مكتوب: (قنّاص) الحدود .. الضحية بدأت تزعج الجاني

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

الرسالة- محمد بلّور

تكرار الاحتلال لأخبار وارتدادات القنص بعد مقتل وإصابة اثنين من جنوده الشهر الماضي أعاد "الرسالة" لاسترجاع مشاهد من الذاكرة عن فيلم (القناّص)، وتفاصيل عملية (وادي الحرامية) والتي قنص فيها فلسطيني وحيد 10 (إسرائيليين)، ما يعني أن الوضع قد يخرج عن السيطرة في أي وقت.

وكان اعلام الاحتلال قد كشف يوم الثلاثاء الماضي عن فتح الجيش تحقيقا في حوادث القنص التي وقعت على حدود قطاع غزة، وأدت إلى إصابة جندي (إسرائيلي)، ومقتل آخر من لواء (جفعاتي).

وتزعم تقديرات الجيش أن القناص الذي أصاب ضابطاً إسرائيلياً قبل أسابيع، هو نفسه الذي قتل الجندي "أفيف لفيف" قبل أسبوع مدعيةً أن مدرب بشكل جيد نافيا موافقة حركة حماس على نشاط هذا القناص.

ووفقا للموقع العبري، فإن الجيش والأجهزة الاستخبارية تحاول الوصول إلى القناص، والتركيز على أداء القوات الإسرائيلية قرب السياج الحدودي خشية تعرضها لعملية قنص أخرى.

الاحتلال حاول ممارسة الكذب حين أعلن مرتين أن حماس غير مسئولة عن عمليتي القنص مناقضاً نفسه قصداً لكسب التمويه والمباغتة وفي الوقت ذاته حين قصف عشرات الأهداف عقب الحادثتين مبرراً ذلك بأن حماس مسئولة عن كل ما يخرج من غزة وحدودها.

قتل بالمجان

مطلع مسيرة العودة صوّر جنود الاحتلال بهواتفهم النقّالة ممارستهم للقنص والقتل متبادلين عبارات الثناء ونوادر القول وهم يتبارون لإصابة الشبان السلميين على الحدود حتى منعت قيادة الجيش و(الكنيست) تكرار تلك الفيديوهات التي كشفت الجريمة المرتبة عن قصد.

وجرت عمليتا القنص الأخيرتان شمال موقع (أبو مطيبق) العسكري وهو ذات الموقع الذي نفذت فيه المقاومة عملية نوعية في حرب (2014) رداً على مجازر ذهب ضحيتها العشرات من سكان مخيمي البريج والمغازي.

ويؤكد رامي أبو زبيدة الباحث في الشئون العسكرية أن سلاح القنص كان ومازال من الأسلحة المؤثرة في المعارك والاشتباكات وكذلك في عمليات الاقتحام.

ويقول:"يوفر القنص عملية دقيقة ومحكمة والاحتلال لديه إمكانات كبيرة ويوجه قناصته نحو أهداف سهلة في جموع مسيرة العودة السلمية كل أسبوع بينما المقاومة ردت القنص ضد أهداف عسكرية مباشرة رداً على الجرائم".

أما اللواء يوسف شرقاوي الخبير العسكري فيقول إن المقاومة تحاول الرد بمقدار محسوب وأنها باتت ترد على عمليات قنص الاحتلال ضد المتظاهرين السلميين وهذه استراتيجية تكتيك وعمل يومي وفشل لفلسفة الاحتلال الذي يريد ممارسة القتل المجاني.

وعلم مراسل (الرسالة) من مصدر أمني رفض الكشف عن هويته أن قنّاصة الاحتلال يصلون عادةً لمسرح العمل بواسطة عربات محمولة ويتمركزون في ثكنات مموّهة أو خيام ويخفون كامل أجسامهم وجزء من وجوههم ولا يتحركون سيراً على الأقدام في مرمى النيران.

ويضيف المصدر: "يكون القناص في وضعية ارتكاز محصن ومموه لحمايته وهو ثابت من أي خطر وأحياناً يكون تمركزهم تحت خيام أو خلف سواتر ترابية أما من قنصته المقاومة فهم ضمن جنود عاديين كانوا يتحركون وقد جرت آخر استهداف خلال أعمال صيانة شمال موقع أبو مطيبق".

قنّاصة الحدود

ومن لطائف الميدان ما جرى بين قنّاصة الاحتلال ورجال المقاومة وقد أخبرني أحدهم قبل سنوات أنه كان في كمين حدودي خلال زيارة مسئول عسكري رفيع وقد التقت عيناه بعيني قنّاص إسرائيلي مموّه خلف السلك الفاصل.

تحادث الاثنان بالإشارة (فالإسرائيلي) أشار بسبابته إلى رأسه في تهديد بإطلاق الرصاص على رأسه والمقاوم حرّك أصبعه في الهواء ملوّحاً برد صاروخي إن فعل.

في جمعة مسيرة العودة الأسبوعية التي تلت عملية القنص الثانية لم ير المحتشدون كما جرت العادة جنود الاحتلال يتبخترون فوق السواتر الترابية أو بمحاذاة السلك الفاصل فقد ظهر من تغير رطوبة ولون أكوام الرمال أنهم أعادوا ترتيبها وجددوا خطة انتشارهم دون مرأى العين والنار.

ويقول الباحث أبو زبيدة إن القنّاص الفلسطيني أثبت قدرته في الميدان ومستوى عاليًا من التدريب واستخدام بيئته للتخفي والتمويه وقد أدخل جنود الاحتلال مؤخراً إلى داخل الثكنات وحرمهم حريّة الحركة جزئياً.

ويرى أن عمليات القنص أثبتت القدرة على تجاوز المعلومات التي كانت لدى أجهزة الاستخبارات العسكرية، وهو إنجاز فلسطيني يمسّ قدرة الجيش الإسرائيلي على ردع المقاومة.

وتكمن قوة دور القنّاص حسب رؤية الباحث أبو زبيدة في أنه يتجاوز العمل الاستخباري المعادي، كما أن عدم اكتمال معلومات كاملة عن قنّاص حدود غزة لدى استخبارات الاحتلال تقلل من قدرته على جبي الثمن وإن كان لا يتورع في العدوان.

البث المباشر