قائمة الموقع

مكتوب: والد الشهيد حجازي: "بعد أن دخلنا المعبر قالوا لي عظم الله أجرك"

2018-08-26T05:10:55+03:00
الشهيد وسام حجازي
الرسالة نت - رشا فرحات

بيوت الشهداء، ووجوه المعزين متشابهة، صورهم، وقفاتهم، حزن أمهاتهم، كل تفاصيل رحيلهم تتشابه وحتى تلك الدموع التي تذرف في وداعهم، وفي تضحياتهم وعنفوانهم وثباتهم عند الوجع كلها بإعجازها وصبرها متشابهة!

في قصة الشهيد وسام حجازي سلسلة طويلة من الألم، قصة انتظار وصلت لأربعة أشهر، عذاب في انتظار الحياة، أمل عامر في قلب عائلته وحدها، تنتقل به هنا وهناك في محاولة لإنقاذ حياته قدر المستطاع.

فقد أصيب وسام في يوم الرابع عشر من مايو، وقد كانت إصابة برصاص متفجر في الرأس ومنذ ذلك اليوم وهو ممدد كجسد لا يتحرك، ولا يتقبل ما حوله، ولا يستجيب، ولكن الأمل الذي تعيشه عائلته لم ينقطع.

وربما في حكاية وسام مفارقات، فبعد أن أصيب شقيقه الأصغر مهند إصابة بالغة في البطن، وكانت العائلة وقتها في حالة يرثى لها، ابنها الأصغر ممدد في حالة الخطر، ووسام يقف وراء امه منتصبا بكل عزة وثبات يواسيها ويسألها أن تدعو لمهند أن يخفف الله عنه ألمه، ولم يدر أن مهند سيقوم من رقاده الطويل وتعود إليه صحته ويقوى جسده بعدما يحارب الإصابة لنقابله في بيت عزاء وسام باكيا منتحبا فراق شقيقه الذي أصيب بعد أن تعافى هو، ولكنها الحياة يهبها الله لمن أراد!

والدة وسام تستذكر الأحداث المتتالية وتحدثنا عن وسام قائلة:" لم يكن وسام طفلا عاديا، لقد كان سابقا لسنه منذ صغره، شقيا ذكيا مثابرا ورفيقا حنونا، وتلميذ نجيب في مدرسته حتى أنتهى من دراسة البكالوريوس في العلوم وتوظف معلما في أحد المدارس الخاصة، وفوق كل شيء، كان وطنيا بامتياز منذ استيقظ وعيه الداخلي على معنى الوطن وما خلفته الحروب، ورأى بعينيه كيف يتكاتف العالم ضد غزة وأهلها، فكان من أوائل الخارجين إلى مسيرات العودة السلمية.

وفي المستشفى كان وسام، بإصابته الخطيرة، ممددا على سرير المرض منذ ثلاثة أشهر، حتى وصلت الموافقة على تحويله الى القاهرة، لعل أمل العلاج هناك يتحول إلى واقع، ولكن هناك تعرض المريض المسجى وعائلته إلى كل درجات المهانة، بدأ بالتحويلة التي لا تتعدى تغطيتها 2500 جنيه مصري، لا تكفي حتى رقوده في المستشفى لساعات ما اضطر العائلة الى إدخاله الى مستشفى خاص على حسابها الشخصي.

يقول شقيقه مهند: ذهبنا إلى مستشفى خاص، تكلفة الليلة الواحدة 5000 جنيه ومن هناك تواصلنا مع السفارة الفلسطينية لتوفير مكان لمبيت العائلة أو لتغطية تكاليف العلاج، فكان تعاملها معنا سيئا، حتى أننا حينما طلبنا من الموظف هناك تكلفة مبيت المريض في المستشفى قال لنا بالحرف الواحد:" ارموه في الشارع"!

وينفعل الأخ المقهور على فراق أخيه وهو يقلب في جواله ليطلع فريق الرسالة على صور وسام ويصف شجاعة شقيقه، ويتساءل كيف للمصاب الذي استجاب لنداء السليمة أن يعامل هكذا بهذه الطريقة ؟!

وسام الذي استأصل الأطباء جزءا من دماغه في غزة لم يكن يقدر على التنفس بدون انبوبة الأكسجين، ولكن إرادته كانت قوية فقد بدأت بعض عضلات وجهه بالحركة، وكأن الحياة كانت تبحث عن نقطة بداية جديدة في جسده الممدد.

وعادت العائلة الى غزة، بعد انتهاء فترة العلاج، او بعد نفاد أموالها، وكان من المفترض أن تحملهم سيارة الإسعاف إلى القاهرة، وهنا لا يفرق الجار المصري بين مريض أو مسافر عادي، فكان لهم نصيب من الوقوف الطويل في طابور "المعدية" بعد سفر تجاوزت مدته 12 ساعة من القاهرة إلى سينا وصولا إلى المعبر.

وفي المعبر قصة أخرى، كما سردها والد وسام الحاج أبو حسام قائلا: علاوة على أن ابني قد رمي في العريش أربعة أيام بدون أي علاج حتى ادخلناه على حسابنا الشخصي الى مستشفى خاص في القاهرة فإن الطيران المصري لم يقبل تحويله إلى تركيا على الرغم من وجود تحويلة جاهزة واضطررنا بعدها أن نعود إلى غزة بسيارة اسعاف أيضا كانت على حسابنا الشخصي!

ويضيف أبو حسام: وصلنا إلى معبر رفح في تمام الرابعة عصرا وحجزتنا السلطات المصرية هناك حتى العاشرة والنصف، وقد فصلت عن ابني وجلست مع الطبيب المشرف في غرفة وحدنا ووضع ابني مع المسعف في سيارة الإسعاف بعيدا عني لا أعرف ولا أرى ولا أسمع من اخباره شيء لمدة تجاوزت الست ساعات.

ويضيف من بين دموعه المتساقطة: لاحقا عرفت أن أنبوبة الأكسجين قد نفدت ولم يستجب أحد من العاملين في الجانب المصري لنداءات المسعف واستغاثته، وبعد أن دخلت أنا إلى الجانب الفلسطيني من جهة، كانت سيارة الإسعاف التي تحمل ابني قد دخلت من جهة أخرى، وحينما هممت بالركض للاطمئنان على ابني استقبلني في تلك اللحظة الضابط الفلسطيني ليقول لي: عظم الله أجرك!

يذكر أن عائلة الشهيد وسام حجازي كانت من أوائل المشاركين في مسيرات العودة، وابنها وسام هو الشهيد رقم 168.

اخبار ذات صلة
مَا زلتِ لِي عِشْقاً
2017-01-16T14:45:10+02:00