الحمد لله وكفى.. وصلاة وسلاما على النبي المصطفى وعلى آله وصحبه أهل الوفا وعلى من تبع هداهم وسار على خطاهم الى يوم الدين.. أما بعد
فإن ظاهرة التبرج والسفور من أعظم المنكرات وأكبر الموبقات التي شاعت في زمننا الحالي في العديد من مجتمعاتنا الاسلامية.. وإن كانت هذه الظاهرة السيئة تختلف من مجتمع مسلم لآخر في انتشارها أو محدوديتها باختلاف وجود عوامل متنوعة تساهم في هذا الانتشار أو الإنحسار لهذه الظاهرة المرضية.. إلا إنها تظل ودون أدنى شك من أعظم عوامل التدمير الذاتي في المجتمع وتقويض قيم العفة والحياء والطهارة فيه.. وإشاعة للفاحشة والرذيلة فيه.. وقد حذر الشرع الحنيف من فتنة النساء أيما تحذير فقد صحّ عن النبي أنه قال: { ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء } وقال{ إن الدنيا حُلوةٌ خَضِرة، وإن الله مستخلفكم فيها فناظر كيف تعملون، فاتقوا الدنيا، واتقوا النساء، فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء } وقال عليه الصلاة والسلام: { ربّ كاسية في الدنيا عارية في الآخرة }، وقال{ صنفان من أهل النار لم أرهما: نساء كاسيات عاريات، مائلات مميلات، رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة، لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها، ورجال بأيديهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس }، وهذا تحذير شديد من التبرج والسفور،
والمتأمل في النصوص الشرعية يجد التحذير الجازم والصارم من هذه الكبيرة التي قد يقع بها بعض نساء المسلمين بعلم أو بدون علم.. ومن ذلك قول الله عز وجل( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً ) [الأحزاب:59]
فالإيذاء كل الإيذاء في أن تكشف المرأة عورتها وتبرز مفاتنها للرجال والأذى هاهنا أذي شخصي في تعرض تلك المرأة للتحرش من الرجال المفتونين بها وملاحقتها بفحش القول ومقدمة مؤكدة للزنا والعياذ بالله وإيذاء عام للمجتمع الذي ستنحدر فيه قيم العفة والحشمة والحياء !
بل إن الله سبحانه وتعالى قد خصص الخطاب لنساء النبي اللواتي هن أمهات المؤمنين بالتزام الزي الشرعي وهو الحجاب وهن أطهر نساء العالمين وأكثرهم عفة وطهرا.. فما بالنا بمن دونهن من النساء.. قال تعالى ( يَا نِسَاء النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاء إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَّعْرُوفاً (32) وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ [الأحزاب:33،32].
وإن الهدي الحكيم نهى عن مقدمات الزنا وشدد في التحذير من تلك المقدمات لأن التهاون فيها سيؤدي للوقوع في فاحشة الزنا.. فقال سبحانه وتعالى (وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ ۚ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ) [البقرة ٢٠٨]
لذلك كان النهي عن الإختلاط المحرم بين الرجال والنساء.. قال تعالى وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ [الأحزاب:53]
ومن أوجه السفور والتبرج المنهي عنه هو خروج المرأة من بيتها أو بيت زوجها وهي تضع العطر وما ينجم عن ذلك من فتنة عظيمة في قلوب الرجال فيحدث ما لا يحمد عقباه.. وقد حذر من ذلك رسولنا عليه الصلاة والسلام أشد تحذير فقد أخرج النسائي وابن خزيمة وابن حبان في صحيحيهما قوله عليه الصلاة والسلام : أيما امرأة استعطرت فمرت على قوم ليجدوا ريحها فهي زانية وكل عين زانية. ورواه الحاكم وصححه.. لذلك كان الأولى بالمجتمع المسلم أن يتواصى عقلاءه بالمعروف وأن يتناهى عن المنكر لان ذلك سبب في حفظ النعم ونزول البركة وحصول رضى الله عز وجل.
مكتوب: التحذير من ظاهرة السفور والتبرج
محمد أسعد الصفطاوي