مكتوب: البالونات الحارقة تحيّر الاحتلال وتزيد كلفته

صورة ارشفية
صورة ارشفية

محمد بلّور-الرسالة نت

الاحتلال الذي يشغله أسلوب جديد من المقاومة الشعبية تتركز قوته في ضعفه، تدرج في التصعيد من التهديد إلى إطلاق الرصاص ثم صواريخ طائرات بدون طيار على الشبان حتى وصل لمرحلة قصف مواقع المقاومة والاستهداف المباشر.

الجبهة الداخلية في (إسرائيل) نسيت بالكامل أن الأسلاك الشائكة من جهة الشرق والجنوب يعيش فيها مليونا إنسان محرومين من أبسط مقومات الحياة الآدمية، إنهم لا يستيقظون إلا عند بدء سقوط القذائف على مستوطنات النقب والجنوب.

وبدأت مجموعة من الشبان بإطلاق بالونات وطائرات ورقية بأسلوب مبتكر للتعبير عن الغضب من استمرار حصار غزة مع بدء مسيرة العودة الأمر الذي أزعج الاحتلال عندما بدأت الحرائق تندلع في مستوطنات النقب الغربي.

وزادت وتيرة العدوان على شبان الطائرات والبالونات في الأسبوع الماضي حتى أطلق الاحتلال عليهم في ساحات مسيرة العودة صواريخ طائرات الاستطلاع وفتح نيرانه الرشاشة ما أدى لإصابة عدد منهم ووقوع أضرار مادية في ممتلكاتهم.

عجز القوة

ترى المناوبين في وحدة (جولاني) ماذا بوسعهم أن يفعلوا لمجموعة فتيان يطلقون قبسا من نيران غزة التي حاصرتها (إسرائيل) اثني عشر عاماً ولم يقف معها اليوم إلا الرياح التي تساعد البالونات على اندلاع النيران.

يقول اللواء المتقاعد يوسف شرقاوي الخبير العسكري إن الطائرات الورقية والبالونات أسلوب مقاومة شعبية يحاول زيادة فاتورة الاحتلال وتقليل فاتورة الضحية، والمتابع لتصريحات (ليبرمان) وقادة الجيش يفهم أنهم عاجزون عن مكافحة الظاهرة.

المقاومة الشعبية حسب رؤية الخبير شرقاوي تغير مفهوم الوعي العالمي من أجل الانتباه لمعاناته ويمضي لتأييد شعب تحت الاحتلال بعد أن فشلت كل الأطراف وتقاعست عن دورها.

ويتابع:"هذه معادلة روح وتسعى لفك حصار غزة وأتوقع مزيدا من الابداع في المقاومة الشعبية السلمية لأن غزة تركت وحدها على المستوى السياسي والدبلوماسي والاعلام الدولي لم ينصفها".

الجدل محتدم في المؤسسة الأمنية والعسكرية الإسرائيلية في ظل خلاف حاد بين وزراء الحكومة الإسرائيلية و(الكابينيت) حول كيفية الرد على الطائرات الوقية الحارقة واحباطها قبل ارسالها.

ولم يحدد (نتنياهو)، ووزيره (ليبرمان)، الموقف النهائي رغم تلويح الأخير بالعودة لسياسة الاغتيالات فيما يضغط وزير التعليم (نفتالي بينت)، ووزير الأمن الداخلي (جلعاد أردان)، باتجاه المصادقة على استهداف مطلقي الطائرات من الجو، والتعامل معهم كمطلقي الصواريخ.

ربما لا يزال نتنياهو وليبرمان وآيزنكوت يعارضون الاستهداف من الجو، خوفا من اندلاع تصعيد عسكري، وبالمقابل يؤيدون الاستمرار في قصف مواقع حماس، ردا على الحرائق وقد بدأت رؤيتهم تترجم عملياً منذ مساء الأحد حين بدأت الطائرات الحربية قصف مواقع للمقاومة على طول قطاع غزة.

ويؤكد د.هشام المغاري الخبير في الشئون الأمنية أن الاحتلال يرفض ويجرّم أي نوع من المقاومة الشعبية ويصفه بأنه سلوك إرهابي دون النظر لمباديء القانون الدولي والقانون الإنساني.

ويضيف: "كفلسطينيين نعرف أنه لا يوجد مقاومة بدون خسائر وقد تسببت البالونات والطائرات في خسائر مادية وانخفضت نسبة الأمان لدى المستوطنين رغم أن خسارتهم المادية ليست كبيرة".

عسكرة الميدان

وكالعادة منذ بدء مسيرة العودة يحاول الاحتلال إدارة دفّة المشهد لعسكرة الميدان وجرّ مقاومة عدّلت قبل أسبوعين قواعد الاشتباك فقصف مستخدما الطائرات والمدفعية مواقع المقاومة بذريعة استمرار حرائق بالونات غزة.

وجاء في بيان جيش الاحتلال أنه مُصمم على الاستمرار في هجماته لوقف الظاهرة حتى وإن كان ذلك بحاجة لاستجابة أكبر، زاعما ان لديه القدرة الاستخباراتية والتشغيلية للضرب بقوة أكبر وبكثافة أعلى ومحملاً حركة حماس المسؤولية عن جميع الأحداث والعواقب.

لكن المقاومة لم ترغب في العودة للمربع الأول بعد أن عدّلت جزءاً من قاعدة الاشتباك منتصف رمضان فردت برشقة قذائف ضمن معادلة (القصف بالقصف) قبل أن يخيم الهدوء المشوب بالحذر على غزة، وعادت صباح أمس للرد على قصف الاحتلال برشقة اضافية من الصواريخ والقذائف.

ويؤكد الخبير شرقاوي أن جيش الاحتلال تدرّج سريعاً في استهداف شبان البالونات والطائرات الورقية الذين تمكنوا من استنزاف الاحتلال، داعياً المؤسسات الانسانية أن تلتف وتجرم استهدافهم بالصواريخ.

وبلغ عدوان الاحتلال وهو يتذرع ويضخّم خطر البالونات والطائرات الورقية حداً عاد فيه (ليبرمان) يهدد بمواصلة سياسية الاغتيالات ونقلت القناة العبرية "13" عنه قوله لمستوطني الغلاف إن الجيش سينتقل قريباً إلى عمليات رد أشد عنفاً بما في ذلك القيام بعمليات تصفية جسدية.

ويقول الخبير المغاري إن الاحتلال منذ انتهاء حرب (2014) يحاول اتهام حماس ويحملها المسئولية بحجة أنها المسيطر على غزة ويسعى لتدفيعها الثمن لأنها قوية بغزة.

ويدعو المقاومة وعلى رأسها حماس للحذر والعمل بحكمة حتى لا تفقد المزيد من امكاناتها ومقدراتها، مشدداً على ضرورة استمرار أشكال المقاومة الشعبية مثل الطائرات الورقية والبالونات التي بإمكان الآلاف ممارستها بتكلفة بسيطة.

البث المباشر