دفعت مسيرات العودة التي تواصل الزحف نحو الحياة.. بعض النخب الثقافية والسياسية الصهيونية نحو إجراء مراجعة وجودية قلقة.
من بين هؤلاء القلقين البروفيسور يورام يوفال الذي كتب مقالا في يديعوت جاء فيه:
"لا يفصل بين قطاع غزة وعسقلان عشرة كيلومترات فقط، بل مليون سنة ضوئية... سياج واحد بين عالمين، ولذلك السؤال الذي يتعين أن نسأله عن مسيرات الموت باتجاه الجدار، التي تبشر بعهد جديد في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني... لماذا يحدث هذا الآن فقط؟ ماذا علينا أن نقول عن كراهيتهم الشرسة لنا؟"
الرد على أسئلة يوفال يجيب عليها مليونا فلسطيني محاصرون على مساحة 360 كليومترا مربعا، وسوف يكون جوابهم كالتالي:
أما لماذا يحدث الآن؟ وسبب كراهيتنا لكم؟! فذلك لأننا قررنا أن نواجه احتلالكم وحصاركم، بمياهنا الملوثة التي بلغت نسبتها 96%، سنجعل من العطش سلاحا نجفف به حلوقكم، ولن نقبل أن تهاجمنا الأوبئة وحدنا، بل سنرسلها برا وبحرا وجوا إلى مستوطناتكم، سنشكل جيش الغاضبين من الشباب العاطلين حيث نسبة البطالة في صفوفهم 65%، هؤلاء سيواصلون حرق الكوشوك وقص السياج والزحف تحت النار.
سنحول ظلام الكهرباء التي تصل أقل من 4 ساعات يوميا إلى طاقة دفع للمسيرات، وسنصنع القنبلة البشرية في هذه المنطقة الأكثر اكتظاظا في العالم حيث يعيش كل 5203 في كيلومتر مربع.
لن نستسلم للفقر والعيش على المساعدات فقط، كحال 70% منا، وسيخرج من بيننا المئات مثل "روبن هود" الشخصية البارزة في الفلكلور إلانجليزي الذي كان يستولي على أموال الأغنياء لإطعام الفقراء، لهذا سنواصل حرق مزارعكم بطائرات أطفالنا الورقية.
ربما استوعب البرفسور يوفال الرسالة، لهذا دعا كل مستوطن أن يسأل نفسه الأسئلة الصعبة ويفكر في القادم من غزة: ماذا لو جاء يومًا وظهر من خلف دخان الإطارات خمسون ألف امرأة مع أطفالهن يتقدمن نحو سياجنا، دون رجل واحد، دون حجر واحد وبدون بندقية، وسرن على أقدامهن بهدوء، وقلن إنهن سيعدن إلى المنزل، ماذا سنفعل بعد ذلك؟ والأهم، ماذا سنقول لهن؟ ولأنفسنا؟
هواجس "يوفال: ربما تظهر في الأيام القادمة.