في حراك دبلوماسي دولي هو الأوسع منذ حصار غزة قبل عقد من الزمن، كما وصفه رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" إسماعيل هنية، تدور ثلاثة أطراف مهمة ورئيسية لإطفاء الحرائق المشتعلة جنوب الاراضي المحتلة، بدون ثمن سياسي حقيقي كما تفيد مصادر مطلعة للرسالة.
الاطراف الثلاثة تتمركز نحو ممثل الامم المتحدة لعملية السلام نيكولاي مالدينوف والنرويج بصفتها مفوضة عن الاتحاد الاوروبي، إضافة لمصر كوسيط رئيسي.
تجاوز السلطة
سقف العروض المطروحة، لم تتخط الجانب الانساني لهذه اللحظة، كما أنها لم تتبلور في خطة واضحة المعالم للفصائل، بيد أن أوساط مقربة من المباحثات، تشير الى محاولة تلك الاطراف لتقديم رؤية لـ "التخفيف" عن غزة بواسطة طرف ثالث!، بغية التجنب عن الحديث المباشر مع حركة حماس وفصائل المقاومة بغزة.
البحث عن طرف ثالث جاء بعدما اخفقت الاطراف المختلفة اقناع السلطة الفلسطينية بتمثله من اجل حل المشكلة العالقة في غزة، ومع فشل التوصل لعملية المصالحة الفلسطينية الداخلية بفعل تعنت السلطة، وهي محاولة لم تنضج وفق تقديرات سياسية لمراقبين في شأن المباحثات الجارية.
الوسيط المصري الأبرز في تلك المساعي، لم ينجح في جمع حركتي حماس وفتح مجددا بسبب طلب فتحاوي، بعدم عقد أي اجتماع ثنائي جديد، كما أن هذا الوسيط وعد بإرسال وفد لرام الله من أجل تحريك ملف المصالحة، وهو ملف مرهون بمدى تخلي فتح عن عقوباتها تجاه غزة، كما ذكر عضو المكتب السياسي لحركة "حماس" موسى ابو مرزوق للرسالة.
ورهن ابو مرزوق أي لقاء مع فتح بأن يسبقه اعلان واضح وصريح عن رفع العقوبات والبدء في تنفيذ ذلك، "فسابقا جلسنا مع فتح في القاهرة رغم فرض العقوبات، لقناعتنا ان الوفاق الوطني قد يغلب في النهاية، لكن فتح فاجأتنا بفرض المزيد من العقوبات، ولا يمكن لأي قيادة في حماس ان تجلس مع فتح في ظل استمرار العقوبات"، مشددًا على ترحيب حركته بالحوار مع فتح الا انها تتمسك بضرورة رفع الاجراءات العقابية اولا، والتوجه نحو مصالحة وطنية حقيقية.
السلطة الفلسطينية وباعتراف عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير صالح رأفت، كشف عن رفض قيادة السلطة لعرضين؛ لبحث الوضع الإنساني، وهما "دعوة البيت الأبيض قبل شهرين ودعوة من نيكولاي مالدينوف مبعوث الامم المتحدة لعملية السلام لعقد اجتماع تشارك فيه اسرائيل ومصر والسلطة".
وقال رأفت لـ "الرسالة نت " إنّ مؤتمر واشنطن يهدف لفصل الضفة عن غزة، "لذلك لم تشارك به السلطة بينما شاركت سبع دول عربية في إطار التمهيد لصفقة القرن".
وأوضح رأفت أنّ موقف السلطة ينحصر في التأكيد على أن الاحتلال هو سبب مصائب الشعب الفلسطيني بالضفة وغزة، وهو المطالب برفع اجراءات الحصار.
وردًا على سؤال يتعلق بإجراءات السلطة ضد غزة، ذكر أن اللجنة الخاصة بغزة التي شكلتها اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، أوصت باجتماع خاص لها عقد يوم السبت، بضرورة استكمال صرف 50% من الراتب قبل حلول عيد الفطر، وجدولة صرف بقية الرواتب.
كما أن اللجنة اوصت بضرورة رفع الخصومات كاملة، "وان كان هناك عجز مالي فيتحمله جميع الموظفين بالضفة وغزة والخارج ومن أعلى هيئة في السلطة إلى ادناها وليس فقط في قطاع غزة"، بحسب رأفت.
وأشار إلى أن اللجنة اوصت بضرورة المتابعة مع القاهرة لاستكمال تنفيذ اتفاق اكتوبر الماضي بين "فتح" و "حماس".
عروض دولية
وعلى صعيد العروض الدولية، أكدّ ابو مرزوق لـ "الرسالة" أن حركته تلقت عددا من العروض "الشفوية" من أطراف مختلفة، اشترطت ضرورة تهيئة الاجواء لمساعدة قطاع غزة للخروج من الأزمة الراهنة.
وبين أبو مرزوق أن من هذه الاطراف الاتحاد الاوروبي الذي سمى النرويج إضافة لمصر كفاعل اساسي في موضوع البحث، ورصدوا لذلك أموالا، "ويحاولون أن يتلمسوا الظرف المناسب لمعالجة القضايا الأساسية في غزة".
وذكر أن الاتحاد الاوروبي أعلن عن رصد مبالغ لتحسين الوضع الاقتصادي في غزة، اضافة الى وعود مصرية بتحسين الوضع الانساني من خلال فتح المعبر وتزويد القطاع بالكهرباء وغيرها من الوعود.
وعلى ضوء ذلك، أكدّ عضو المكتب لحركة المقاومة الإسلامية حماس خليل الحية، أن الحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة بدأ يترنح وسينكسر بفضل مسيرة العودة.
وقال الحية للرسالة: "نسمع عن وعود وجهود دولية وعن قرار دولي اتخذ لفك الحصار عن غزة، لكن لم تتضح آليته".
اما نائب رئيس المجلس التشريعي أحمد بحر، فنوه في حديثه للرسالة، إلى أنّ الحديث السياسي لم يصل لمرحلة ما يتم تناقله اعلاميا من بعض الجهات.
المستوى (الإسرائيلي) لم يبرح لهذه اللحظة عقلية وزير حرب الاحتلال افيغدور ليبرمان، الذي يربط أي محاولة لتخفيف الحصار عن غزة، بتسليم جثامين جنوده، في موقف مخالف لتقديرات المؤسسة الامنية التي تنادي بتخفيف الضغط على غزة، لا سيما في ظل استمرار الانفجار الشعبي على حدود القطاع.
أما جوهر الحديث في حول الترتيبات، فتشير الاوساط إلى أنها لم تتعد لهذه اللحظة تسهيلات تجارية في المعابر الاسرائيلية والمعبر المصري، دون الحديث عن أي مستوى متقدم في قضايا جوهرية متعلقة بالميناء والمطار والاتفاق الشمولي المتعلق بالقضية الفلسطينية.