قائمة الموقع

مكتوب: ذاكرة "أبو مسعد".. بين صلاة العيد على أرض العودة وبيدر "السبع"

2018-06-24T08:19:17+03:00
صورة أرشيفية
غزة- ياسمين عنبر  

"سمك الفسيخ، راحة الحلقوم، كيلو التفاح، شوط البرغوت، كعك جدته، صلاة العيد على البيدر" هي بعض من طقوس العيد التي نبشت في ذاكرة التسعيني "أبو مسعد زيادة" في بئر السبع قبل الهجرة المقيتة.

بمجرد وصول الحاج "زيادة" على الحدود الشمالية لقطاع غزة، شعر وكأن نسمات من هواء بئر السبع قد جاءت تعانقه، يحكي لـ "الرسالة": "لأول مرة منذ سبعين عامًا يمر علي العيد بفرحة حيث شعرت بأني أقترب من قضاء العيد في بلدي".

على شجرتين أمام حاكورة جده، كانت جدته بعد ليلة السابع والعشرين من رمضان تربط حبلين على جذعين طويلين، وتربطهما بصندوقين خشبيين صانعة لهم "المراجيح" التي تدخل البهجة إلى قلوبهم.

"شوط البرغوت" كان أكثر ما يبهج "زيادة" وأبناء حارته.. وهو ذلك الشوط ما قبل الأخير لهم على المرجيحة الخشبية، والذي يرددون فيه أهازيج العيد "طيري وهدي ياوزة عبلاد غزة يا وزة".

"سمك الفسيخ" كان طقسًا رئيسيًا من طقوس عيد الفطر، حيث كان الأجداد يعتقدون أنهم عند تناوله فإنهم يعوضون الحرمان من العطش الذي تعرضوا له في رمضان، حيث يتناولون بعد أكل الفسيخ كميات كبيرة من الماء.

بينما كانت نساء حارته يعدون "الجريشة" كطعام بديل لمن لا يفضل تناول الفسيخ المالح"، وبتنهيدة يحكي: "كانت البساطة طاغية على أعياد فلسطين قبل النكبة وكنا ننتظر عيد الفطر بشوق كبير".

بينما كان "الكعك" الذي تجهزه نساء الحي مجتمعات وهن يرنمن الأهازيج الشعبية هو الحلوى المفضلة في عيد الفطر، عدا عن القطين (التين المجفف) وراحة الحلقوم.

فصول الفرح في قلب التسعيني "أبو مسعد" كلها مرت على ذاكرته، حيث روى طقوس أول أيام العيد بفرح.

يقول: كانت حوالي أربعة نساء يتغطون بعباءة سوداء من عباءات الرجال وتضعن على وجوههن "الصفية" أي الشالة الحمراء ويتزيَّنَّ بقلائد الذهب ويرددن: "بتعيد العيد على خير يابو فلان..وكل عام وانت بخير يابو فلان".

صلاة العيد على الحدود أعادت إلى ذاكرة السبعاوي "أبو مسعد" بهجة صلاة العيد على البيادر، ففي حين كانت الفتيات ينشغلن بتنظيف وسقاية المقابر وتنظيف ما بين القبور، فإن الرجال يذهبون إلى أراضي البيادر للصلاة هناك.

وبعد سبعين عامًا، شعر كأن الأجواء تتكرر، حيث اصطفاف الرجال على الرمال على الحدود، كملامستهم لرمل البيادر في بئر السبع، ولعب الأطفال حولهم أعاد قلبه إلى حارته في بلدته قبل الهجرة.

رجال بئر السبع ونساؤها وأطفالها جميعهم كانوا يتوجهون بعد صلاة العيد إلى المقابر، يقول الحاج "أبو مسعد": "كنا نحن الأطفال نستغل وجود النسوة أمام القبور وهن يحملن صواني الكعك يوزعون رحمة على الميت الذي أتوا لزيارته، فنقف عند كل قبر كأننا نتمتم بالدعاء".

حفلات أيضًا كانت تقام في بئر السبع، أثارت أحزان الحاج "أبو مسعد" وأعادته إلى أزقة بلدته، حيث كان الرجال يركبون على الجمال طوال اليوم الثالث من أيام العيد ويتبادلون التهاني مع النسوة الجالسات على أبواب البيوت، ينما كان يسعد والأطفال لأنهم كانوا يوزعون عليهم "الملاميم".

هذه الذكريات وغيرها يخبئها الحاج "زيادة" كجوهرة ثمينة في قلبه، حتى انه لا ينسى أدق التفاصيل، يختم حديثه: "حين بدأت المشاركة بمسيرات العودة حرصت على رواية حكايات بئر السبع لأحفادي لأني شعرت أن العودة قاب قوسين أو أدنى".

 

اخبار ذات صلة