الثوب المجدلاوي الذي تعمدت أن يكون حاضرًا معها لتثبت حقها في الأرض.

أمام خيمة "المجدل" التي علقت عليها عبارات "إنا من المجدل وإنا إليها راجعون" تحدثت "الرسالة" معها لتستهل حديثها: "من أول كابونة استلمناها من الوكالة واحنا عايشين بتأنيب ضمير وشاعرين بالذل"!

تحكي الحاجة "أم صبري" أن لومها لم يتوقف منذ تركهم للمجدل، لكن مسيرات العودة جاءت كضماد للجراح، وتكمل: "رغم تعبي أصريت أشارك حتى يخف عني تأنيب الضمير (..) الكل كان يلومنا انه تركنا المجدل".

تعود الحاجة "لبد" بذاكرتها إلى الكتاتيب التي كانت تتحلقها وبنات حارتها في المجدل، وراحت تسرد قصص البيدر وحاكورة جدها واجتماع النسوة في مواسم الحصاد.

كما أنها لم تنسَ الأيام العصيبة التي سبقت التهجير، حيث القتل والتشريد والمطاردة، وتكمل عن المجدل أنها تقع في منتصف الساحل الغربي لبحيرة طبريا عند مصب وادي الحمام، وتبعد عن مدينة طبريا نحو 5 كيلومترات إلى الشمال.

موجات الحزن التي تبثها فيها حكايات المجدل، أخبرنا حفيدها سالم (22 عامًا) أنها في مسيرات العودة تقولها بسعادة كبيرة لم يعهدوها عليها من ذي قبل، ويكمل: "منذ الإعلان عن مسيرات العودة تملكتها العودة وأصبح كل حديثها عن أمل العودة، وأصبحت تخبرنا بحكايا البلاد ببهجة كبيرة".

انشغلت الحاجة "أم صبري" مع أحد الأطفال الذين جاؤوا من خيمة "البطاني الغربي"، حيث تحلقوا حولها وراحوا يسألونها عن المجدل وعاداتهم وأثوابهم ثم عادت لتكمل حديثها عن أملها بالعودة.

"سبعين سنة ولا حد بيجيب سيرة البلاد غير بالمناسبات" تقول الحاجة بألم كبير، وتكمل أنه لم يتملكها الحزن بقدر ما سيطر عليها حين سمح لها الاحتلال زيارة المجدل قبل عشرين عامًا بتصريح خاص.

على جهة أخرى من الخيام المنصوبة تجلس الحاجة "فتحية أبو عودة" المهجرة من قرية "بير السبع"، بالزي البدوي التراثي والثوب السبعاوي، وشاشها الأبيض الذي تغطي به وجهها.

لاحظت "مراسلة الرسالة" أنها تتكئ على حفيدها، فاقتربت منها للحديث الذي بدأته بقولها: "قلبي كان يوجعني انه تركنا البلاد وصدقناهم بس هالمسيرة والحشود بردت على قلبي".

ثلاثة عشر عامًا فقط كانت مدة عيش الحاجة "أم سويلم" في بلدتها بئر السبع، لكنها كانت كافية لأن تتمسك بكل شبر فيها.

مصنع غزل السجاد الذي كانت تساعد الحاجة "أبو عودة" فيه جدها وأعمامها قال لها أحد التجار الذي زاروا بئر السبع حديثًا بتصريح خاص إنه تحول إلى بيت يهودي يسكنه خمسة (إسرائيليين) ما زاد الألم في قلبها.

تدرك الحاجة أن الحكايات والخراريف التي تحدث بها أحفادها، ستكتمل تفاصيلها حين تعود برفقتهم إليها، تحكي بفرحة كبيرة: "كل الحكايات والأماكن حنتجول فيها ونشوفها ع أرض الواقع والحكايات حتصير ذكريات".

الإصرار على العودة والأمل الذي بثته مسيرات العودة في قلوب كبار السن ممن ذاقوا ذل خيام التهجير، لاحظته "الرسالة" في عيون من شاركوا فيها، لا سيما أنها أشعرتهم أن العودة لم تكن مجرد حكاية تروى للأحفاد.

كما يرى المهجرون من كبار السن في مسيرات العودة أنها أعادتها إلى ذكرياتهم وأنعشتها بقصص بلادهم التي حرموا منها، كما يرون فيها مراحل أعمارهم حين يرون الأطفال يرددون أهازيج العودة ويتغنون بأسماء قرى أجدادهم.

اخبار ذات صلة