يشهد قطاع غزّة وتل أبيب حراكًا بارزًا من أجل التوصّل إلى تهدئة مع الاحتلال. تمثّل، فلسطينيًا، بالمداولات التي يجريها قادة حركة "حماس"، وأبرزهم صالح العاروري بغزّة؛ وإسرائيليًا، بإلغاء رئيس الحكومة الإسرائيليّة زيارته المقرّرة إلى كولومبيا، للاجتماع، الأحد المقبل، بالمجلس الأمني والسياسي المصغّر (الكابينيت) لبحث الأوضاع في غّزة.
وذهب المحلل العسكري في صحيفة "هآرتس"، عاموس هرئيل، في مقال له، اليوم، الجمعة، إلى أنّ الأيام القليلة المقبلة ستكون حاسمة في المفاوضات التي تحدد مستقبل قطاع غزّة، في حين رجّحت صحيفة "يديعوت أحرونوت"، اليوم، الجمعة، أن نتنياهو ألغى زيارته لسببين: إدارة المفاوضات الجارية مع غزة، أو إدارة الأوضاع في حال انهيار المفاوضات وتصاعد العمليات العسكريّة.
ونقل هرئيل عن مصادر مصريّة أن المخابرات المصريّة تضغط بشدّة على حركة "حماس" والسلطة الفلسطينيّة من أجل التوصّل إلى اتفاق مصالحة جديد بينهما، بدلا عن الاتفاق الذي وُقّع عليه في تشرين أوّل/أكتوبر الماضي، ولم يطبّق على أرض الواقع.
ولفت هرئيل إلى أنّ الأولويّة في قطاع غزّة، هي تقديم مساعدات عاجلة لقطاعات المياه والكهرباء والصرف الصّحّي والوقود والعتاد الطّبي، في حين أنّ صفقة تبادل الأسرى مع الاحتلال تبقى ذات أولويّة بالنسبة له، لكنّه رجّح أن تبدأ مفاوضات الأسرى بالتقدّم بعد تخفيف الحصار على القطاع، وبعد التوقيع على اتفاق المصالحة.
وأكدّت الأمر ذاته صحيفة "يديعوت أحرونوت"، التي قالت إن المفاوضات تجري في قناتين منفصلتين، هما الأسرى وإعادة إعمار القطاع، وهو تنفيذ لمطلب "حماس" بفصل ملفّات التفاوض.
وذكر هرئيل أنّ المبعوث الأممي إلى المنطقة يحاول تجنيد أموال قطريّة من أجل المساهمة في تطوير القطاعات الخمسة أعلاه.
وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية، أمس، الخميس، أن إسرائيل سمحت، في الأيام الأخيرة، بإدخال حاويات إلى القطاع، تحتوي على معدات من أجل استكمال بناء منشأة تحلية مياه وثمانية مجمعات مياه كبيرة. وكان الاحتلال قد منع إدخال هذه الشحنة منذ أشهر.
وفي موازاة ذلك، أعلن الاتحاد الأوروبي، أمس، أيضًا، أنه جرى إنجاز أكبر حقل للطاقة الشمسية في القطاع من أجل دعم محطة تحلية المياه بالطاقة. ووفقا لبيان المفوضية الأوروبية، فإن هذا المشروع يموله الاتحاد الأوروبي يوفر مياه للشرب تكفي 75 ألف شخص في محافظتي خان يونس ورفح.
وتبلغ تكلفة هذا المشروع 60 مليون شيكل، وتنفذه شركات أميركية بواسطة مقاول في غزة، بحسب صحيفة "هآرتس". وصادقت الحكومة الإسرائيلية على إدخال المعدات في أعقاب محادثات أجراها "منسق أعمال الحكومة في المناطق" المحتلة التابع للجيش الإسرائيلي. وقالت الصحيفة إنه خلال الأسبوعين الأخيرين طرأ تحول في التوجه الإسرائيلي، وأنه في الوقت الذي قرر فيه وزير الأمن الإسرائيلي، أفيغدور ليبرمان، تقليص كمية البضائع الداخلة إلى غزة، تم إصدار القرار بإدخال معدات منشأة التحلية، واحتوت على الإسمنت ومعدات كهربائية. وصادقت الحكومة على هذه الخطوة بعد تحذيرات المستوى العسكري بوجوب الالتفات إلى الأزمة الإنسانية في القطاع، والنقص بمياه الشرب بشكل خاص.
في سياقٍ متّصل، نقلت وكالة "أسوشييتد برس"، أمس، الخميس، عن مسؤولين بارزين في حماس قولهم إن مصر تحاول التوسط في اتفاق وقف إطلاق نار واسع النطاق بين إسرائيل وحماس في غزة ليمهد الطريق لإعادة إعمار القطاع وتبادل أسرى في النهاية. وقال المسؤول في حماس، باسم نعيم، للوكالة إن "السماح لوفد بهذا المستوى بالقدوم إلى غزة علامة واضحة على أن هناك أولا ضمانات بأن الوفد لن يستهدف من الإسرائيليين، وعلامة على أن هناك اجتماعات جادة ستعقد في غزة".
عرب 48