مكتوب: من المسؤول عن حالات النصب باسم فقراء غزة ؟

من المسؤول عن حالات النصب باسم فقراء غزة ؟
من المسؤول عن حالات النصب باسم فقراء غزة ؟

الرسالة نت - مها شهوان

غرفة بالكاد تصلح للعيش الادمي، شبابيك يسترها "النايلون" وأرضية رثة، رجل يجلس على "بساط" بال بجانب زوجه الثلاثينية وهي تحمل طفلتها التي لم تتجاوز الأربع سنوات وتعاني الفشل الكلوي، دموع وتنهيدات تطلقها الأم من حين لآخر وهي تتحدث لمصور صحافي جاء ليوثق حالة صغيرتها لنقلها للعالم الخارجي علهم يجدون من يغيثهم ويعينهم على توفير مصاريف علاجها.

تقول الأم وهي تمسح دموعها بمنديلها:" وحيدتي جاءت بعد عشر سنوات (..) لكنها مريضة وبحاجة لمن يساعدنا بالمصاريف من أهل الخير لا نريد شيئا سوى ذلك"، ثم سرعان ما قاطعها الحديث " أعاني المرض ولا أستطيع العمل، فقط احتاج ان تكون ابنتي بصحة جيدة حينما تكبر وتعيلنا"، ومسح دموعه وذلك في مشهد يثير عاطفة كل من شاهد قصتهم.

انتشر الفيديو عبر مواقع التواصل الاجتماعي كالنار في الهشيم، حتى تعاطف المئات من الحالات مع العائلة، فمنهم تعهد براتب شهري لهم، واخر طلب عنوانهم ليتكفل الطفلة مع علاجها، وكثر ارادوا اصلاح البيت ليكون بيئة صحية للطفلة وعائلتها، حتى وصلت مئات الدولارات لمساعدة الحالة.

احدى الجمعيات الخيرية في الخارج، قررت المساعدة أيضا، لكن بطريقتها فأرسلت فريقها الذي يعمل في قطاع غزة لزيارة الحالة، بعد الحصول على رقم الأب حدد لهم الموعد لزيارته وعند وصولهم هناك تبين وضعهم الصعب.

وعند عودة الفريق مرة اخرى لجلب بعض المساعدات العاجلة قبل اعادة ترميم البيت كما وعدوهم، لم يجدوا أحدا في المكان حتى تبين لهم من الجيران أن رب الأسرة وزوجه وطفلته التي يدعي أنها وحيدة يأتون فقط للتصوير واخذ المساعدات، بينما يعيشون في مكان اخر ولديهم ستة أطفال اخرين.

بعد التحري والتدقيق في قضيته تبين أن الرجل وزوجه يتعاطيان المخدرات وبحاجة إلى المال بأي طريقة حتى لو كان على حساب طفلتهم الصغيرة، عدا عن أن المصور الذي يروج لقصتهم يتقاسم معهم أموال المساعدات.

الحالة السابقة تبين "للرسالة نت " أنها تكررت لكن بأشكال مختلفة، فكل شخص سلك مجال التسول على أبنائه أو بات بحاجة للمال يتفنن في جلب المساعدات له عبر مواقع التواصل الاجتماعي بمساعدة شباب مختصين يحصلون على نسبة معينة من المساعدات.

واستغل البعض الأوضاع الاقتصادية الصعبة وباتوا يبتكرون أساليب جديدة للنصب والاحتيال، واستخدموا مواقع التواصل الاجتماعي لصيد المتبرعين والمتعاطفين مع قضيتهم، وغالبا ما يكشف خداعهم.

تحرت "الرسالة" في القضية لمعرفة الأسباب التي تدفع بعض الشباب أو أرباب الأسر للتسول بطريقة غير لائقة من المتبرعين في الخارج للحصول على أموال، عدا عن كيفية التعامل معهم عن كشف كذبهم والعقوبات التي تقع عليهم.

