في حوار مع وكيل وزارة الصحة

مكتوب: أبو الريش: أزمة الوقود تعود بقوة وممكن أن تشل النظام الصحي

يوسف أبو الريش
يوسف أبو الريش

الرسالة نت - شيماء مرزوق

حذرّ وكيل وزارة الصحة في قطاع غزة يوسف أبو الريش من خطورة ازمة الوقود التي تطل برأسها من جديد على الوضع الصحي المتدهور أصلا في مستشفيات القطاع، بعد نفاد كميات الوقود من الوزارة ما يهدد بشل النظام الصحي بالكامل في حال لم يتم علاج الأزمة.

وأكد أن الوزارة تحتاج إلى قرابة نصف مليون لتر شهرياً لتعويض فصل التيار الكهربائي في المستشفيات وذلك حتى تتمكن من القيام بمهمها اتجاه المرضى والجرحى والحالات الطارئة، مبيناً ان هناك عجزا كبيرا في المخزون الدوائي، والخدمات الأساسية الأخرى، والتي تكفي لمدة بسيطة وتنذر بكارثة صحية حقيقية.

عجز دوائي

وأوضح أبو الريش في حديث خاص بـ "الرسالة "، أن العجز الدوائي بلغ نسبة 50%، وأنّ حياة العديد من مرضى السرطان والضغط والسكري وغيرها من الأمراض المزمنة مهددة بالخطر جرّاء العجز الكبير في الخدمات الأساسية في الوزارة.

وبيّن أن الزيادة الحاصلة في أعداد المصابين عقب مسيرات العودة أدت إلى زيادة حاجة الوزارة للمستلزمات الطبية والمضادات الحيوية، مُشيراً إلى حاجة كل جريح يخرج من المستشفى للمضادات الحيوية والتي يُعاني قطاع الصحة إجمالا من نقص كبير فيها يصل إلى ما نسبته 70%، رغم توفر بعضها في الأسواق إلا أن هنالك أربعة أصناف رئيسية منها مفقودة.

وتحدث عن محاولات وزارته حل تلك الإشكاليات والتخفيف من الازمات عبر التواصل مع الجهات الخاصة والمؤسسات الطبية لتوفير بعض من المستلزمات الضرورية في ظل ارتفاع عدد جرحى مسيرة العودة وتدهور الوضع الصحي.

ولفت إلى وجود مساعدات تُدار بشكل جدي من طرف المؤسسات الدولية، إلا "أنها بالكاد غطت عدد الإصابات الناجمة عن الهبة الجماهيرية الأخيرة في غزة الخاصة بمسيرات العودة.

وأعلنت الوزارة في آخر احصائية صدرت عنها، السبت، أن أجمالي الشهداء منذ انطلاقة مسيرات العودة في الخامس عشر من مارس الماضي، وصل لـ 131 شهيدا والاصابات 14811 بجراح مختلفة واختناق بالغاز، منهم (6836 تم علاجهم ميدانيا في النقاط الطبية و7975 تم علاجهم في المستشفيات).

ومن بين الشهداء 15 طفلا دون سن الـثامنة عشرة، إضافة لسيدة واحدة، كما أن من بين المصابين 2525 طفلا و1158 سيدة.

ومن بين الاصابات "366 إصابة حرجة و3746 متوسطة و10699 طفيفة".

ووصل الى المستشفيات "3947 مصابا بالرصاص الحي، و427 بالمعدني المغلف بالمطاط، و1466 باختناق شديد بالغاز، إضافة لـ 2135 اصابة اخرى".

ووصلت حالات البتر لـ "54" حالة من بين المصابين، بينها "47 لأطراف سفلية و7 علوية"، كما أن من بين المصابين 560 مصابًا بالرأس والرقبة، و330 بالصدر والظهر، و361 بالبطن والحوض، و1324 أطراف علوية و5400 سفلية.

واستشهد اثنان من الطواقم الطبية، واصيب 229 آخرون، كما تضررت 39 سيارة اسعاف بشكل جزئي.

وأعلنت وزارة الصحة عن تفاقم أزمة الأدوية مع نقص أكثر من عشرين صنفا رئيسيا وتحديداً الخاصة بمرضى السرطان.

وهنا أكد وكيل الوزارة أن نقص الأدوية يأتي في ظل "تراجع إصدار التحويلات العلاجية في الخارج من قبل حكومة التوافق الفلسطينية، خاصة لمرضى السرطان الذين يواجهون مصيراً قاسياً جراء نقص 20 صنفا من أدويتهم الرئيسية التي تدخل بروتوكولاتهم العلاجية.

وبحسب وزارة الصحة الفلسطينية، يتم تشخيص نحو 1500 شخص بمرض السرطان سنويًا في غزة.

