حمل تاريخ 16 يوليو من العام الماضي، حدثاً تاريخياً في باحات الأقصى ومدينة القدس المحتلة، بعد تثبيت سلطات الاحتلال "الإسرائيلي" بوابات "إلكترونية على مداخل المسجد الأقصى بهدف فحص جميع المصلين والتأكد من خلوهم من أي أدوات تستخدم لتنفيذ هجمات ضد الشرطة "الإسرائيلية".
ورفضت المؤسسات المقدسية وكافة أهالي مدينة القدس، وجود "البوابات الإلكترونية"، وقاموا بهبة عرفت باسم هبة البوابات، حيث امتنعوا عن دخول المسجد عبر البوابات، وبدأوا بأداء الصلوات في الشوارع المحيطة بالمسجد الأقصى حتى إزالتها، وتدحرجت آن ذاك كرة اللهب حتى اشتعلت انتفاضة مقدسية.
واضطرت سلطات الاحتلال "الإسرائيلي"، للتنازل عن تعنتها خشية تفجر الأوضاع، وأزالت جميع العراقيل والبوابات الالكترونية من محيط المسجد الأقصى في 27 يوليو 2017، بعد أن توسعت رقعة الانتفاضة، والاستبسال الذي أظهره المقدسيون إزاء الإجراءات "الإسرائيلية" الجديدة.
*** تصاعد الاقتحامات
وبعد مضي عام على انتفاضة "البوابات الإلكترونية" لم ترفع (إسرائيل) يدها الثقيلة عن المسجد الأقصى، وزادت من وتيرة انتهاكاتها المتكررة بحقه، دون الاكتراث لمشاعر المسلمين أو حكامهم، فلا يمكن ان يمضي أسبوعاً دون أن تشهد باحاته اقتحامات من المستوطنين واليهود المتطرفين.
وفي 13 من مايو الماضي، شهد المسجد الأقصى أكبر عملية اقتحام منذ حرب 1967، حيث أقدم قرابة 1620 مستوطن على الدخول لباحات المسجد، ورفعوا أعلام "إسرائيلية" قبالة قبة الصخرة عند باب القطاين، في حين وفرة شرطة الاحتلال الحماية الكاملة لهم، لالتقاط الصور وأداء الصلوات الجماعية.
***إجراءات انتقامية
بدوره يؤكد الشيخ عكرمة صبري، رئيس الهيئة الإسلامية العليا، أن (إسرائيل) ومنذ إجبارها على إزالة البوابات الالكترونية، شرعت في اتخاذ جملة من الإجراءات الانتقامية بحق أهالي مدينة القدس والمقدسين، تمثلت في هدم المنازل وإبعاد المرابطين عن المسجد الأقصى، وتكثيف الاقتحامات من قبل اليهود المتطرفين.
ويوضح صبري في حديث مع "الرسالة"، أن (إسرائيل) تسعى بعد تلقيها هزيمة من المقدسين في انتفاضة "البوابات الالكترونية"، إلى إثبات انها قادرة على فرض واقع جديد في الأقصى، من خلال تصعيد حدة انتهاكاتها الخطيرة.
ويبين صبري، أن إجراءات سلطات الاحتلال، تركت حالة من التوتر والمعاناة والقبض على الجمر عند المقدسين الذين يواجهون يومياً المساعي "الإسرائيلية" الهادفة إلى إفراغهم من المدينة المقدسة، وتقليل وجودهم قدر الإمكان لجعل القدس منطقة ذات طابع "إسرائيلي".
ورغم هذه الإجراءات إلا ان صبري يؤكد، أن المقدسين متمسكون بالدفاع عن المسجد الأقصى والقدس، وهم على الوعد والعهد بالتمسك في بيوتهم وعقاراتهم مهما كان الثمن، مشدداً على أن الاحتلال لن يفلح بتحقيق أهدافه من خلال تضييق الخناق وسينتهي الأمر بقلب المعادلة في وجه بعد تفجر الأوضاع من جديد في مدينة القدس المحتلة.
ودعا رئيس الهيئة الإسلامية العليا، أبناء الشعب الفلسطيني في الداخل والضفة المحتلة، إلى مواصلة شد الرحال تجاه المسجد الأقصى، وإبقائه عامراً بالمصلين، لتخفيف الضغط عن أهالي القدس، ولمساندتهم في صد محاولات الاحتلال من تمرير مخططاته العدوانية بحقه.
وعن الموقف العربي والإسلامي، أكد صبري أن أهالي القدس المحتلة لا يعولون على هذا الموقف الذي خذلهم في جميع المحطات، كون الحكومات العربية والإسلامية خاضعة تماماً للهيمنة الأمريكية المنحازة للاحتلال "الإسرائيلي".
من جانبها قالت خديجة خويص المرابطة في المسجد الأقصى، إن " سلطات الاحتلال أغلقت المسجد الأقصى يومين كاملين قبل نصب البوابات الالكترونية العام الماضي، دهمت خلالها كل المصليّات المسقوفة بما فيها المرواني والقبلي والقبّة، حتى المغارة في القبّة، وانتزعت السجاد، وأعادته، وأحدثت ثقوباً في الأرضيات والجدران، لا نعلم الهدفَ منها حتى اليوم".
وبالرغم من أنَ دائرة الأوقاف أصدرت بياناً بما حدث في الداخل من تخريبٍ ومداهمات للمصليّات وغيرها، إلا أن خويص تؤكد أن ما فعلته سلطات الاحتلال هو مخطط لإحكام السيطرة على المسجد الأقصى، ومراقبة المصلين فيه بشكلٍ لا يوصف.
وفي حديث سابق مع "الرسالة"، حذرت خويص، من مخططات الاحتلال الخطيرة بحق مدينة القدس المحتلة، وهي تأتي ضمن سياسته بتقويض الوجود الفلسطيني في القدس، وجعل الأغلبية فيها للمستوطنين، مؤكدة أن لعبتهم لن تمر، بعد الإصرار الذي أظهره المقدسيون بالتمسك في أرضهم رغم قسوة الحياة وصعوبة الظروف التي تواجههم