قائد الطوفان قائد الطوفان

مكتوب: "الكحلوت" ... حين يعزف النايُ جرحَ غزة!

"الكحلوت" ... حين يعزف النايُ جرحَ غزة!
"الكحلوت" ... حين يعزف النايُ جرحَ غزة!

الرسالة نت - ياسمين عنبر

          

 

اثنان وعشرون عامًا من عمر الجريح "إياد الكحلوت" كانت كافية؛ لأن تجعل أي عمل فدائي لأجل الوطن "كالإبرة في الدم"، تدرك هذا الحديث حين يصف مسيرات العودة" بذلك!

فثلاث حروب عايش أحداثها وقهرها، كانت كفيلة بأن تغرس في قلبه ثورة ضد الاحتلال لا تتوقف ما دام الجنود يتبخترون في مشيهم على حدود غزة!

قبل يوم من مليونيه العودة، توجه "الكحلوت" برفقة أصدقائه إلى الحدود، فباتوا ليلهم هناك، يجهزون الكوشوك والمولوتوف، والغضب يلفح قلوبهم لأن السفارة الأمريكية أيضًا تتجهز لتنتقل إلى القدس.

بدهشة كبيرة يروي "الكحلوت" تفاصيل إصابته، حيث اقترب مع الشباب من السياج، فرصدهم جندي يختبئ خلف تلال الرمال، وظل يراقبهم حتى قنصه وهو بين الخيام مع المحتشدين، فصدم من كمية الحقد التي تسكن قلوب الجنود من الثائرين على الحدود.

لم يكن يتوقع "إياد" الذي كان يعزف أوجاع غزة وأهلها أن يقترب منه القهر كثيرًا فيصبح عازفًا لألمه هو، وأن عكازه الذي يرتكز عليه بعد إصابته بات آلة موسيقية يهش بها على حزنه!

"من سيزهر الورود التي نزفت!" سؤال يرتاد قلوب كل المقهورين في غزة، غير أن تخاذل الجميع يجعل الجواب سهلًا لكن "موجعًا"، حين يرون أنهم الجرح والضمادة معًا!

شوق "الكحلوت" لآلات عزفه، جعلته يبحث في الغرفة التي يرقد بها في المستشفى إلى شيء ينسى به آلامه، فتلفت حوله ليجد أن في عكازه نفس الفتحات التي توجد في آلة عزفه.

عزف "إياد" الذي تخترق رجلَه مساميرُ البلاتين، بعد تهتك عظامها، لم يكن مجرد تسلية أو قطع وقت، بل كانت رسالة للعالم أجمع أن غزة تحب الحياة ما استطاعت ذلك.

كما أنه يوصل من خلاله رسالة إلى ذاك الجندي الحاقد الذي استفزه الغضب الذي بدا على وجه شاب عشريني، كي يبقى يلاحقه ويصمم على قنصه "أن على هذه الأرض ما يستحق الحياة".

وسط استغراب الجميع ينقل "الكحلوت" أصابعه بين فتحات عكازه الذي أصبح نايه، يبث العزيمة وحب الحياة في قلوب أهالي الجرحى حوله فيُكبَّل اليأس في نفوسهم.

"هذا العكاز مسكن للألم وسند لي بعد إصابتي"، يحكي الكحلوت، راجيًا ألا تتوقف مسيرات العودة، ويكمل: "أناشد كل الثائرين في الوطن والشتات ألا يثني عزائمهم قهر الاحتلال لهم".

لأجل أطفال غزة الذين عصفت بهم سنون الحصار، خرج "الكحلوت" إلى الحدود ثائرًا، ولأجل القدس التي تداس قدسيتها في ظل صمت عربي وإسلامي.

 

 

البث المباشر