عمليات مؤجلة

ويقول أبو الريش إن المريض لا يجد دواء لفترة طويلة لأن الكميات الموجودة لا تكفي، وهذا يعني أننا نعمل تحت سياسة إدارة الأزمة، فنصرف لمستشفى الشفاء مثلا خمسين بالمائة من المعدل المفترض وصفه، لأننا لا نملك الأدوية التي تكفي لصرف مائة بالمائة".

وشدد أبو الريش على أن الصحة تحتاج إلى مليونين ونصف دولار شهريا لتوفير الدواء اللازم للوزارة ونصيب غزة من ميزانية الصحة التي تعتبر الأكبر في ميزانية السلطة لا يتعدى الفتات.

ويقول أبو الريش: أن 33 مليون دولار هي حصة غزة التي كانت تأتي من السلطة لوزارة الصحة ما قبل الانقسام وحينما بدأ الانقسام أصبحت الأدوية تأتي من الضفة على هيئة معونات ولقد زاد الأمر سوءا منذ سنتين حتى وصل العجز في الأدوية الى 50 %.

وبين أن ما قيمته 11 مليون دولار وصل إلى قطاع غزة من الأدوية منذ بداية مسيرات العودة، ولكن قيمة ما تم صرفه فاق 12 مليون دولار!

بحث وكيل وزارة الصحة عن إيجاد حلول جذرية للعمليات المجدولة والتي تأثرت بسبب تكدس الحالات الطارئة من مصابي مسيرة العودة، جاء ذلك خلال ترأسه لاجتماع غرفة عمليات الطوارئ وشارك فيه عدد من المدراء العامون.

وأوضح أبو الريش ان هذه الخطوات تأتي من خلال التنسيق المستمر مع المؤسسات الأهلية وشراء الخدمات للمرضى من المستشفيات المعنية لحل تفاقم مشكلة العمليات المجدولة والتي بلغت 7000 عملية منذ بداية فعاليات مسيرة العودة، وكذلك مشكلة نقص الأدوية.

استعدادات مسيرة العودة

وتعاني وزارة الصحة من عدد من الأزمات منها أزمة الوقود التي ما زالت تراوح مكانها وتعصف بالخدمات الطبية المقدمة للمرضى، بالإضافة إلى أزمة الغذاء والمعدات اللازمة للجراحة والعمليات والتحويلات العلاجية.

وبحسب أبو الريش فإن المستشفيات الحكومية كانت بداية مسيرات العودة قد تأهلت لاستقبال من استنشقوا الغاز فقط دون أن تتوقع اصابات في مختلف أنحاء الجسم، حيث الاصابات النوعية في الرأس والاطراف التي سببها الرصاص الحي، مشيرا إلى أن استعداداتهم كانت للغسل والتنظيف والتهوية والاكسجين واعطاء بعض الأدوية المضادة لتلك الغازات، لكن الاصابات كانت دموية مما شكل تحديا كبيرا للمستشفيات لاستيعاب هذه الإصابات وبأعداد مرتفعة.

وبحسب أبو الريش، فإن النقاط الطبية المنتشرة على الحدود أثرت ايجابيا في معالجة الجرحى وعدم تفاقم اوضاعهم الصحية، وإلا كان الأمر ينذر بكارثة صحية بعدم احتواء تلك الاعداد داخل المستشفيات، فهي خففت العبء وساعدت على معالجة المصاب قبل وصوله للمستشفى.

وأوضح أنه من جمعة لأخرى يتم استيعاب المرضى وتوزيعهم على المستشفيات الخاصة والحكومية، حيث تضطر الوزارة في بعض الأحيان لتفريغ المستشفيات من الجرحى القدامى بعد قيام الاطباء بالإجراءات الأولية معهم، مشيرا إلى أن وزارته تعتمد فلسفة الأولويات ليأخذ كل جريح حقه في العلاج.

وتطرق أبو الريش إلى أن وزارة الصحة اتخذت اجراءات كثيرة خلال مسيرة العودة من أبرزها تشكيل لجان فحص الجرحى وتقييمهم بعد خروجهم من المستشفيات وانشاء قاعدة معلوماتية عن كل جريح، مبينا أنه يتم التنسيق مع اللجان المجتمعية ذات البعد الوطني لتقييم الحالات واعادة كل جريح للمستشفى في حال حاجته لذلك.

يذكر أن الإصابات ما بين الرأس والرقبة والصدر والظهر والبطن والحوض والأطراف العلوية والسفلية والمستشفيات تعاني من نقص الأدوية في ظل تفاقم الأوضاع الاقتصادية، وبعض عائلات الجرحى تشتكي من عدم قدرتها على إنقاذ حياة أبنائها بشراء الدواء وتوفير الرعاية الصحية لهم.

البث المباشر