قائد الطوفان قائد الطوفان

الطفل الأسير يوسف الزق يولد من جديد

الأسير المحرر يوسف الزق برفقة والدته فاطمة
الأسير المحرر يوسف الزق برفقة والدته فاطمة

غزة- مها شهوان- الرسالة نت

خرج يوسف الزق من خلف قضبان الاحتلال مودعا ذكريات أليمة ستبقى محفورة في ذاكرته رغم صغرها، فقد ولد رجلا قبل أن يكون طفلا ليتذوق ظلم الاحتلال الإسرائيلي.

يوسف الذي كان يؤنس وحدة الأسيرات خرج ملوحا بيده الصغيرة ليحيا حياة الحرية بجانب إخوانه الثمانية، تاركا من كان يؤنس وحدتهن يتلهفن لسماع ضحكاته التي كانت تعلو الزنازين, آملات أن يلتقين به حينما يتذوقن طعم الحرية مثله.

دموع الفرح

ما أن وطأت فاطمة سعد "الزق "حي الشجاعية محتضنة ابنها يوسف بين ذراعيها وأبنائها الملتفين من حولها حتى سارعت النساء لملاقاتها بالزغاريد والهتافات التي علت من حناجرهن إلى جانب إطلاق النار من قبل الشباب تعبيرا عن مدى سعادتهم بتحريرها.

اعتبرت المحررة الزق خبر الإفراج عنها وعن باقي الأسيرات مفاجئة سارة لم يكن يتوقعنها بهذه السرعة ،لكن ما حدث كان بفضل المقاومة وثبات القيادات الفلسطينية لمطالبهم حتى تحقق لهم ما تمنوه.

فرحة فاطمة كانت لا توصف فدموع الفرح بدت على ملامحها لعودتها لبيتها وزوجها وأبنائها الذين لطالما انتظروها السنوات الماضية لتبقى بجانبهم, إضافة إلى أنها كانت بحاجة ليكونوا معها ويسعدون بأخوهم يوسف ، فهي لم تكن لتتذوق طعم النوم وهي بعيدة عنهم.

إلى جانب علامات الفرح والسعادة التي سيطرت على وجه فاطمة إلا أن الحزن كان باديا على تقاسيم وجهها معللة ذلك لحزنها على زميلاتها اللواتي بقين خلف سجون الاحتلال فهي تشعر بمعاناتهن لأنها تجرعت وتذوقت طعم الحرمان ، معتبرة انه لن يهدا لها بال ولن تشعر بالراحة إلا بتبييض سجون الاحتلال من الأسرى.

الأسيرة المحررة فاطمة الزق وابنها يوسف كانوا من ضمن المفرج عنهم حيث احتشد عدد كبير من أهالي سكان القطاع على حاجز معبر بيت حانون شمال القطاع لاستقبالها وابنها الذي لم ير النور إلا من خلف شقوق زنازين الاحتلال.

وعن حملها ليوسف داخل أحشائها حينما أكدت أنها لم تكن تعلم بأنها حامل إلا بعد شهر من الاعتقال وذلك حينما خضعت لتحاليل طبية، واصفة أيام حملها بالصعبة وان رب العالمين هو من شد بأزرها لتحمل المعاناة التي لاقتها من إدارة السجون .

الأسيرات اللواتي لم يحالفهن الحظ ليخرجن من أقبية السجون حملن فاطمة الزق رسالة لتوصلها للجهات المعنية بأسر شاليط لتكثيف جهودهم للضغط على إسرائيل من اجل الإفراج عن كافة الأسرى ،لاسيما أصحاب الأحكام العالية.

الزوجة المجاهدة

الى جانب فاطمة جلس زوجها محتضنا يوسف وعيونه تكاد تبكي من شدة الفرح بولده وزوجته .

وقال أبو محمود "للرسالة":"حينما لمست بيدي يوسف قبلته وأخذته في حضني شاعرا بفرحة لم  استطع وصفها فهو ابني الذي حرمت منه منذ ان رأت عيناه النور، وان لحظة لقائي بزوجتي وابني هي لحظات إلهية تدخل الله عز وجل فيها" .

وشعر أبو محمود بالفخر بزوجته المحررة فاطمة واصفة إياها بالزوجة الصابرة المجاهدة التي تستحق ان يفخر بها أمام الجميع.

وحمد ربه لخروج ابنه وزوجته ليجمع شملهم من جديد ويعودون عائلة متماسكة كما كانوا من قبل ،لافتا إلى انه لم يكن يتوقع ان يتم الإفراج عن زوجته بهذه السرعة برفقة ولدها ، لاسيما انه كان من المفترض ان يتم الإفراج عن يوسف خلال الشهور القادمة دون أمه وذلك حسب القانون الذي لا يسمح بمكوث الطفل برفقة والدته بالسجن أكثر من عامين.

وأشار أبو محمود إلى انه كان متخوفا كثيرا بان يتم الإفراج عن يوسف دون أمه وذلك خوفا على شعور زوجته لبعدها عن ابنها، موضحا انه كان قد طلب من المحامي بان يحاول تمديد فترة بقاء يوسف بالسجن برفقة والدته إلى أكثر من ذلك لكن القدرة الإلهية جعلت يوسف وأمه يفرج عنهم سويا.

سليمان ذو الـ6 سنوات بقي ملاصقا لامه طوال الوقت ينظر إليها ويتحسس وجهها ويقبل وجنتيها فرحا بعودتها ، فهو من تركته أمه وعمره 4 سنوات لتبقى صورتها في ذاكرته مجرد خيال .

وبلهجته المتلعثمة أبدى سليمان شعوره بالسعادة للقائه بأمه وأخوه يوسف قائلا ببراءة:"كنت مشتاق لماما كتير ، وطلبت من ربنا إني أشوفها والحمد لله أني رايتها واخويا يوسف اللي راح باضل العب معه واشتري له الشوكولاتة".

سارة ابنة الـ16 ربيعا بقيت طوال الوقت حاضنة أمها والدموع تنهمر على وجنتيها ، فهي دموع الفرح وتخفيف المسئولية التي كانت ملقاة عليها فهي من كانت تقوم برعاية إخوانها ووالدها في غياب أمها إلى جانب متابعتها لدروسها ،معربة عن سعادتها لحظة إطلاق سراح أمها برفقة شقيقها يوسف واصفة إياها بالفرحة التي يعجز اللسان عن إيجاد الكلمات لوصفها.

وقالت سارة بعيون مليئة بدموع الفرح والسعادة:"احمد الله الذي تم الإفراج عن والدتي فقد كنت متخوفة كثيرا ان يتم الإفراج عن يوسف دونها لأني كنت سأتحمل وقتها مسئولية صعبة فسأكون له الأم والأخت في ان واحد".

أما بلال ابن الـ18 ربيعا وصف لحظة الإفراج عن امه بالعرس والانتصار لكل الفلسطينيين ".

الفرحة كانت بادية على بلال وكأنه طفل صغير فقد كان يتقاذف وإخوته يوسف بين أحضانهم ويتهافتوا لتقبيله . 

يذكر ان الأسيرة روضة حبيب ابنة أخ فاطمة سيتم الإفراج عنها يوم الأحد القادم ، لتشملها صفقة الحرائر التي هي أولى مراحل الصفقة الكبرى التي أعلن عنها لتدل على أن زمن الهزائم قد ولى وحان وقت الانتصار والتشبث بالثوابت والوطنية.

لكن مشاعر الحزن والحرمان تركتها المحررات خلفهن داخل أقبية الزنازين ليتقاسمنها الأسيرات اللواتي بقين داخل السجون.

 

البث المباشر