 استغلال مواقع التواصل

يقول محمد حسنة مدير مكتب مؤسسة الخير البريطانية في الشرق الأوسط، عن حالات النصب التي تؤثر على عملهم وتقلل ثقة المتبرعين والمتعاطفين مع المحاصرين في قطاع غزة:" هناك أكثر من حادثة وقعت حيث توجد منطقة في غزة يشتهر شبابها بتوزيع ارقام عبر الانترنت للتواصل مع المتبرعين لإرسال الأموال(..)، بعض المتبرعين يرسلون المال دون تحر، وذلك بعد أن يشرح له الشخص حاجته وادعاءه الفقر.

جمعية دولية: من الضروري زيارة الحالات المستفيدة وتشديد الرقابة

وذكر عبر الهاتف "للرسالة" أن كثيرا من الأشخاص يلجئون لتصوير أي غرفة سيئة لا تصلح للسكن- تكون خلف المنزل، ويدعون العيش فيها، مما يدفع المتبرعين للتعاطف معهم وإرسال المال لهم.

بدون عنوان

وبحسب متابعة حسنة بحكم طبيعة عمله في المجال الخيري، فإن الذي ساعد على استغلال المتبرعين في الخارج لجلب الأموال هو بعض الشباب الذين ينتجون افلاما عن الحالات الفقيرة وتبث عبر صفحات تواصل اجتماعي في الخليج ما يزيد من نسبة التبرعات، مشيرا إلى أن بعض النشطاء يتحملون المسئولية، إلى جانب الجمعيات الخيرية غير الأهل التي تسلك ذات الطريق فأتت بنتيجة عكسية على بقية الجمعيات ورفض الممولين في الخارج التعامل معهم.

وعن ردة فعل المتبرعين بعد علمهم بالنصب يروي واقعة حدثت معه حينما كان يعمل في قطاع غزة، أنه في إحدى المرات أرسل معلومات توثيقية عن حدث معين في غزة لأحد المراكز الخيرية، فقام مديره بالحديث معه بعنف وهو يقول" كلكم حرامية ونصابين بغزة"، كردة فعل على عملية النصب التي وقع ضحيتها الرجل، وكيف أخذ انطباع سيئا عن أهل القطاع، حينها تواصل "حسنة" مع الجهات الرسمية للتحقيق بالأمر.

ويقول حسنة أن وزارة الداخلية بغزة مقصرة في متابعة تلك الوقائع، ولابد من رقابة وتنظيم أكثر، يجبر كل شخص يجمع التبرعات على توثيق المساعدات وأماكن توزيعها.

وفي حكاية علم بها باعتباره ناشطا في هذا المجال، أن متبرعة من الأردن ترسل مبالغ كثيرة لناشط في غزة وبدفعات كبيرة تصل من 5 إلى 15 الف دينار وذلك دون رقابة او متابعة من قبل الجهات المختصة.

وذكر أنه لابد للجمعيات الخيرية حينما تقدم مساعداتها القيام بزيارات غير منسقة مع الحالات خشية تلاعبهم، فكثيرا كان وفريقه يجدون الأبواب مغلقة كون الحالة تعود لبيتها الحقيقي وليس المزيف الذي يصورون فيه.

  انتحال الشخصيات

بعد جملة مع قضايا النصب التي وقع ضحيتها متبرعون في الخارج، طرقت "الرسالة" باب العقيد أيمن البطنيجي الناطق الاعلامي باسم الشرطة في قطاع غزة، للاطلاع على متابعتهم للملف وكيفية التعامل معها.

يقول البطنيجي، بأن الوضع الاقتصادي الصعب دفع الناس بانتحال شخصية مؤسسات أو جمعيات أو اهل خير بحجة مساعدة المحتاجين، حيث يتم التواصل مع الخارج لتوفير دعم مالي، باسم جمعيات وهمية أو حقيقية.

