في المقالين السابقين حول رسائل رئيس حركة حماس في قطاع غزة يحيى السنوار في لقاءاته مع الكتاب والمحللين والنخب الشبابية تناولنا رسائل السنوار في ملف المصالحة والتهدئة، وفي المقال الثالث والأخير نطرح رسائل السنوار في ملف التصعيد.
لا شك أن حركة حماس تدرك أن من يحرك كل الأطراف والوسطاء في موضوع قطاع غزة هو الاحتلال وحاجاته الأمنية وليس الحصار والمعاناة في قطاع غزة، وهذا الإدراك هو ما دفع السنوار ليوجه أبرز رسائله بأن أداء الوسطاء وخاصة ملادينوف غير مرضي كونه لا يتحرك إلا إذا شعر الاحتلال بالضغط وهو لا يتناسب ودوره كمبعوث أممي يفترض أن يعالج أصل المشكلة وهو الحصار والعدوان، ويبدو ان الرسالة وصلت سريعا، فبعد غياب لأكثر من ثلاثة أسابيع عاود ملادينوف ليصرح ويناشد الأطراف لعلاج الأزمة في غزة ومنع الحرب وأعتقد أنه سيأتي لغزة قريبا.
الرسالة الميدانية واضحة فتصعيد الحراك الشعبي وتكثيف أدواته التي تشاغل الاحتلال بالقرب من السياج الفاصل سيعود أكثر زخما وتأثيرا في حال لم تثمر جهود الوسطاء في رفع الحصار عن غزة.
من الرسائل الهامة ايضا أن حماس وجهازها العسكري وغرفة عمليات المقاومة المشتركة على جهوزية لصد أي عدوان وأن قدرات حماس العسكرية تضاعفت نوعا وكما وهي رسالة ردع للعدو من جهة ورسالة تحذير بأن المقاومة تراقب مشهد الحراك الشعبي وجهود الوسطاء وتنتظر نتائج ملموسة تفضي لكسر الحصار وفي حال باءت الجهود بالفشل وتعنت الاحتلال ولم يع الرسالة الشعبية جيدا فلا مناص من جولات تصعيد أخرى مع استعداد للسير على حافة الهاوية التي قد تفضي لمواجهة عسكرية شاملة قد تمتد إلى جبهات أخرى.
حديث السنوار بأن الحراك يجب أن يثمر عن خطوات عملية خلال شهرين يعني شيئا واحدا وهو أن جهود الوسطاء مسقوفة زمنيا وليست إلى ما لا نهاية...
من الواضح أن الأيام القليلة القادمة ستشهد حراكا شعبيا متصاعدا مع عودة إطلاق الأطباق الورقية والبالونات الطائرة بشكل مكثف وربما تنزلق الأحداث لموجة تصعيد جديدة أشد من سابقاتها إذا لم تنفذ المرحلة التالية من فترة الهدوء السابقة والتي تتعلق بحل مشكلة الموظفين وفتح آفاق عمل جديدة بالإضافة لتوسيع مساحة الصيد وغيرها من المشاريع في القطاعات المختلفة...
إن أي جهد يبذل يجب أن يكون ضمن معادلة الهدوء مقابل كسر الحصار عن غزة، والتصعيد مقابل استمرار الحصار، وليس ضمن معادلة الهدوء مقابل الهدوء، وهذا جوهر رسائل حماس وقيادتها لكل الأطراف.