قائمة الموقع

مقال: نحو تطوير المؤتمرات الشعبية كبديل للمجلس الوطني

2018-04-23T07:41:48+03:00
الكاتب | عماد توفيق عفانة
عماد عفانة

في ظل إصرار محمود عباس على عدم اصلاح هياكل منظمة التحرير ومجالسها المختلفة، لجهة ضمان تمثيل حقيقي لكل القوى والفصائل والشرائح المجتمعية والنقابية، بات من الملح على قوى وقيادات هذا الشعب العريض التداعي للاتفاق على وضع عقد اجتماعي وطني جديد، على أسس وطنية تمثيلية صرف، دون اعتبار للأنظمة العربية التي سيطرت على منظمة التحرير والتمثيل الفلسطيني على مدى عشرات السنوات حتى وصلنا إلى ما وصلنا إليه من التشرذم والفرقة والانقسام.

تجربة المؤتمرات الشعبية

وتعتبر تجربة المؤتمرات الشعبية ضاربة في عمق الثورة الفلسطينية، حيث عقد المؤتمر الفلسطيني الأول في أوائل كانون الثاني سنة 1919 في القدس برئاسة عارف الدجاني.

ثم عقد المؤتمر الفلسطيني الخامس في نابلس بحضور مائة مندوب يمثلون كل فلسطين من 20 إلى 24 آب 1922 حيث انتخب موسى كاظم الحسيني رئيساً للمؤتمر.

وعليه يمكن اعتبار تجربة المؤتمرات الشعبية حلا واقعيا وممكنا في ضوء حالة الاستعصاء التي تشهدها ساحة الصراع الفصائلي، إضافة لحالة التدهور المريع في عمل المؤسسات التي كانت ترعاها منظمة التحرير، بكافة أطره النقابية والمهنية والنسائية والشبابية.

نحو تمثيل حقيقي

غني عن القول أن انتقال مركز العمل السياسي الفلسطيني من الخارج إلى الداخل منذ توقيع قيادة المنظمة -التي هي قيادة حركة فتح- اتفاقيات أوسلو عام 1993، كلف الشعب الفلسطيني كثيرا من الأثمان وجر كثيرا من التداعيات ومنها:

تهميش فلسطينيي الخارج والذين يمثلون نصف الشعب الفلسطيني - ستة ملايين و290 ألفاً (49.5% تحديداً) والذين فقدوا الحاضنة السياسية والمؤسسية التي تحتضن همومهم وترعى قضاياهم، لصالح الانشغال بهموم الضفة الغربية وقطاع غزة والسعي لتحويل الحكم الذاتي والسلطة هناك إلى دولة فلسطينية.

 تضخُّم السلطة وأجهزتها ومؤسساتها في الداخل على حساب منظمة التحرير؛ التي ضمرت مؤسساتها وذوت هياكلها وتراجع تأثيرها، حتى أضحت عمليا أقرب إلى دائرة من دوائر السلطة.

الأمر الذي بات يفرض على الكل الفلسطيني خارج منظمة التحرير وقد باتوا الأغلبية الآن، العمل على تفعيل العمل الشعبي الفلسطيني بكافة أطره النقابية والمهنية والنسائية والشبابية في الداخل وخصوصا في الخارج لفرز ممثلين حقيقيين للشعب الفلسطيني.

وذلك عبر العمل على أن تفرز هذه الأطر النقابية والمهنية والنسائية والشبابية ممثلين لها في المؤتمرات الشعبية التي يجب أن تعقد في كل تجمع فلسطيني، وبذا تحظى هذه المؤتمرات الشعبية بشرعية تمثيلية حقيقية للشعب الفلسطيني وتسحب "الشرعية الفلسطينية" التي أصم عباس وفريقه آذاننا بها؛ واستقوى بها على الشعب الفلسطيني بكافة شرائحه وقواه.

هذا عدا عن أن المؤتمرات الشعبية ستقوي دور فلسطينيي الخارج في الشراكة السياسية من ناحية وفي القرار الوطني الفلسطيني من ناحية ثانية، وسنعكس إيجابا على تعظيم الأصوات المنادية والعاملة على تحقيق حق العودة وتحصيل حقوق اللاجئين الفلسطينيين وتحصين القضية الفلسطينية من مخاطر التسويات السياسية التي تستهدف إلغاء هذه الحقوق، وتنفيذ برامج التوطين وغيرها من ناحية ثالثة.

تجارب واعدة

وقد مثّل مؤتمرُ فلسطينيي أوروبا الذي عقد دورته السنوية السادسة عشرة أحدَ مظاهر النجاح على طريق إيجاد تجمعات تمثيلية حقيقية ترفض التفريط بحق العودة، حيث يجتمع في هذا المؤتمر نحو 15 ألف فلسطيني؛ مما يجعله أحد أكبر التجمعات الشعبية الفلسطينية في العالم.

غير أن المطلوب الملح من هذه المؤتمرات هو التحول إلى برامج عمل مستمر، تمكَّن من إطلاق ممنهج لطاقات وإمكانات فلسطينيي الخارج، على طريق تمثيل حقيقي شرعي للشعب الفلسطيني تسحب التمثيل والشرعية التي تحتكرها حركة فتح باسم منظمة التحرير البالية.

والعمل على تطوير قدرات الشعب الفلسطيني في الخارج وآليات عمله بما يعزز وعيه وصموده وفاعليته، وتحصيل حقوقه كافة في أماكن وجوده، وعلاج مشاكله وهمومه وقضاياه، إضافة لتفعيل أدوار الشباب والمرأة والطفل، وكافة مؤسسات العمل النقابي.

شكلت هذه المؤتمرات نقطة البداية ومنصة الإطلاق للفعاليات والطاقات؛ فها هي تتصاعد وتكبر مع مرور الزمن، لذا ينبغي استثمارها لضمان استمرارها.

كما شكلت هذه المؤتمرات تعبيراً حقيقياً عن الشعب الفلسطيني بمختلف شرائحه ومكوناته، وبات عليها تجاوز الاستقطاب والمحاصصات الفصائلية؛ والتعامل مع حالات الاختلاف كحالات تنوع وتكامل وإبداع، يجمعها الهمُّ الوطني وتسمو عن المكايدات الحزبية والفصائلية، لجهة العمل على اختيار ممثلين حقيقيين للشعب الفلسطيني في الداخل والخارج ليكونوا أعضاء في مؤتمر شعبي وطني يمثل الشعب الفلسطيني تمثيلا حقيقيا عوضا عن المجلس الوطني الذي عين أعضاءه واختارهم أنظمة عربية في تجاوز مفضوح لإرادة الشعب الفلسطيني.

ثم يقوم هذا المؤتمر الشعبي الوطني العام باختيار لجان وهيئات تنفيذية تمثل هموم ومصالح الشعب الفلسطيني أمام الهيئات والمحافل الدولية، فضلا عن قيادة مرحلة التحرير عن اقتدار.

اخبار ذات صلة