الشرطة: اتقان الشباب لتصوير الفيديوهات سهّل عمليات النصب

ويضيف:" بعض المتبرعين يكتشفون حالات النصب ويقدمون الشكاوى، ووفقها تتحرك الشرطة وتلقي القبض على الشخص وتقدمه للنيابة"، مشيرا في الوقت ذاته إلى أنه في حال شكت الشرطة بوجود شبهات حول بعض العاملين في المجال الخيري فإنهم يستدعون للتحقيق.

بدون عنوان

وعن آلية متابعة تلك الملفات، أوضح البطنيجي أنه يتم التواصل مع وزارة الداخلية لمتابعة الجمعيات ومن ثم تتحرك الشرطة كذراع تنفيذي لاستحضار اي جهة للبحث في اجراءاتها العملية.

وبحسب متابعته فانه تم القبض على بعض النصابين من منطقة في قطاع غزة وتم اتخاذ الاجراءات القانونية ضدهم.

وتحدث عن شاب ثلاثيني لايزال موقوفا منذ عام على خلفية جمع الاموال والمساعدات باسم جمعيات وهمية، عدا عن شبهات أخرى حوله وتم الشكوى من المواطنين الذين وقعوا ضحية له.

وذكر البطنيجي أن بعض المواطنين في الخارج يقدمون شكاوى، فقد وقع أحد الشخصيات الاعلامية البارزة ضحية لأحد النشطاء وأرسل له الأموال لكنه اكتشف انه نصب عليه فتقدم بشكوى ضده وتم إلقاء القبض عليه ومحاسبته.

ويؤكد أنه يتم استعطاف الناس في الخارج من خلال القصص المصورة بالفيديو لجلب الكثير من المساعدات، وذلك بسبب امتهان الكثير من الشباب لهذا التخصص الذي استغله البعض للنصب.

 جرائم الأموال

هنا واقعة حصلت عليها "الرسالة" من مصادر رسمية، تؤكد أن بعض الشخصيات المعروفة تمتهن النصب من خلال جمعيات وهمية، وقعت الحادثة عقب العدوان الأخير على غزة، حينما انتحل ناشط شبابي معروف شخصية رجل أعمال لجمع التبرعات من ممولين خليجيين وحصل بعدها على أموال كثيرة بعدما سلك طرقا محرمة قانونيا.

قام "الناشط" الشبابي "س. ع" منتحل الشخصية بجمع صور لفقراء وأعطى معلومات مضللة لممول خليجي، حتى حصل على المساعدات لأصحاب المنازل المدمرة لإعادة بنائها، لكن تبين أنه يأخذ الأموال لحسابه الخاص ويعد المتضررين بالمساعدات ويقوم بتصويرهم في بيوت جديدة ستكون لهم في أقرب وقت.

وكان الناشط الشبابي جامع التبرعات، يأخذ من المحتاجين أموالا كثيرة قد تصل إلى خمسة آلاف دولار بحجة أنه سيدفع الدفعة الأولى من أقساط الشقة الجديدة التي سيمنحها للمحتاج، فيقوم الأخير بتوفير المبلغ وبعد ذلك يختفي الناشط ويصبح المحتاج في مأزق.

تكرار الحادثة السابقة دفع العشرات من المواطنين لتقديم شكاوى ضده حتى وقع في أيدي الشرطة، وبعد استجوابه وفحص الاجهزة التي يعمل عليها تبين أن العشرات من المحتاجين وقعوا ضحية لعمليات النصب التي يقودها.

ورغم أن "س.ع" منتحل الشخصية لا يزال قيد الاعتقال، إلا أنه عرض على النيابة الخروج لتوفير المال للمتضررين لكن النيابة اكتشفت أنه ينوي عقد صفقات نصب جديدة، فهو اعتاد تصوير الفقراء في أماكن غير قابلة للسكن وارسالها للمتبرعين لاستعطافهم وارسال الأموال.

