قائد الطوفان قائد الطوفان

بعد تهديداته الأخيرة

فرصة "مصر" الأقوى لإبطال مفعول عقوبات "عباس" ضد غزة

صورة "أرشيفية"
صورة "أرشيفية"

غزة–مها شهوان

بعدما كانت العلاقة بين سلطة رام الله وحركة حماس تسير اتجاه المصالحة رغم حالة الخطابات السياسية التوتيرية بين الطرفين من حين لآخر، إلا أنها أصبحت تأخذ منحى تصعيديا بعد اتهام السلطة حركة حماس بالمسئولية عن تفجير موكب رامي الحمدلله رئيس الوزراء في زيارته الأخيرة لغزة الشهر الماضي.

ورغم أن حركة حماس، سارعت بفتح تحقيقات بشأن تفجير الموكب وخرجت بنتائج تفيد أن بعض الأشخاص التابعين للأجهزة الأمنية في السلطة خططوا للأمر من بعيد، لكنها ارتأت الحفاظ على العلاقة وتسترت على تلك الجهات حرصا منها على أجواء المصالحة.

وعلى ما يبدو، فإن "عباس" لم يتعاطَ بجدية مع التحقيقات ورفضها، بدليل عدم تعاونه منذ البداية مع التحقيقات التي اجرتها الأجهزة الامنية في غزة، مما جعله يرفض نتائجها وراح يهدد بفرض عقوبات اقتصادية وسياسية وقانونية ضدها، كان آخرها منع رواتب موظفي السلطة في قطاع غزة.

وعبر تسريبات وصلت وسائل الاعلام من كواليس اجتماع اللجنة المركزية لحركة فتح، جاء فيها أن الرئيس عباس لن يسمح لمصر بالضغط والتدخل في الشئون الداخلية الفلسطينية، وأنه لا رواتب لقطاع غزة، وأنها الورقة الأخيرة وسيواصل القطع حتى بعد شهر رمضان، وسيجعل الغزيين بدلا من الذهاب إلى الحدود يتظاهرون ضد "حماس".

كما هدد في خطابه الأخير برفع يده عن كامل المسؤوليات والالتزامات تجاه قطاع غزة بخطوات عملية، بينما أعلنت وزارة المالية برام الله عن صرف رواتب موظفي السلطة في الضفة الغربية، دون أي إشارات عن صرف الرواتب لموظفي غزة.

لكن حركة حماس التي تلقت التهديدات بلغة مفعمة بالتحدي، ردت على لسان رئيس مكتبها السياسي اسماعيل هنية، مؤكدة رفضها للضغوط الرامية لوقف وحرف "مسيرة العودة وكسر الحصار على حدود قطاع غزة. وقال هنية إن مسيرات العودة أعادت القضية الفلسطينية إلى واجهة الاهتمام الدولي، ودشنت مرحلة سياسية جديدة طوت صفحة المفاوضات والتنسيق الأمني مع إسرائيل"، في إشارة إلى نهج السلطة الفلسطينية وحكومة رامي الحمدالله.

وأعلن في خطاب شديد اللهجة من مخيمات العودة على الحدود الشرقية لقطاع غزة، أن غزة حسمت موقفها بالمضي بمسيرات العودة، ولا وجود بعد الآن للمفاوضات العبثية والتنسيق الأمني.

ويبدو أن ما يفرضه "عباس" من عقوبات على قطاع غزة، يدشن مرحلة جديدة، فلم يتبق شيء إلا وفرضه على الغزيين حتى وصل الحد إلى حرمان موظفي القطاع أبسط حقوقهم وهي الرواتب.

كما يريد من وراء عقوباته، تغييب حماس عن المشهد السياسي، لاسيما أنه طالبها بتسليم قطاع غزة من الألف إلى الياء، بما في ذلك الوزارات والدوائر والأمن والسلاح، وإلا "فإن لكل حادث حديث"، وفق قوله.

ويرى حسام الدجني المختص في الشأن السياسي، أنه في حال قطعت الرواتب عن غزة والموازنات التشغيلية للوزارات، فإن ذلك يعني قطع "عباس" علاقاته بالقطاع، رغم تحذير أربعة منظمات دولية من وقوع كارثة في غزة كونها لم تعد قابلة للحياة دون عقوبات، متابعاً: "في حال فرضت العقوبات سيتحول القطاع إلى منطقة منكوبة".

ويوضح الدجني "للرسالة" أن أي عقوبات جديدة ستكون بمثابة قتل للغزيين ودفعهم للمجهول سواء بالانفجار الداخلي أو اتجاه "إسرائيل" الأمر الذي سيهدد أمن الأخيرة، مبيناً أن الطبيعة الجغرافية لقطاع غزة مع مصر تدفع الأخيرة لمنع وقوع كارثة انسانية فيه، وقال: "ستعمل مصر على منع العقوبات من خلال فتح معبر رفح وادخال الأموال والبضائع للقطاع، وسيكون ذلك بمثابة الضربة الأكبر للسلطة، عدا عن تدخل "إسرائيل" لإنقاذ القطاع غزة لمنع الانفجار على الحدود وذلك من أجل الحفاظ على أمنها".

وعن رفض "عباس" تدخل مصر بالشأن الداخلي كما سرب من اجتماع اللجنة المركزية، يرى أن لا أحد يمكنه تجاوز مصر كونها الراعي الدائم للقضية الفلسطينية.

ووفق مختصين في الشأن السياسي، فإن تنفيذ "عباس" تهديداته ضد غزة دفع القطاع للانفصال عن الضفة المحتلة مما سيضر بالمشروع الوطني الفلسطيني، وستكون القدس خارج الحسابات السياسية في أي مفاوضات مقبلة، مما سيجعل الرئيس يخسر كل أوراق القوة التي يمتلكها على الصعيد السياسي.

ويتوقع أن حركة حماس والفصائل الفلسطينية لن يسمحوا بفصل قطاع غزة عن الضفة، لأن ذلك يؤسس لمرحلة جديدة من الإقصاء وتصفية الحسابات، لذا ينبغي على كل القيادات الفلسطينية اتخاذ موقف وطني جامع للحد من ذلك والخلاص من المعاناة.

 

البث المباشر