يسعى الاحتلال للضغط على قطاع غزة بإغلاق المعابر وتقليص مساحة الصيد كونهما الشريان الوحيد للسكان في محاولة لفرض معادلة "الأمن مقابل الغذاء".
ذات المعادلة حاول الاحتلال فرضها على القطاع في أكثر من مرحلة سابقة من خلال وسطاء، وهو الأمر الذي يحدث الآن كأحد أوراق الابتزاز التفاوضية للتأثير والضغط على المقاومة لتتراجع عن مسيرات العودة والقضاء على البالونات الحارقة.
في كل مرة لم تجد تلك المعادلة آذانا فلسطينية صاغية، كون المطروح يمثل التفافا على الحصار "الإسرائيلي" المفروض على القطاع منذ اثني عشر عاما، ولا تضمن إنهاء حقيقيا له".
ويرى مراقبون أن التضيق عبر المعابر يأتي لاحتواء الأزمة الداخلية لدى الاحتلال من استمرار مسيرات العودة ووسائلها السلمية وخاصة البالونات الحارقة.
وكانت إذاعة جيش الاحتلال "الإسرائيلي" قد أعلنت الاثنين، أن وزير الحرب أفيغدور ليبرمان، ورئيس هيئة الأركان غادي أيزنكوت، قررا إغلاق معبر "كرم أبوسالم" أمام شاحنات الغاز والوقود حتى يوم الأحد القادم، إضافة إلى تقليص مساحة الصيد في بحر غزة من ستة أميال إلى ثلاثة أميال فقط".
ويأتي القرار "الإسرائيلي" الجديد بعد أيام من منعها إدخال سلع ومواد أساسية إلى القطاع إضافة لحظر تصدير كافة المنتجات الفلسطينية عبر معبر "كرم أبو سالم"، بزعم إطلاق البالونات الحارقة تجاه الأراضي المحتلة عام 48 والتي أدت إلى اندلاع عشرات الحرائق، والتهام آلاف الدونمات في الأشهر الأخيرة.
وتسعى إسرائيل من خلال إغلاق المعابر، وحجب الوقود، والغاز، والبضائع الأخرى، الأساسية منها والكمالية للتأكيد دائما على قاعدة "الأمن مقابل الغذاء"، ففي حال الإخلال بالأمن فإن المعابر ستغلق.
الحراك الدولي المحموم منذ بدء مسيرات العودة والذي زاد خلال الأيام الأخيرة، كله مرهون بما ستقدمه غزة، فيما لا ينظر في المقابل للحصار والتضيق عليها كمسبب رئيسي ولا تسعى المبادرات لحل جذري للأوضاع بل جميعها عبارة عن مسكنات فحسب.
ويرفض الغزيين الحقن المسكنة والحلول المؤقتة "الترقيعية"، خاصة وإن القضية لا تتعلق بفتح جزئي للمعابر.
الكاتب والمحلل السياسي أكرم عطا الله يرى أنه لن يحتج أحد احتجاج حقيقي على إغلاق المعابر مع قطاع غزة قائلا: فقط سنرى بعض المواقف الخجولة التي تأخذ طابعا انسانيا بعيدا عن السياسة ذلك لسبب بسيط أن غزة بلا سلطة ونفضت يدها من أي اتفاق ينظم علاقتها مع الإسرائيلي وطردت السلطة الشريكة لإسرائيل في الاتفاقيات وأصبحت منطقة غير معرفة، هذا يجب أن نعرفه كفلسطينيين ونحن نتحدث عن الحصار.
ويعتبر عطالله أن ما يجري بمثابة معادلة "الحكم مقابل اعادة رسم العلاقة مع إسرائيل" وهنا بالتأكيد ستكون المعادلة لصالح الأخيرة لأنها تتحكم بكل شيء وهي الجانب الأقوى الذي يسيطر على الفلسطينيين وبالتالي فإن على الفلسطينيين إعادة تقييم النموذج والعلاقة بما يتلاءم مع المتطلبات الإسرائيلية.
ويرى مراقبون أن هذه الضغوط التي يستهدف الاحتلال من خلالها الوضع الإنساني والاقتصادي في غزة في ظل تردي مستواه، تهدف إلى خلق حالة شعبية جاهزة لاستيعاب أي قرارات تخفف من معاناتهم حتى لو كانت على حساب تنازلات.
في المقابل يعي الاحتلال أن زيادة الضغط حتما سيولد الانفجار، وهو ما لا يريده الاحتلال
منعا للانزلاق نحو مواجهة عسكرية لا يريدها أحد في هذه المرحلة، لذا يأتي قرار إغلاق معبر كرم أبو سالم بمثابة ورقة ابتزاز أكثر منها مقدمة للتصعيد العسكري رغم عدم استبعاد سيناريو التصعيد في حال تعثرت جهود تخفيف الحصار عن غزة.