غالبية قضايا النصب تصل مكتب نبيل حليوة رئيس مكافحة الفساد وجرائم الأموال بالنيابة، الذي قابلته "الرسالة" وقال بدوره إن قضايا النصب تنشط بعد الحروب وفي المناسبات كرمضان.

وأكد خلال حديثه أن قضايا الاحتيال التي تبدأ عبر الترويج لحالات فقيرة من خلال مواقع التواصل الاجتماعي تحقق فيها نيابة جرائم الأموال ومكافحة الفساد بإدارة المؤسسات والجمعيات التابعة لهم.

وأشار إلى أن تلك القضايا تحال إليهم عبر طريقتين الأولى الشكوى المباشرة من المواطن الذي وقع ضحية، بينما الثانية تصل من قبل وزارة الداخلية "دائرة المؤسسات والجمعيات التي تراقب طبيعة العمل الخيري والمؤسساتي.

ويوضح حليوة أنهم يتابعون الشكاوى إذا ما كانت الجمعية التي يجلب لها التبرعات مرخصة أو غير مسجلة ولها تجاوزات، مبينا أنه عند احالة المتهم تبدأ النيابة بفتح تحقيق شامل وموسع معه، ومن ثم يحال إلى القضاء لو كان مذنبا.

النيابة: حالات الاحتيال فردية يمكن معالجتها ومحكومة بإجراءات القانون

ويكمل حديثه:" كل قضية تحاسب حسب توصيفها ومن ثم تستكمل الاجراءات حتى ايداعها في المحكمة المختصة، وتكون العقوبة حسب ما تفضي عنه البيانات".

وبحسب قانون العقوبات المطبق رقم 74 لسنة 1936 الخاص بقضايا النصب والاحتيال فإنه يحاسب كل متهم حسب التهمة والعقوبة وقد تزيد عن ثلاث سنوات حسب طبيعة التهمة، ويؤخذ بعين الاعتبار السوابق الاخرى للمتهم عند تقدير العقوبة من قبل المحكمة.

ورغم الشكاوى المستمرة التي تصل مكتب رئيس مكافحة الفساد وجرائم الأموال عن حالات النصب عبر مواقع التواصل الاجتماعي أو استغلال متبرعين في الخارج، إلا أنه يؤكد أنها حالات فردية يمكن معالجتها ومحكومة بإجراءات قانونية، قد تصل إلى اتخاذ اجراءات ضد نساء.

حالة إحدى النساء في القطاع تؤكد ما تحدث به حليوة، فبعد أن احترفت جمع التبرعات من الخارج بحجة توفير حليب للأطفال الرضع، تبين أنها تحول الأموال لحسابها البنكي الخاص.

بعد التحقيق مع السيدة الخمسينية تم محاسبتها قانونيا وايداعها السجن، رغم أن هناك تحفظا في اعتقال النساء بقطاع غزة الا لقضايا كبيرة وحساسة.

 الاحتيال على الأجانب

ومن الأسباب التي دفعت "الرسالة نت" للتقصي في هذا التحقيق، الشكاوى التي وصلتها من خلال عرب يعيشون في الخارج يشتكون من الاتصالات التي تنهال عليهم من قطاع غزة والضفة المحتلة أيضا للحصول على التبرعات.

من النمسا تواصلنا مع هاني إبراهيم فلسطيني يعمل في سلك التعليم، وهو مستشار في احدى الجمعيات الخيرية هناك يتم التواصل معه من حين لآخر للتأكد من حاجة بعض الحالات التي ترسل عبر الفيديوهات أو الايميل أو الاتصالات.

