(البراغماتية) المطلقة لم تشفع لجزء كبير من الدروز أمام قانون (قومية الدولة) الذي يهددهم بالطرد من مؤسسات ودولة الاحتلال رغم خدمة سنوات طوال.
أضحت الصورة الآن أكثر وضوحاً فالاحتلال الذي استفاد من أيديولوجيا الدول العلمانية والشيوعية في دول اوروبا قديما ًلتعزيز مكانته فوق فلسطين المحتلة يكشف عن وجهه الحقيقي في إقامة كيان عنصري يطرد كل من هو ليس يهوديا من الأرض المحتلة.
وتقدر وزارة الخارجية الإسرائيلية أعداد الدروز بنحو (120) ألفاً، حيث حافظ جزء كبير منهم على العلاقة الجيدة بين قيادة الاحتلال وخدموا في جيشه فيما يتحدث جزء آخر أنهم أقرب للقومية السورية ويرفضون الولاء المطلق للاحتلال.
ومنذ أسبوع تشهد الساحة العربية ارتدادات الموقف الدرزي بعد اعتماد قانون (قومية الدولة) الذي أضرّ بهم وهدد وجودهم وقد بدأت الحلقة الأولى من مواقف جنود وضباط الجيش من الدروز ثم وصلت إلى شخصيات رسمية وتظاهرة ضخمة.
مع الأقوى
تاريخياً حرص معظم الدروز على الوقوف إلى جوار القوي على مدى تعاقب الاحتلال في الدول العربية وفلسفتهم حسب رؤية محمد مصلح الباحث في الشئون الإسرائيلية كانت الحفاظ على الطائفة الدرزية أولاً.
ويضيف:"منذ نشأة الاحتلال الإسرائيلي اصطف جزء كبير وانخرط في مؤسسات الاحتلال وخدموا في وحدات الجيش بينما بقي جزء آخر مرتبط بالقومية السورية وخدم مدنياً ولم يندمج كلياً".
وكان الدروز قد تظاهروا يوم السبت في ساحة (رابين) بمدينة تل أبيب احتجاجا على "قانون القومية" وقدّر إعلام الاحتلال عدد المشاركين في التظاهرة بخمسين ألف متظاهر من بينهم يهود.
وتقدم المحتجين الزعيم الروحي للطائفة الدرزية، موفق طريف، وضباط دروز في الجيش الإسرائيلي، ورئيس جهاز الأمن العام (الشاباك) الإسرائيلي السابق، يوفال ديسكين، بالإضافة إلى رئيسي الموساد السابقين، (تمير باردو وأفرايم هليفي)، ورئيس أركان الجيش الإسرائيلي الأسبق، (غابي أشكينازي).
(إسرائيل) الآن تقوم بحملة تطهير عنصرية واسعة النطاق تتخلص فيها من كل ما هو ليس يهودياً وهنا ستتخطى الدروز ولن تقبل بمنحهم كامل حقوقهم في الدولة على اعتبار أنهم ليسوا يهودا.
وقبل أيام صرّحت شخصية مقرّبة من (نتنياهو) في تصريحات صحفية: "لن نغيّر أيّ كلمة في قانون القوميّة، ومن لا يلائمه القانون، لينضم إلى المجتمع الدرزي الكبير في سورية، ولينشئ هناك دولته الدرزيّة.
جيش الاحتلال
عندما كنّا صغارا تعوّدنا أن يكون أكثر جنود دورية الاحتلال قسوة في المخيم هو درزي وأعنفهم معاملة كذلك والحقيقة أن الأمر لم يمض بعفوية ولم يكن عبثاً بل تعمّد الاحتلال وضع الجنود الدروز المشاغبين في فوهة الصدام.
ويؤكد د.عبد الستار قاسم المحلل السياسي أن الاحتلال الإسرائيلي منذ نكبة فلسطين عام (1948) نشطوا على تعزيز قومية للدروز بهدف فصلهم عن المجتمع الفلسطيني استفادةً من خلافات وممارسات عانى فيها الدروز من المجتمع سابقاً .
ويتابع: "تعرّضوا قديماً للاضطهاد وحين احتلت فلسطين تقرّب منهم اليهود وعززوا مكانتهم وخضعوا لقانون الخدمة الإجبارية في الجيش لكن قانون القومية الآن يهدد وجودهم بالطرد إلى سورية أو لبنان" .
وحتى الآن، أعلن 3 ضباط دروز في الجيش الإسرائيلي اعتزامهم الاستقالة من الجيش بسبب "قانون القومية"، على الرغم من دعوة رئيس أركان الجيش، (غادي آيزنكوت): " إبقاء القضايا السياسية المثيرة للجدل خارج نطاق الجيش".
ويقول المحلل قاسم إن هناك جزءا من الطائفة الدرزية يتواصل معه منذ سنوات وهو يرفض الانخراط بشكل كامل في كيان الاحتلال متهماً منظمة التحرير الفلسطينية بانها أهملت وجودهم بالكامل في فلسطين.
ومن المرجح أن تعيش الساحة الدرزية قريباً حالة صدام فيما يحاول جزء من قيادة الاحتلال امتصاص موقفهم بوعود كاذبة لمنحهم وعود مستقبلية ضمن سلسلة حلقات في مسلسل قانون القومية الذي كشف عن عنصرية احتلال بامتياز.