على مدار الساعة تواصل مصبات المياه العادمة ضخ ما بجوفها داخل شاطئ البحر، بعد عجز البلديات في القطاع عن توفير الوقود اللازم لتشغيل محطات المعالجة، في ظل انقطاع التيار الكهربائي لساعات متواصلة.
ومع دخول فصل الصيف وحاجة المواطنين للذهاب إلى الشاطئ للترفيه والاستجمام كون البحر المتنفس الوحيد لأهالي القطاع، اصطدمت العائلات الغزية بالرائحة الكريهة وتلوث المياه لدرجة جعلت السباحة محظورة وفقاً لمعايير الصحة العالمية.
ولعل أكثر المتضررين من مصبات المياه العادمة في بحر غزة هم أصحاب المشاريع المؤقتة "الاستراحات" التي تعتمد على الزائرين للشاطئ خلال موسم الصيف، بعد عزوف العائلات الغزية عن الذهاب للبحر خوفاً من الأمراض والأوبئة التي يسببها التلوث.
في جولة "للرسالة" على شاطئ البحر تنقلنا خلالها بين أصحاب الاستراحات، الذين أجمعوا أن نسبة وصول المواطنين للشاطئ خلال هذا الصيف تقلصت بنسبة تزيد عن النصف مقارنة بالأعوام الماضية، ما كبدهم خسائر مالية، أو على الأقل جعلهم يودعون الموسم دون أي أرباح مالية تذكر.
يحكي أبو النعيم صلاح صاحب استراحة على بحر غزة أنه يعيش موسماً من أسوأ المواسم على الإطلاق بعد اجتياح مياه الصرف الصحي المنطقة التي يقبع بها مصدر رزقه، ما جعل المواطنين يعزفون عن المجيء لاستراحته، إثر انتشار رائحة الصرف الصحي وتلوث مياه البحر.
ويبين صلاح أنه وأصحاب الاستراحات المجاورة، لم يستطيعوا حتى اللحظة جمع ثمن الإيجار الذي تجنيه البلدية منهم، بحيث كانوا يجمعونه خلال المواسم الماضية خلال الشهر الأول من العمل على الشاطئ، مطالباً بوضع حلول عاجلة لهذه الأزمة التي قد تجعلهم يعزفون عن العمل بمصدر رزقهم الوحيد.
ورغم نسبة التلوث العالية على شاطئ البحر، إلا أن بعض العائلات لم تستطع حجب نفسها بشكلٍ قاطع عن الوصول له، ويقول محمد أبو فخر إنه اضطر للمجيء للبحر بعد إلحاح شديد من أطفاله الذي اعتادوا قضاء معظم إجازة الصيف بزيارته للخروج من أجواء المنزل الروتينية.
ويضيف أبو فخر "للرسالة"، "في الأعوام السابقة كنت اصطحب أطفالي الـ 5 لشاطئ بحر السودانية القريب من منزلنا، إلا أنه وبعد استحداث "مصب مياه عادمة بتلك المنقطة" ابتعدت نحو بحر الشمال، ومع ذلك فإن المنطقة يطالها التلوث والمياه العادمة، ما أجبرني على تقليص نسبة زيارة البحر من مرتين في الأسبوع لمرة واحدة في الشهر تجبناً للضرر".
ونتيجة التلوث المرتفع، اضطرت بلدية خان يونس، الاثنين الماضي، إلى تحذير السكان والمصطافين من السباحة في مناطق واسعة من شاطئها، حفاظاً على صحتهم وسلامتهم، بعد أن طرأت عليه تغيرات بيئية تضر بالصحة العامة في حال السباحة، سببها مياه الصرف الصحي.
وأكد يوسف شبير مدير دائرة الصحة والبيئية في بلدية خان يونس، أن الأماكن المحظورة، تمثل منطقة مصب مياه الصرف الصحي الواقع شمال المتنزه البحري، وذلك على بعد 600 شمالاً وجنوباً من نقطة المصب، حفظاً على حياة السكان وتجنيبا للمخاطر الصحية.
بدورها أظهرت نتائج مراقبة جودة مياه شاطئ محافظات غزة لشهر أبريل 2018 تلوث نحو 75% من طول الشاطئ البالغ 40 كلم، بعد تنفيذها عدد من الفحوصات في مختبرات وزارة الصحة وجمع العينات بمساعدة الشرطة البحرية.
وحصرت الفحوصات المناطق الآمنة للسباحة فقط في وسط نفوذ بلدية خان يونس، وجنوب نفوذ بلدية دير البلح، وبداية نفوذ بلدية الزوايدة حتى 600 متر جنوب وادي غزة، والأخير في أقصى شمال قطاع غزة حتى الحدود مع الأراضي المحتلة، بينما تحظر السباحة في كافة المناطق الأخرى بعد إصابة المياه بتلوث الكامل.
جدير بالتوضيح أن منظمة الصحة العالمية WHO تبين في مصادرها بأن السباحة في مياه ملوثة بالصرف الصحي تتسبب في حدوث التهابات الجهاز التنفسي العلوي والتهابات العيون والآذان وتجويف الأنف والجلد إضافة الى التهابات الجهاز الهضمي لمن يبتلعون هذه المياه أثناء السباحة.