يقول عبر الهاتف وهو ممتعض من كثرة تلك الحالات التي تتفنن في ابتكار الطرق للحصول على الأموال من المتبرعين أو الممولين:" أصبح هؤلاء متمكنين من التعامل مع الأجانب في الحصول على الأموال لاسيما عبر مواقع التواصل الاجتماعي حيث يصورون حالات بحجة الفقر لكن يتبين بعد ذلك كذبهم"

وأوضح أن ما يحصل هو تضخيم وضع بعض الحالات، إلا أن الواقع يكون مغايرا وهناك أشخاص أحوج منهم للمال.

ويشير إبراهيم إلى أن اشخاصا من قطاع غزة متخصصون في الاتصال على سكان منطقة معينة ويقومون بتوزيع الأرقام على بعضهم ويبدأون بالاتصال وشرح المعاناة، مما ترك عدم ثقة لدى النمساويين وقيامهم بردة فعل سيئة.

وبحسب إبراهيم أنه في إحدى المرات تم تحويل مبلغ 1500 دولار لحالة فقيرة لكن الناشط الفيسبوكي الذي روج لها تبين أنه منح العائلة ثلث المبلغ فقط.

الداخلية: لا حصر دقيق لأموال النصب لكن رصدنا مبالغ كبيرة

ويتمنى توعية الأشخاص الذين ينتهجون سبل التسول الالكتروني والنصب كي لا يؤثروا على سمعة مجتمع بأكمله، موضحا أنه والمؤسسات الخيرية التي يتعامل معها قدمت عدة بلاغات على أشخاص قاموا بالنصب وتم اعتقالهم من قبل وزارة الداخلية بغزة.

كما حصلت "الرسالة" على وثائق أرسلها الشاب "م.ك" - نتحفظ على ذكر اسمه- ويقيم في ماليزيا، تتضمن وصولات بنكية وحوالات عبر المراكز المالية لزوجين يعملون في المجال الخيري، تحول لهم الكثير من الأموال إلى قطاع غزة بحجة بناء المنازل التي هدمت في الحرب، لكن الواقع مغاير، فهم يمنحون من يصورونهم القليل من المال والبقية توضع في حساباتهم البنكية.


بدون عنوان

ويحكي "م.ك" أن الزوجين تواصلا معه لمساعدته وارسال التبرعات لكنه رفض بعدما سأل عنهم في قطاع غزة، ولايزال الزوجان وخاصة الزوجة تستعطف الأجانب بمنشوراتها الإنجليزية التي يتجاوب معها الكثيرون.

  لا يوجد رصد دقيق لحجم الأموال

دائرة الشئون العامة والمنظمات غير الحكومية في وزارة الداخلية، لها الدور الأكبر في متابعة عمل المؤسسات الخيرية والاغاثية، ولها بصمتها في متابعة حالات النصب التي وقع ضحيتها بعض الممولين والمتبرعين العرب أو الأجانب، التقت "الرسالة" بمديرها أيمن عايش للاطلاع على طريقة تعاملهم مع تلك القضايا.

في البداية، ذكر عايش أن الجمعيات الخيرية التي تسجل لدى وزارته تمنح التراخيص وفق القانون رقم 1 لسنة 2000، من خلال تقديم الطلب ومرفقاته وإذا استوفت الشروط يتم تسجيلها.

أما الذين يجمعون التبرعات من الخارج ضمن العمل الخيري، يكون التعامل معهم وفق اللائحة التنفيذية لقانون الجمعيات رقم 9 لسنة 2003، ووجهت في نصوصها الانتقالية جميع الاجسام التي تعمل في المجال الخيري لتوثيق أوضاعها كالجمعيات.

وبحسب عايش، فإن هناك الكثير من الأشخاص يتصدرون العمل الخيري اما حبا او للفائدة ويقومون بالعمل بشكل فردي غير منظم، وينقسمون لعدة اصناف اهمهم يتصدى للعملية من دافعية حب العطاء او العمل وهذا موجود ولا يمكن انكاره ولا يندرجون تحت إطار معين.

