تعيش وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين توتراً تصاعدياً، بعد رفعها وتيرة تقليص الخدمات المقدمة للاجئ الفلسطيني منذ إعلان إدارة ترامب الأمريكية خفض قيمة المساعدة المالية المقدمة للوكالة منذ مارس العام الماضي إلى أكثر من النصف.
ومنذ تأسيس الأونروا من قبل الأمم المتحدة في أعقاب أحداث النكبة وهجرة الفلسطينيين من أراضيهم عام 1948، تعهدت الوكالة بتوفير جميع احتياجات اللاجئ الفلسطيني الأساسية وهي: (المأكل والمبلس والمسكن والتعليم)، حتى العودة إلى بلداتهم الأصلية، وقامت على إثرها بتأسيس مخيمات اللجوء في خمس مناطق (سوريا ولبنان والأردن وقطاع غزة والضفة المحتلة) وشيدت منازل قالت إنها مؤقتة تبلغ مساحتها80 متراً.
ومع مرور الأعوام بدأت الأونروا تتهرب من مسؤولياتها بتقليص خدماتها الأساسية تدريجياً حتى بلغت الذروة خلال المرحلة الراهنة، خصوصاً في قطاع غزة مع مجيء "ماتياس شمالي" الذي يدير عمليات الأونروا في القطاع.
في سياق التقرير رصدت "الرسالة" أبرز تقليصات الأونروا منذ تأسيسها وحتى هذه اللحظة من خلال الحديث مع عاطف عدوان مسؤول دائرة اللاجئين في حركة حماس، الذي أكد أن الوكالة لم تتوقف عن استنزاف اللاجئ الفلسطيني وتقليص حقوقه التي أقرها المجتمع الدولي منذ تأسيسها.
ويقول عدوان أن حقبة الخمسينات وحتى نهاية الستينات من القرن الماضي، والتي شهدت انبثاق الأونروا، كانت الأخيرة ملتزمة بتوفير كل ما يحتاجه اللاجئ الفلسطيني بعد منحه منزلاً ضيقاً داخل المخيمات الواقعة في المناطق الخمس، فحرصت حينها على تقديم الغذاء والماء والملابس وأغطية النوم وغيرها.
ويضيف عدوان "مع دخول القضية الفلسطينية منحى جديدا بمطالبة اللاجئ الفلسطيني بالعودة، بدأت وكالة الغوث بتخفيض الخدمات وتقليصها منذ مطلع السبعينات وقطعت معظم الأنشطة الإغاثية الأساسية مثل الملبس تدريجياً حتى مطلع الثمانينات.
وفي العام 1980، قطعت وكالة الغوث الإعانات الأساسية عن جميع اللاجئين، وأصبحت تعتمد على تقديم "الكابونات" الغذائية للأسر الفقيرة مع تعطيل توزيعها من مقرات "الأونروا"
الأساسية وإنما من خلال مراكز ونواد هامشية ترتبط بها.
ويشير عدوان إلى أن الأونروا اغلقت مراكز الطعام التي أسستها في عقدي الخمسينات والستينات، ولم تعد تقدم الأغذية للأطفال ضعيفي البنية كما كانت من قبل من خلال الوصول إليهم عن طريق المدارس، بينما قطعت أيضاً كأس الحليب الذي كان يقدم لجميع الطلاب الأطفال في مدارس الأونروا.
وعن قطاع التعليم يكشف عدوان أن الأونروا قلصت تدريجياً طبيعة خدماتها بدلاً من تنميتها، برز ذلك من خلال تكدس عدد الطلاب الكبير في المدراس بحيث بلغ العدد في الفصل الواحد 52 بدلا من 30 وهو ما يدلل على إبقاء الموازنات المالية متقاربة منذ التأسيس ما أدى إلى تقديم خدمات منقوصة.
أما المجال صحي فيؤكد عدوان، أن العيادات الطبية للوكالة لم تتطور منذ تأسيسها وبقيت مقتصرة على العيادة والعلاج السريع، دون وجود مستشفيات يحول إليها اللاجئون المرضى الذين يحتاجون إلى إجراء عمليات أو متابعات طبية مستمرة.
وعن أخطر المراحل باستثناء المرحلة الراهنة، يقول عدوان "إن بداية عملية السلام "أوسلو" كان هناك مخطط لإنهاء وكالة الغوث كونها تمثل قضية اللاجئ الفلسطيني وتحويل خدماتها للسلطة الفلسطينية، إلا أن استيقاظ الفلسطينيين واحتجاجاتهم حال دون مرور هذا المخطط الذي بدأت الإدارة أمريكا الجديدة تسعى لتنفيذه.
ووصلت التقليصات لذروتها في حقبة ماتياس شمالي بحسب عدوان، بعد التذرع بقضية نقص التمويل، لمحاولة اسقاط قضية اللاجئين، وبدأ شمالي مع تقليص الإدارة الأمريكية مساعدات مالية تقارب 250 مليون دولار، بفصل خدمات أكثر من 1000 موظف لا تتجاوز قيمة رواتبهم الـ 3 ملايين $ ما يوضح أن شمالي جزء من المؤامرة-حسب عدوان.