قائمة الموقع

مكتوب: قراءة أولية للحراك الأردني

2018-06-07T07:00:57+03:00
وسام حسن أبو شمالة
وسام حسن أبو شمالة

أثيرت العديد من المقاربات لفهم طبيعة الحراك الأردني ودوافعه ومئالاته، فالاردن الذي راهن الكثيرون على صعوبة بقائه واستقراره كنظام يفتقد للمقومات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية عوضا عن أزمة الهوية والديموغرافية... إذا به يصمد في وجه كل التحديات التي واجهته منذ نشأته، وذلك بفعل العديد من العوامل وأهمها قيامه بدوره الوظيفي.

لقد استطاع النظام الحفاظ على مكانته الإقليمية والدولية واستثمار موقعه الجيوسياسي بجانب دولة الاحتلال والخليج ومصر والشام باعتباره قادرا على ممارسة أدواته الدبلوماسية للتأثير على دول وكيانات وازنة للحفاظ على المصالح الأمريكية والإسرائيلية تجاه قضايا مركزية واهمها القضية الفلسطينية والحركات الإسلامية والإرهاب والحد من نفوذ إيران في المنطقة وفي مقابل الخدمات والمعلومات يحصل النظام على الدعم ومن الاستقرار والبقاء.

اقتصاديا يعتمد الأردن على اقتصاد ريعي بشكل شبه كامل، فالمعونات الأمريكية والخليجية هي العمود الفقري لاقتصاد الأردن كونه يفتقد للموارد، وقد حصل الأردن على ما يقرب من 8 مليارات دولار أمريكي خلال السبع سنوات الماضية عوضا عن دعم خليجي سخي....

ومع تراجع أهمية الدور الأردني في ظل الحلف الإستراتيجي الأمريكي الإسرائيلي السعودي، ومع السياسة الأمريكية والسعودية الجديدة القائمة على "أمر السيد وطاعة العبد"، فإن المعضلة الأردنية تكمن في صعوبة البدائل والخيارات التي تعني تغيير الحلفاء بزاوية 180 درجة وما لذلك من خطورة قد تصل لمجازفة تهدد بقاء النظام.

بدأت الأزمة مع طلب السعودية موافقة أردنية كاملة للسياسة الخارجية السعودية في المنطقة ومتطلبات الحلف السعودي الإسرائيلي الأمريكي حتى لو تعارض الأمر مع المصالح الأردنية الإستراتيجية، وقد تجلى الخلاف حول صفقة القرن خاصة في قضيتي القدس واللاجئين وعودة الهاجس الأردني من الوطن البديل الذي ما زال يعتبر أحد أهداف اليمين الصهيوني وحزب الليكود، وعليه جمدت السعودية خطة إنعاش الأردن ماليا التي أقرها مجلس التعاون الخليجي مما فاقم الأزمة الاقتصادية الأردنية فتوجه الأردن لصندوق النقد الدولي الذي يشترط مجموعة من المعايير ستؤدي في المحصلة لزيادة الخصخصة وتقنين الانفاق العام وبالتالي فرض مزيد من الضرائب وزيادة أعباء المواطن الإقتصادية مما أدى إلى حركة الاحتجاج التي توصف بالاكبر منذ نشأة النظام خصوصا أنها تتحول تدريجيا من مظاهرات مطلبية إلى مظاهرات سياسية كونها مدعومة من الطبقة الوسطى التي تتخطى عادة المطالب المعيشية لتصل لحد المطالبة بحقوقها السياسية، وقد انتشرت المظاهرات وعمت الأردن وبدأ مجلس النقابة الذي أشعل هذا الحراك يفقد السيطرة عليه تدريجيا.

اتجه الملك الأردني لمجموعة من الخطوات التي فهم منها أنها إشارات تحذيرية بإعادة تموضع الأردن في تحالفاته الإقليمية فحضر مؤتمر قمة منظمة التعاون الإسلامي الأخيرة في إسطنبول رغم طلب الأمير السعودي بن سلمان بعدم الحضور، وقيام الملك بمصافحة الرئيس الإيراني إضافة للأنباء التي ترشح عن لقاءات أردنية سورية في دمشق تهدف لتطبيع العلاقات مع النظام برعاية روسية.

المقاربات حول مستقبل الحراك الأردني مرهونة بمواقف الأطراف الرئيسية من الأزمة خاصة السعودية التي ستحاول استغلال الحراك لاستمالة النظام لصالح مواقفها بالكامل مقابل استمرار تدفق المنح وهو مرهون بمدى استجابة الشعب لقرارات مطلبية لا تتخطى المطالب السياسية.

قد يلجأ النظام لإعادة خارطة تحالفاته ويعزز العلاقة مع تركيا وقطر وإيران وسوريا كنوع من تهديد حلفائه الطبيعيين لإعادة التوازن واحترام دور الأردن وعدم فرض الإملاءات التي تتعارض مع مصالح الأردن الإستراتيجية ومن ثم العودة للحاضنة الطبيعية للأردن اقليميا ودوليا.

السؤال الأهم هو الموقف الصهيوني والذي ربما سيكون له دور بارز في مستقبل الحراك، فتقدير المصلحة الإسرائيلية قد تندرج في إطار خطط تصب في تنفيذ صفقة القرن، فضعف النظام وانهياره قد يكون فرصة لتنفيذ مشروع الوطن البديل والقضاء على فكرة الدولة الفلسطينية، وقد يتحول لتهديد سيؤدي لإعادة تسخين الجبهة الأردنية ذات الحدود الأطول مع فلسطين واستغلالها من قوى المقاومة.

على كل الأحوال فإن موقف الأردن في إعادة تموضعه قد يكون ممرا اجباريا إذا أراد البقاء كدولة لها دور وليس نابعا من مواقف وطنية او قومية بقدر الاستغناء عنه كحليف يقدم الخدمات والمعلومات والوساطات مع الاحتلال.. فالكل يهرول تجاه الاحتلال والتطبيع معه دون وسطاء.

 هذه قراءة أولية يصعب معها رسم سيناريوهات لمستقبل الحراك، وقد تسهم الأحداث وتطورها في قادم الأيام في المساعدة لصوغ تقدير موقف أكثر دقة.

اخبار ذات صلة