أتت نتائج الجمعة الخامسة بمسيرات العودة الكبرى، والتي أطلق عليها جمعة (الشاب الثائر)، معاكسة لما عوَل عليه قادة جيش الاحتلال بتراجع حدة المسيرات السلمية وانخفاض أعداد المتظاهرين مع مرور الوقت، واستخدام القوة المفرطة ضدهم.
انتفاضة مكتملة الأركان عاشتها الحدود الشرقية لقطاع غزة الجمعة الماضي، وبالتحديد في خمسة مناطق تضم عدداً من مخيمات العودة، إذ شارك آلاف الغزيين في الزحف قرب الأراضي المحتلة عام 48، بينما كان المئات من الشباب الثائر يتقدمون صفوفهم ويقارعون قناصة الاحتلال وآلياته بالحجارة ووسائل المقاومة السلمية.
وعلى الرغم من إفراط الاحتلال باستخدام القنابل الغازية، وإطلاق الرصاص الحي بشكلٍ متواصل، ما أدى إلى ارتقاء 3 شهداء وإصابة قرابة الـ 900 بجراح مختلفة واختناق، إلا أن المتظاهرين ثبتوا ونجحوا في إيصال رسالتهم إلى العالم ومفادها بأن حق العودة لا يمكن لأحد أن يفرط به، ويجب كسر الحصار الظالم عن قطاع غزة.
الراية لن تسقط
ولم يستطع الحاج منتصر أحمد البقاء بالقرب من خيام العودة، إذ أخذته الحمية وحب الوطن إلى ترك من هم في سنه ومشاركة الشباب في رشق قناصة الاحتلال "الإسرائيلي"، بالقرب من السلك الفاصل، بالرغم من كثافة قنابل الغاز التي اجبرته إلى العودة إلى النقاط الطبية لتلقي الإسعافات الأولية وبيده علم فلسطين.
ويضيف أحمد" المهجر من قرية بربرة "جئت وأحفادي وأبنائي للمشاركة بمسيرات العودة، فلا عذر بعد اليوم لأحد بالتقاعس في الدفاع عن الوطن والقضية الفلسطينية، التي تسعى إدارة الرئيس الأمريكي ترامب إلى تصفيتها، ولنؤكد أن حق عودة اللاجئين لا يمكن التفريط به وسيبقى الفلسطينيون يدافعون عنه حتى تحقيقه ودحر الاحتلال "الإسرائيلي" عن الأراضي الطاهرة".
جرحى العودة حاضرون
لم تثن الرصاصة التي اخترقت قدم أحمد شاهين خلال مشاركته في الجمعة الأولى من مسيرات العودة الكبرى، من عودته مجدداً للمشاركة في جمعة الشاب الثائر، إذ وصل إلى أقرب نقطة من قرية نعليا المحتلة، مستعيناً بعكازيه اللذين ساعداه في الوصول مشياً والاعتصام سلمياً رغم انتشار قناصة الاحتلال "الإسرائيلي".
يثول شاهين "للرسالة" بأن الرصاصة التي لم تستطع قتله زادته إصراراً على تقدم صفوف الشباب الثائر، إذ أنه خرج في الجمعة الأولى من أجل إنهاء الاحتلال "الإسرائيلي" للأراضي المحتلة، وكسر الحصار عن قطاع غزة، ولن يثنيه شيء عن المشاركة مهما بلغ حجم ثقله.
ويوضح صاحب الـ 29 عاماً، أن الشباب الذي يملأ الحدود بات يحمل روحه على كفه، ولم يعد يحتمل مزيداً من الحصار والقهر، الذي سببه الاحتلال "الإسرائيلي" على قطاع غزة طيلة الـ 11 عاما الماضية، وأنه حان الوقت لقلب المعادلة في وجهه، متوعداً باسم العشرات الذين رافقهم خلال المواجهات بأن يوم 15 مايو سيكون مختلفاً وفيه مفاجآت جديدة في المقاومة السلمية.
والتقت "الرسالة" بعشرات الجرحى الذين أصيبوا خلال مسيرات العودة، ورجعوا للمشاركة في المسيرات التي فتحت لهم نافذة أمل للخروج من الأزمة التي يعيشها قطاع غزة، وتحقيق حق العودة وفق القرار الأممي 194.
بدروه يؤكد هاني ثوابتة عضو اللجنة الإعلامية بمسيرات العودة، أن جمعة الشباب الثائر شكلت صدمة للاحتلال فاقت توقعاته وحساباته، بعد أن كان يراهن على موت المسيرات بعد أسابيع قليلة، إلا أن الهبة الجماهيرية الكبيرة واقتراب الشباب من الحدود لمسافات جديدة جعله يعيد حساباته بأن المسيرات ليست بالظاهرة العابرة وانما تسعى إلى اهداف وستحققها.
وبين ثوابته في حديثه مع "الرسالة، أن اقدام الشاب الفلسطيني واقترابه من الأراضي المحتلة، والزحف الجماهيري الكبير والواسع، شكل مشهداً اسطورياً جديداً في تاريخ النضال، وحمل رسائل للعالم بأن مسيرات العودة مستمرة حتى تحقيق العودة.
وأشار القيادي في الجبهة الشعبية، أن جمعة الشباب الثائر، رسخت نموذجاً للزحف المليوني الذي سيحدث في 14 مايو، بعد أن اقتحم آلاف الشبان بصدورهم العارية الحدود الزائلة مع الأراضي المحتلة، وقارعوا آلة القتل والبطش "الإسرائيلية، وهذا ما سيحدث في ذكرى النكبة، حيث سيصل المهجرون إلى قراهم المحتلة مجدداً.
وشدد على أن الأيام المقبلة ستشهد مزيداً من الفعاليات لتوسعة الحراك لأكبر قدر ممكن، وأنه بات جميع أبناء الشعب الفلسطيني يدركون أهمية استمراره في هذا الوقت، مؤكداً أن الجمعة المقبلة التي ستحمل اسم "جمعة العمال" ستشهد مزيداً من الزحف الجماهيري والشعبي الهادر.