كان نجل محمود عباس، وهو يدرس في أمريكا على حساب المال الفلسطيني، يستقل الطائرة الى تونس، في درجة الأعمال، كلما أبلغ والدته أنه اشتاق الى طبق من أطباقها. فذلك يكون كافياً لأن يتلقى له بطاقة السفر من المال العام، لكي يتاول ما يشتهيه ويعود. وكان لعباس في كل بلد يرتاده، فيلا يأوي اليها على حساب المال العام. فهو الذي أوهم الجميع، بأنه الضامن للحصول على مساعدات الخليج، وهو الذي سيجلب الدولة، وهو الذي يخترق إسرائيل، وهو قاطع السمكة وذيلها. أي إنه باختصار، ضحك على ذقوننا كما ينبغي أن نعترف!
كان الشهيد القائد صلاح خلف (أبو إياد) قد تعرض لرصاص الجاسوس الذي يخدم جاسوساً يُدعى صبري البنا، عاش حتى قُتل، أكثر قدرة على الخداع من عباس. ويتعلق سبب التعرض للرصاص القاتل الغادر، بالمال الفلسطيني حصراً، وحلّ َ عباس، دون أن يعلم، في قلب السبب. فقد كان هذا الأخير، قد جهز من المال العام، فيلا فاخرة لرجل ميسور الحال، انتقل من قطر الى تونس للإقامة فيها، ولا ضرورة لذكر الأسماء. فالرجل والد زوجة كانت لإبنه. غضب أبو إياد منه وعنّفه وقطع معه وهو الذي كان يحميه، وطالبه برد المال. فأصبح عباس يتوسل رضا القائد صلاح خلف. وفي يوم الجريمة قيل لأبي إياد، إن عباساً قادم اليك في بيتك. ولأن الرجل الشهم يحترم بيته، ولا يريد أن يستثار ويفعل شيئاً في منزله، بدافع أن عباس لم يرد الدراهم حتى اللحظة؛ طلب سيارته لكي يخرج الى غير وجهة، ثم رأى أن يذهب الى منزل الشهيد فخري العُمري. هناك، قيل للرجلين، إن عباساً علم بوجهة أبي إياد، وهو قادم الى بيت العُمري. فاقترح الأخير الخروج تحاشياً لأن يحدث شيء في بيته، واقترح زيارة الشهيد هايل عبد الحميد (أبو الهول) الأبعد مكاناً، وتقبل أبو إياد الفكرة، لأنه لم يزر أبو الهول منذ مدة. وهناك كان الجاسوس المنزرع ينتظر!
السيدة الفاضلة أم إياد، استقرت في القاهرة، وسكنت شقة في بناية أصبحت آيلة للسقوط وتقرر إخلاءها، وكان ذلك بعد أن دخلنا زمن رئاسة عباس. ذهبت السيدة الى بيت ابنتها المتزوجة للإقامة عندها، وكلما زارها أبناؤها المغتربون الذين يعملون في الخارج كموظفين؛ تكتظ الشقة بالزائرين. تدخل البعض لدى السفير الذي كان في القاهرة، لكي يطلب من عباس شراء شقة لأم إياد، فرفض عباس بحجة أن الظروف المالية لا تسمح، بينما الشقة المطلوبة لا تزيد في قيمتها عن بطاقتي سفر لإبنه وإقامتين فندقيتين. كل ذلك لأن عباس يكره أسماء القامات التي أطلقت الثورة الفلسطينية المعاصرة!
أخطأ الذين فوجئوا بسلوك عباس وكيدياته واستهتاره بمصائر الناس ولا مبالاته حيال قوت الأطفال وكرامات المناضلين والشهداء الذي وصل الى حد سرقة خبز أطفالهم وسرقة رواتب المتقاعدين والموظفين. ربما أصبح الكثيرون يعلمون الآن، أن لا سقف لبغضائه ولن يتردد في تدمير كل شيء، من أجل نفسه وأولاده. لكن كثيرين، لا زالوا على غير قناعة، بأنه صغير جداً، وعابر ولن يتكرر مثيله في تاريخ الفلسطينيين. ولولا أنه مطمئن على نفسه، في قلب المنطقة العسكرية الإسرائيلية المركزية، لما بقي "في المقاطعة" وقد أحسن أحد إخوتنا من القامات الأكاديمية في الخارج، من أبناء طولكرم، عندما قال لكاتب هذه السطور، إننا نعاني من احتلاليْن وليس احتلالاً واحداً!
عباس الصغير المخادع الفاقد للمشاعر الإنسانية؛ يقطع رواتب أسر الشهداء، وعلى الرغم من ذلك لن يتأهل في السياسة، في ناظر الأمريكيين، لأن اللعب الأمريكي بات على المكشوف وبوقاحة، وأصبح ترامب، يريد للشعب الفلسطيني رئيساً بلا لغة تزيد حرفاً عن لغة ضباط المارينز، فيما هو يعرف أن ما تبقى في لغة عباس عن فلسطين، ليس إلا عدة النصب، وأنه على الأرض، يؤدي "الواجبات" المطلوبة، ليس في الأمن وحسب، وإنما بتمزيق العلاقات الاجتماعية، وقطع الأرزاق، وزرع النعرات، وإحباط الشباب، وضرب الثقافة الوطنية، وتحويلها الى مهرجانات موسيقى مغايرة، وهياج مجنون، كالتظاهرات العشوائية ليلاً، ابتهاجاً بفوز الريال على برشلونه أو العكس. إنه يمثل مشروع تجويع وضياع وتضييع للبوصلة وللحركة الوطنية، وباتت الخيبة الوطنية هي معقد رجائه ومقصد مؤتمراته وأفاعيله. فلا مشروعية له، ولا ولاية له علينا، ولا على فتح التي يختطفها، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون!