من قال إن رفض المستشار القضائي للحكومة الإسرائيلية وهو يتصدّى لجماعة الضغط في الحكومة والأحزاب اليمينية في حملة مصادرة الأرض من بوابة (قانون التسوية) حقيقي، إنه فقط يضع المساحيق أمام العالم الرافض لجريمة الاستيطان.
قضم الاستيطان متواصل بشراهة لكن الغطاء القانوني الذي تحاول به (إسرائيل) تجميل موقفها أمام المحاكم الدولية ولوبي المقاطعة المتنامي لا يعد إلا فخّاً لتهويد أكثر من 65% من الضفة المحتلة.
وسيكون للقانون تداعيات خطيرة فهو سيشرعن 50 بؤرة استيطانية، ويمنح تراخيص لنحو 4000 وحدة استيطانية قائمة على أرض فلسطينية، ومصادرة فورية لنحو 8 آلاف دونم بملكية خاصة.
حقيقة الأمر أن التباين النسبي في المواقف هو خلاف بين فرق اليمين واليمين المتطرّف الموزعين حول (نتنياهو) وعلى حقائب الوزارات وأحزاب المستوطنين في مرحلة انكشفت فيها سوءة الاحتلال وتضررت سمعته من الاستيطان بشكل تزامن مع استمرار مسيرات العودة.
ضم الضفة المحتلة
وحده (دونالد ترامب) الرئيس الأمريكي من حفّز شهية أحزاب المستوطنين لممارسة مزيد من الضغط على أصحاب القرار ومقربي (نتنياهو) لتمرير المخطط فنقل السفارة الأمريكية للقدس خطوة مهمة على الطريق العام.
ويحذر د. جمال عمرو الخبير في شئون الاستيطان والقدس من تداعيات القرار فهو غير بريء من المخطط الرامي لتهويد كامل القدس بشطريها لأن الشطر الشرقي البالغ 20% منها مستهدف مؤخراً بشكل متصاعد خاصةً البلدة القديمة والمسجد الأقصى مع فهم تمدد مساحة القدس عامةً بعد احتلال 1967.
ويضيف: "الاحتلال يرفض تسجيل الطابو للمقدسيين تاريخياً لذا لم يحصلوا من قديم على رخص بناء وهذه الذريعة استغلها الاحتلال لمصادرة أرضهم لأسباب عسكرية في وقت يتزامن مع صفقة القرن".
ويسمح القانون للاحتلال مصادرة أراض يملكها فلسطينيون بنيت عليها مستوطنات عشوائية، ويفرض دفع تعويض لمالكي الأراضي الفلسطينيين الذين استولى مستوطنون على أراضيهم.
وكانت المحكمة العليا الإسرائيلية ناقشت الالتماس الذي قدمه 17 مجلسا محليا فلسطينيا وثلاث منظمات حقوق إنسان فلسطينية في مارس الماضي، مطالبين بإلغاء 'قانون التسوية' باعتباره مناقض للقانون الدولي الإنساني لأنه يرمي لضم أجزاء من الضفة الغربية، وهو ما يدعو إليه وزراء الحكومة الاسرائيلية.
ويقول الخبير عمرو إن الاحتلال طلب من كافة أصحاب الأراضي التوجه لدوائر التسوية وإبراز الاوراق الثبوتية المعترف بها من الاحتلال والتي لا يمتلكها كاملة كثير من الفلسطينيين لذا سيجردهم من ملكيتهم لها وهي خطة تنال من ملكيات فلسطينيين يسكنون الآن خارج القدس سواء في مدن الضفة أو الأردن ومناطق أخرى.
أما عبد الهادي حنتش الخبير في شئون الاستيطان فيقول إن (قانون التسوية) صدر كطرح مبدئي قبل ثلاث سنوات ومن يومها يسيطر المستوطنون على أي قطعة أرض يدعون ملكيتها.
ويتابع: "اليوم يتسابق الوزراء في تعزيز الاستيطان وقبل أيام صدر قانون 1797 يحذر الفلسطيني من البناء في منطقة C وإلا سيتعرض بيته للهدم، والاحتلال يركز حالياً على منطقة C الممثلة 62% مضاف لها شوارع التفافية ومناطق أخرى وبتمرير قانون التسوية سيهوّد 65% من الضفة والقدس".
ويسعى القانون لربط بؤر استيطانية وعسكرية ومحاصرة سكان ومنازل فلسطينيين بل يتعدى ذلك لمناطق a وb ولا ننسى انهم عام 2014 صادروا 6400 دونم من مناطق a و" b.
تشريع الاستيطان
خطة الاحتلال هي اتباع إجراءات قانونية تخدم المصادرة ثم يخاطب العالم قائلاً إنه طلب من مدعي الملكية إثبات حقهم بالأوراق وعندما يعجزون عن الوفاء بشروطه يصادرها، ليس ذلك فقط بل إن المقدسي والفلسطيني حسب توقع الخبير عمرو يدفع قريباً ضريبة الأرض والعقار الذي ستثبت ملكيته له.
ويرى د. عمرو أنه قبل أيام ثارت زوبعة صحفية حول معارضة مكتب المستشار القضائي للحكومة الإسرائيلية، (أفيحاي مندلبليت) لـ"قانون التسوية"، الذي يرمي لمصادرة أراضي الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة وشرعنة البؤر الاستيطانية العشوائية ومبان في المستوطنات مقامة على أراض فلسطينية خاصة.
الإعلام الإسرائيلي عدّ ما جرى خطوة غير معتادة حين انضم مندوب عن المستشار القضائي للحكومة الإسرائيلية إلى الملتمسين ضد القانون علماً أنه في شباط من العام الماضي سنت الهيئة العامة للكنيست "قانون تسوية الاستيطان".
ويشار إلى أن هناك انقساما في عدة ملفات بين اقطاب اليمين واليمين المتطرف تتعلق بالاستيطان وملف غزة الذي شكل بوابة إحراج جديدة أمام المجتمع الدولي في حين يتلمّس المستشار القضائي للحكومة مخرجاً لتبرير قانون التسوية أمام محكمة الجنايات الدولية.