ويكمل قوله:" هناك صنف اخر هم الشباب الصغار او بعض النشطاء ساعدتهم السوشال ميديا التي فتحت امامهم افاقا كبيرة للتواصل مع العالم الخارجي للوصول إلى المانحين او لمتبرعين او محبي عمل الخير من الخارج، واستفادت هذه الفئة في عرض قصص وروايات لحالات انسانية وظروف اجتماعية ووضع سياسي معين لاستقطاب التمويل عبر هذه الحالات"، متابعا: هؤلاء الشباب جزء منهم يعمل بدافعية الخير، وجزء اخر من باب الرزق، واخرين من أجل الاحتيال وندرجهم تحت مسمى "التسول الإلكتروني".

وعن الشكاوى التي تصل دائرته، يشير عايش إلى أن هناك الكثير منها تأتي من الخارج سواء من قطر أو تركيا أو دول أوروبية للاستفسار عن أسماء أو جمعيات يروج لها أنها تعمل من أجل إغاثة الفقراء.

ويوضح أن أموالا ترسل من الخارج إلى نشطاء الخير كما يدعون، وبعدها تقوم الجهة المانحة بالاتصال للتحقق إن وصلت الأموال إلى المحتاجين، وعند التحقق في القضية نجد في كثير من الأحيان خللا من خلال عمليات الاحتيال التي ينتهجها بعض الشباب الذين لديهم المقدرة على اقناع الممول بالتبرع.

ولفت إلى أن بعض الأشخاص يأخذون نسبة من الأموال لحسابهم الشخصي تحت بند المصروفات التشغيلية والباقي يوزعونه على المحتاجين.

وعن الحالات الفردية التي تعمل دون تنظيم، يقول إنه يتم متابعتها لتنظيم أوضاعها لأن قضايا التمويل بحاجة إلى تنظيم لمعرفة المصادر، وكذلك لمتابعتها إداريا وضبطها اجرائيا، بينما الفئات التي تحاول الاسترزاق يتم الضغط عليها لترتيب أوضاعها قانونيا.

وعن حجم الأموال التي تصل إلى قطاع غزة عبر تلك الفئات، أكد عايش أنها كبيرة، فإحدى الحالات وصل إليها ما يزيد عن 100 ألف دولار خلال فترة عمل بسيطة، موضحا أن من يأخذ المال إلى حسابه الشخصي بعد التحقيق يحال إلى الجزاء القضائي.

وأوضح أن تحويل الأموال تكون عبر الحسابات الشخصية أو مراكز التحويل المالي او بطرق اخرى، لافتا إلى عدم وجود حصر حقيقي للأموال لكن تم رصد مبالغ بعشرات الالاف من الدولارات.

وأكد على أن حالات الاحتيال تعد سلوكا فرديا يعمل على الإساءة في المستوى العام، فقد أتت شكاوى من المجتمع القطري كما وقع قبل وقت، واستهدف بعض الشباب منطقة معينة في قطر بشكل عشوائي الأمر الذي يسبب إساءة لقطاع غزة.

 وبين أن هناك متابعات فنية من قبل وزارته حيث يمكن التقدم بالشكاوى عبر أرقام الهواتف الخاصة بالدائرة أو وسائل التواصل الاجتماعي وهو ما تسبب بخفض هذا الأسلوب في الآونة الأخيرة.

ورغم متابعة الجهات المختصة والدور الذي تلعبه الجهات الخيرية الدولية في الحد من انتشار الحالات التي تحتال عبر استخدامها لمواقع التواصل الاجتماعي، إلا أن عملية ضبطها صعبة، خاصة أن المحتالين يبتكرون طرقا جديدة للحصول على الأموال رغم أن ذلك يسيء لمجتمع بأكمله، لذا لابد من تشديد العقوبات القانونية لتكون رادعا لكل من تسول له نفسه تشويه سمعة المجتمع وأكل مال الفقراء واستغلالهم.

البث المباشر