تصاعدت وتيرة التهديدات الصهيونية لغزة لا سيما بعد استهداف واغتيال مقاومين فلسطينيين ورد المقاومة بإعلانها حالة الاستنفار القصوى وقيامها بسحب عناصرها المنتشرة في عدة نقاط شرق محافظات غزة، وتهديد المقاومة بالانتقام للشهداء في الوقت والمكان المناسبين.
وبالتوازي مع سخونة الميدان تكثفت جهود المبعوث الأممي ملادينوف الذي أجرى جولات مكوكية بين غزة و(تل أبيب) ثم القاهرة، وأجرى رئيس المخابرات المصرية اتصالاته مع الأطراف من واشنطن بهدف منع التصعيد.
تشير المصادر المختلفة أن ملادينوف طرح مبادرة من عدة نقاط تستهدف تثبيت تهدئة لمدة زمنية معينة بين المقاومة والاحتلال يتخللها رفع ملموس للحصار ورفع عقوبات السلطة على غزة بالتوازي مع العمل على إنجاح مساعي القاهرة لإقناع حركة فتح ورئيسها ابو مازن بقبول الورقة المصرية التي قبلتها حماس مؤخرا.
المقاومة الفلسطينية في هذه المرحلة تسعى لكسر الحصار عن غزة بشكل جذري وهي على استعداد للتعامل مع اي طرح يؤدي إلى إنهاء معاناة أكثر من مليوني فلسطيني بغزة دون ربط بين مسار كسر الحصار ومسارات سياسية أو مسار تبادل الأسرى.
حكومة الاحتلال ما زالت تفتقد المبادرة تجاه غزة وهي تفضل المراوحة وبقاء الوضع الراهن فهي غير متحمسة للحرب ومترددة تجاه مبادرات رفع الحصار، ويخشى نتنياهو وليبرمان من الهجمات المرتدة واتهامهم بالخضوع أمام حماس في حال رفع الحصار عن غزة دون تفاهمات حول الجنود الأسرى وسلاح المقاومة ولا زالوا يفضلوا اللعب في منطقة الوسط.
مصر "والعرب عموما" والمبعوث الأممي ملادينوف والمجتمع الدولي والولايات المتحدة ومعها حكومة الاحتلال، كلها أطراف تسعى لعودة السلطة الفلسطينية لغزة وإضعاف حماس تدريجيا، ولكن السلطة تريد غزة بعد إذعان حماس لها فورا وترفض فكرة إضعاف حماس تدريجيا لأنها تدرك قوة حماس ونفوذها في غزة وتشك في نجاح خطط الأطراف لإضعاف حماس.
مواقف الفاعلين الدوليين أصبحت واضحة ونقاط القوة والضعف لكل من المقاومة والاحتلال والسلطة لم تعد خافية ولا يزال كل طرف يراهن على نقاط القوة التي يمتلكها لتحقيق مصالحه وأهدافه بالحد الأدنى من "التنازلات".
يبدو أن آفاق كسر الحصار عن غزة في ظل المعادلات الراهنة وحسابات كل طرف أقرب من اي وقت مضى بالنظر لحسابات الربح والخسارة لدى الأطراف الرئيسة ومدى استعداد كل طرف للتراجع عن مواقفه المعلنة ولو بشكل محدود.
تقدير فرص كسر الحصار عن غزة يتعزز بشكل أكبر مع استمرار مسيرات العودة وتسخين الجبهة المتقطع مما يدلل أنه في حال فشل الجهود الحالية في كسر الحصار فإن جولات تصعيد شعبي وعسكري قادمة ستسهم في إنضاج أكبر لمواقف الأطراف وخاصة العدو بأن رفع الحصار عن غزة هو أقل الخسائر.