تتوق الجماهير العربية المتسمرة أمام شاشات التلفاز لمتابعة مونديال روسيا 2018 لنصر يعوضها عن الهزائم الكبرى على الصعيد الداخلي والخارجي.
لكن المشاركة العربية للمنتخبات الأربعة مصر والسعودية وتونس والمغرب أثبتت من خلال نتائج مباريات الدور الأول أنها امتداد للواقع العربي من المحيط للخليج القابع في ذيل قائمة التصنيف السياسي والعسكري والاقتصادي والعلمي، رغم ما تملكه من مقدرات وثروات هائلة.
حالة انهزام يلخص أسبابها الدكتور فاروق القاسم-العالم الجيولوجي العراقي الأصل النرويجي الجنسية " تحت عنوان (استثمار العقول) حيث يقول:
لا تحدثني عن ثروة أي بلد وأهله مشحونين بالحقد والعنصرية والمناطقية والجهل والحروب، نيجيريا من أكثر الدول غنى بالثروات والمعادن، ومن أكبر دول العالم المصدرة للبترول، ولكن انظر إلى حالها ووضعها والسبب أن الإنسان فيها مشبع بالأحقاد العرقية ومحمل بالصراعات!
فيما سنغافورة البلد الذي بكى رئيسه ذات يوم، لأنه رئيس بلد لا توجد فيه مياه للشرب! اليوم يتقدم على اليابان في مستوى دخل الفرد!
ويتساءل الدكتور القاسم هل فكرت وأنت تشتري تلفون جالكسي أو أيفون كم يحتاج هذا التلفون من الثروات الطبيعية؟
ستجده لا يكلف دولاراً واحداً، ولكنك تشتريه بمئات الدولارات تتجاوز قيمته عشرات براميل النفط والغاز، والسبب أنه يحتوي على ثروة فكرية تقنية من إنتاج عقول بشرية!
المونديال لا يخلو أيضا من إسقاطات تكشف حالة الاشتباك في ملعب الكرة والسياسة، وعلى سبيل المثال يصف المحللون الكرويون المجموعة الثانية في المونديال، بأنّها «مجموعة الموت»، بحكم تواجد أسبانيا بطل العالم في النسخة قبل الماضية، والبرتغال بطلة أوروبا، إضافةً إلى المغرب وإيران. لكن خصوصيةً تاريخية أخرى تجعل من هذه المجموعة حقًّا «مجموعة الموت»، كون المغرب يمتلك تاريخًا حافلًا بالحروب والصراعات المريرة مع كلٍّ من أسبانيا والبرتغال.
في المقابل لم يتمكن المنتخب الإيراني المشارك للمرة الخامسة في كأس العالم، إمضاء فترة تأهيل واستعدادات جيدة؛ بسبب المشاكل التي واجهته من بوابة الأزمات السياسية، بعدما نقضت أمريكا الاتفاق النووي الإيراني، وأصدرت أوامرها إلى الشركات الأمريكية بمقاطعة إيران، تزامنًا مع مساعي بعض الدول الخليجية لتأليب العالم على إيران، ورغم ذلك فإنه وفقًا للموقع الرسمى للفيفا، فكرة القدم الإيرانية ينتظرها مستقبل باهر.
هزائم المونديال التي تتوقف، وتصنيف العرب الكروي لن يتغير إلا إذا ارتقى تقييمهم الإنساني.