إذا ذكرت غزة ذكرت المقاومة، وإذا ذكرت المقاومة ذكرت تهديدات الاحتلال صباح مساء بالحرب والاستئصال إن لم تقبل بالمبادرات والعروض التي يقودها المبعوث الأممي ميلادينوف.
في آخر خبر طالعنا به الاحتلال قال فيه وزير حرب العدو ليبرمان أنه التقى بقيادة الجيش الذي أخبره أنه جاهز لكل السيناريوهات.
بغض النظر عن كون هذه الأخبار تصب حتما في صالح الحرب النفسية، إلا أن هذا لا ينفي كون العدو قد انتهى من وضع خطط العدوان على غزة، فهل انتهت المقاومة من وضع واختبار خططها لصد العدوان والدفاع عن أكثر من مليوني فلسطيني أعزل في غزة؟!
في الحقيقة العدو بدأ الحرب على غزة منذ زمن بعيد، إلا ان هذه الحرب تأخذ أشكالا متعددة، وإن أكثر هذه الأشكال شهرة تلك التي تأخذ طابعا عسكرياً واسعاً باستخدام كافة أنواع الأسلحة المسموحة والمحرمة دوليا كما حدث في الحروب الثلاث التي شنها العدو على غزة في 2008 و2012 و2014م.
فما الحصار المضروب على غزة منذ نحو 12 سنة إلا حربا صامتة تقتل المرضى، وتجوع الفقراء، وتشرد العاطلين عن العمل، وتحرم الصيادين من ارزاقهم، وتترك غزة ذاوية ذابلة.
وقد بدأ العدو مؤخرا إما بشكل مباشر وإما عبر حلفائه في رام الله بتكثيف هذه الحرب الصامتة عبر تجفيف السيولة في غزة، عبر قطع الرواتب واغلاق المعابر ووقف كل أشكال التمويل عن المشاريع في غزة، حتى وصلت الحرب إلى رواتب موظفي الأونروا، وذلك لتحقيق عدد من الأهداف منها:
- تقليص قدرة المقاومة على المضي في المجهود الحربي بالشكل الطبيعي.
- خلخلة الحاضنة الشعبية حول المقاومة؛ محاولا فضها عنها.
في هذه الاثناء يعمل العدو فيما يبدو على استكمال بناء الجدار التحتي المضاد للأنفاق، فيما يشك البعض بأن العدو يعمل على حفر أنفاق تحت غزة لمفاجأة المقاومة في عمقها لتحقيق المفاجأة من جانب، ولضرب المقاومة من الخلف من جانب آخر.
ولا يوفر العدو فرصة لتنفيذ ضربات متفرقة لاستنزاف قدرات المقاومة بشكل متدرج بحيث لا تشكل هذه الضربات المتفرقة ولكن المدروسة بعناية ودقة توفرها له الطائرات المسيرة التي تجوب سماء غزة ليل نهار، لاستفزاز المقاومة ودفعها لشن ضربات كبيرة قد تؤدي إلى حرب موسعة.
خيارات المقاومة:
عودتنا الحروب السابقة أن يخوض كل فصيل مقاوم حربه بنفسه دون وجود غرفة عمليات مشتركة، أو قيادة أركان توزع المجهود الحربي على كل القوى والفصائل التي تحمل السلاح ولها أجنحة مسلحة، وعند اندلاع الحرب تختفي وتتلاشى ويتركز جل المجهود الحربي على كتاب القسام وبشكل أقل على سرايا القدس.
فهل تعلمت المقاومة من تجارب الحروب السابقة لجهة:
- تشكيل هيئة أركان تنبثق عنها غرفة عمليات مشتركة توزع من خلالها المجهود الحربي كل حسب قدراته وامكاناته.
- تشكيل لجان هرمية متخصصة موزعة على ساحة قطاع غزة، لحماية الجبهة الداخلية، وتأمين ظهر المقاومة، والحفاظ على الحاضنة الشعبية لها.
- تشكيل غرفة إعلامية مشتركة لتوحيد الخطاب، والظهور بموقف واحد وموحد تقرره هيئة الأركان المشتركة التي ترسم السياسات، وتعمل على تأمين الجبهة الداخلية من الحرب النفسية من جانب، ومن جانب آخر تشن الحروب النفسية على الاحتلال باستخدام كل ما توفره التكنولوجيا الحديثة.
صحيح ان رياح الظرف الإقليمي والوضع الدولي غير مواتية لأشرعة المقاومة للدخول حاليا في مواجهة مع العدو المدجج سياسيا بأمريكا وأوروبا وأذناب العرب، وعسكريا بأعتى الأسلحة وبحاملة طائرات أمريكية راسية في ميناء أسدود، إلا أن الحرب إذا فرضت وجبت المواجهة لا الاستسلام.
ومن أوجب الأمور التي على المقاومة القيام بها حاليا هو:
- تعظيم الحواضن الشعبية والسياسية في الإقليم على الأقل.
- وتكثيف التنسيق مع كل القوى المسلحة حول فلسطين كي لا تترك غزة في الميدان وحدها كما في الحروب الثلاث الأخيرة.
وتشكيل خلايا إعلامية فاعلة في الخارج لتأمين اسناد سياسي وشعبي من كل الأحرار حول العالم.