يخيم الصمت العربي على الأجواء في ظل ارتفاع وتيرة الاحتفالات الإسرائيلية لنقل السفارة الأمريكية إلى القدس، مع ملاحظة التراجع الشعبي العربي أيضا، وخاصة الموقف الأردني لخصوصية علاقته بالمدينة ووصايته على الأماكن المقدسة هناك، ورغم انه بدأ قويا عند إعلان ترامب عن نقل السفارة في نهاية العام الماضي، إلا ان الصمت سيد الموقف الآن وفي يوم تعلن فيه دولة الاحتلال عن احتفالاتها واستقبال حشودها المشاركين فيها.
وبينما دعت الحركة الإسلامية والملتقى الوطني للدفاع عن القدس والفعاليات الوطنية والشعبية في الأردن للمشاركة في الاعتصام أمام السفارة الأمريكية في عمان ، اليوم الإثنين الساعة السادسة مساءً التزمت الحكومة الأردنية الصمت بينما قال وزير الاعلام الأردني أن الحكومة الأردنية ستصدر بيانا اليوم لتوضيح وجهة نظرها.
فلماذا تأخر الموقف الأردني حتى هذه الساعة ولماذا يخيم الفتور على المشهد العام تجاه إجراءات نقل السفارة ؟!
دعم مالي
يذكر أن الموقف الأردني قد تراجع بصورة ملحوظة عقب زيارة نائب الرئيس الأمريكي مايك بنس للأردن، حيث دارت أحاديث بعد الزيارة عن زيادة في قيمة المنحة المالية المقدمة الى الأردن ابتداء من العام المالي 2018 وحتى العام المالي 2022.
وكان العاهل الأردني عبد الله الثاني قال في 31 كانون ثانييناير الماضي إن بلده يتعرض لضغوط اقتصادية بسبب الموقف الأردني من القرار الأمريكي الأخير باعتبار القدس المحتلة عاصمة لإسرائيل.
الصحافي والكاتب الأردني عاطف الجولاني يعلق على موقف الحكومة الأردنية قائلا: إن المستوى العربي كله في حالة صمت مقصود تجاه الموقف وهذا نتاج طبيعي لضغط أمريكي على تلك الجهات، مشددا على تقدم الموقف الأردني وخاصة في مشاركته بالقمة الإسلامية في تركيا .
ولفت الجولاني في حديث لـ"الرسالة نت" إلى أن المواقف العربية والإسلامية أضعفت الموقف الاردني وجعلته منفردا في مواجهة القرار الأمريكي ورغم ذلك وفي كل الأحوال فإنه من غير المقبول اردنيا ما جرى في القدس، ولن يمر هذا القرار في حالة من الصمت والتجاهل.
وأكد أن هذه القرارات ستؤثر في الفترة القادمة على الاتفاقيات الموقعة رغم أنه لم يتم التطرق لموضوع المقدسات والوصاية الأردنية عليها ولكن ذلك لا يعني انها لن تتأثر وإن كان على المستوى البعيد .
وأضاف " : الاعتراف بالقدس عاصمة للكيان هو شطب لأي ولاية عربية لأن القدس أصبحت خارج دائرة البحث والتفاوض والنقاش السياسي ، وبالتالي فإن كل ذلك سيؤثر على وصاية الأردن على المسجد الأقصى .
ولا يرى جولاني أن الموقف الشعبي الأردني صامت بالمطلق، مستشهدا ببعض المسيرات الشعبية التي ستبدأ مساء اليوم كتعبير قوي ضد إجراءات نقل السفارة، مؤكدا أن الموقف الشعبي لم يتوقف عن التعبير عن رفضه وهو موقف متقدم اذا ما قورن بالمواقف الشعبية العربية الأخرى، ولكن بالمجمل حسب رأي جولاني فإن الموقف الشعبي العربي لا يرقى لحجم خطورة الموقف .
خصوصية الاردن
وتعتبر الأردن ذات خصوصية في قضية القدس لأنها المسؤولة بشكل مباشر عن المقدسات الإسلامية في المدينة منذ عام 1924، حينما أعلنت وصايتها رسميا على القدس وفق بيعة عربية للشريف الحسين في ذلك الوقت ثم جاءت اتفاقية وادي عربة عام 1994 لتؤكد تلك الوصايا حيث نصت المادة التاسعة من المعاهدة، على أنه "سيمنح كل طرف للطرف الآخر حرية الوصول للأماكن ذات الأهمية الدينية والتاريخية، بما يتماشى مع إعلان واشنطن، على أن تحترم إسرائيل الدور الحالي الخاص للمملكة الأردنية الهاشمية في الأماكن الإسلامية المقدسة في القدس"
من جهته أكد زياد الحموري المختص في قضايا القدس أن قوة الموقف الأردني رغم الصمت الذي يخيم عليه الآن في يوم نقل السفارة، مشيرا الى أنه ما زال الأقوى ومتمسكا بإدارة المقدسات رغم الضغط العربي الكبير على الأردن خلال الأشهر الماضية.
واكد الحموري في حديث لـ"الرسالة نت" على وجوب التفريق بين المواقف العربية والموقف الأردني، فتخاذل الموقف العربي وصل لدرجة التواطؤ والدعم العربي الواضح لها مثل البحرين والسعودية التي أعلنت تطبيعها دون أي خجل، وإذا كان هناك تخوف من أي ضغوطات على الأردن فإن تلك الضغوطات قادمة من هذه الدول العربية .
وأعلن ترامب، في 6 ديسمبر/كانون الأول 2017، القدس بشقيها الشرقي والغربي "عاصمة لإسرائيل".
ويمثل الفلسطينيون 37% من سكان القدس، البالغ عددهم 870 ألف نسمة، ويتمركز معظم الفلسطينيين في القدس الشرقية، وفق مكتب الإحصاء الإسرائيلي،
ويتمسك الفلسطينيون بالقدس الشرقية عاصمة لدولتهم المأمولة، استناداً إلى قرارات الشرعية الدولية، التي لا تعترف بكل ما ترتب على احتلال المدينة.
وتشهد الأراضي الفلسطينية المحتلة فعاليات احتجاجية، تنديداً بنقل السفارة الأميركية وإحياءً للذكرى السبعين لـ"نكبة" قيام دولة إسرائيل، ومن المرتقب أن تبلغ هذه الفعاليات ذروتها الإثنين والثلاثاء.