قانونهم يعاني الإعاقة

الكفيف الفلسطيني.. هل الإعاقة سبب للبطالة؟

الرسالة نت- رشا فرحات

كغيرهم من العاملين في مجالات كثر، لهم حق في العمل والعيش بكرامة، ولهم حق في الاعتراض خاصة على القانون غير المنصف لهم، الذي وعدهم مرارا وتكرارا بدمجهم مع غيرهم من أبناء المجتمع في سوق العمل، وذلك بناء على قدراتهم وتكافؤ الفرص بينهم وبين الآخرين، دون النظر إلى إعاقة أو طاقة، خاصة أن منهم من يحمل شهادة الدكتوراه، رافعين شعار "الإعاقة لا تعني نهاية الحياة".

تطبيق القانون

وفي لقاء "الرسالة" مع دلال التاجي من ذوي الاحتياجات الخاصة حاصلة على بكالوريوس آداب اللغة الانجليزية ثم الماجستير، وتعمل في جمعية الهلال الأحمر في خان يونس تتحدث عن إحدى العوائق التي يضعها المجتمع أمام المعاقين في سوق العمل: ذهبت إلى ديوان الموظفين لأتسلم وظيفتي وفوجئت أنهم عينوني في الدرجة الرابعة وأنا استحق السادسة، وقالت لي الموظفة صراحة " أنت لم تتجاوزي الكمسيون الطبي، رغم أنني لا اعتبر مريضة.

وترى أن قانون المعاق الخاص بالعمل يزيد القضية تعقيدا، فمثلا يجب عدم ذكر نسبة 5% لتوظيف المعاق أصلا، لماذا لا يعامل المعاق كغيره من أبناء الوطن بما يمتلكه من قدرات ومهارات وخبرات.

وتضيف: هذا عوضا عن ما يحدث في المؤسسات التي تتبنى برامج لذوي الاحتياجات الخاصة فيعين فيها من ليسوا من ذوي الاحتياجات الخاصة فلماذا يعين إنسان مبصر مثلا في مشروع مسخر للمكفوفين أصلا.

وأوضح تقرير صادر عن مركز الميزان لحقوق الإنسان أن الإعاقة تشكل سبباً للتمييز في العمل وحرمان المعوقين من الحصول على فرص عمل أسوة بأقرانهم، ويمنع الحصار دخول الأدوات الطبية والتأهيلية اللازمة للمعاقين ويعرقل خروج المحتاجين لتلقي الخدمات والعلاج خارج قطاع غزة.

ليلى وافي وهي كفيفة حدثتنا عن تجربتها في البحث عن عمل، فتقول: مؤسسات المجتمع المدني هدفها الأول والأخير هو جمع الأموال، ولذلك فحتى تلك المؤسسات التي تعنى بقضايا المعاقين، وترفع شعاراتهم وتنادي بحقوقهم لا تعمل على تشغيلهم، وعلى الأقل يجب أن يكون المكان والأولوية متاحة في هذه المؤسسات لذوي الاحتياجات الخاصة على الأقل.

وبعكس سابقتها ترى وافي أن نسبة 5% التي وردت في القانون سيكون لها صدى ايجابي حقيقي في محاربة بطالة المعاقين بشرط أن تلتزم بها المؤسسات العاملة، ولكنها للأسف لا تلتزم.

درجة عاشرة

وفي حديثنا مع الكفيف محمد العجل والذي يعمل على هاتف البدالة في مستشفى الشفاء بغزة قال: أنا شاب جامعي وقد دخلت امتحانات التوظيف كغيري من المتقدمين ونجحت في الامتحان، ولكن عند التعيين فوجئت بأنني موظف على هاتف البدالة وكذلك معي الكثير ممن هم في مثل حالتي وقد جاءنا الرد واضحا أن المسئولين لا يستطيعون تعييننا في مراكز أعلى من ذلك بسبب إعاقتنا.

ويضيف العجل: بعضنا حاصل على درجة الدكتوراه لكنه في الواقع لا يعمل إلا بالدرجة التاسعة او العاشرة ، وأنا اعرف زميلا مكفوفا يحمل شهادة دكتوراه ولكنه للأسف مجرد مراسل.

ويوافق محمد سابقته بأن 5% نسبة جيدة إذا ما طبقت، ولكنه يلقي اللوم على مؤسسات المجتمع المدني والمتخصصة في خدمة المعاقين بصريا، لقلة نصيب المعاقين من الوظائف فيها.

يذكر أن نسبة المعوقين في الأراضي الفلسطينية تعتبر الأعلى على مستوى العالم حيث تصل إلى حوالي 3.5% من مجموع السكان، وترتفع في محافظات غزة بشكل خاص لتصل إلى حوالي 4% أي نحو 70 ألف شخص.

آثار نفسية

وتقول الأخصائية النفسية زينة خليل من المركز الفلسطيني لحل النزاعات: إن العمل ضروري لهذه الفئة لأنه يتغلب على الشعور بالنقص أو العجز وتحقيق الذات ويوفر مجالا للوجود الإنساني والكرامة البشرية وتحقيق التوافق النفسي والاجتماعي والكسب والاستقلال الذاتي, ولكن نظرة المجتمع وطريقة تعاملها السلبية مع هؤلاء يؤدي إلى ظهور المخاوف والقلق للمستقبل, وبالتالي يشكلون عبئا على المجتمع الذي يعيشون فيه.‏

وتضيف هذا يولد الشعور بالفشل والعدوانية والإحباط  واضطراب مفهوم الذات وعدم الاتزان الانفعالي كما يتولد لديهم الشعور الزائد بالعجز والإحساس بالضعف والاستسلام للإعاقة والقلق والعصبية النفسية وعدم الثقة بالمجتمع والأسرة .

وتضيف أن التعامل مع ذوي الاحتياجات الخاصة يحتاج إلى بذل الجهود ليكونوا فاعلين, وبالمقابل يجب تأهيل المجتمع لتقبلهم والابتعاد عن التعامل معهم بشفقة وعطف، وتطوير الإمكانات المقدمة في هذه المؤسسات حتى تكون مؤهلة لاحتوائهم.

وتجدر الإشارة إلى أن العدوان الإسرائيلي الأخير على غزة أضاف حوالي 500 شخصاً إلى صفوف ذوي الإعاقة جراء بتر في الأطراف أو ضرر في حاستي السمع والبصر.

 

البث المباشر