قائد الطوفان قائد الطوفان

مكتوب: حين انتفض البحر مع غزة.. كانت "زيكيم"!

ارشيفية
ارشيفية

غزة- أمل حبيب

وكان البحر شاهدًا على أنفاس غزة وكبريائها كذلك، كان له نصيب أكبر من ذاك المشهد، زحف جديد هنا، ولكن نحو الشاطئ هذه المرة حيث فصل جديد أمام "زيكيم"! شمس حارقة رغم أنه أيلول اللطيف نسبيًا، موج هائج لا وقت لديه للهدوء وهنا ينتفض أمامه أهل غزة تلبية لنداء اللجنة الوطنية لمسيرة العودة بأن هذه المرة سيكون البحر خلفنا والعدو أمامنا! الاثنين من كل أسبوع لمسيرة بحرية عبر الحدود الشمالية لغزة قبالة سواحل " زيكيم" تلك النقطة العسكرية الأقرب للمحتل.

"زيكيم" هذا الاسم بل الهاجس بالنسبة لــ (إسرائيل) منذ عام 2014 حين اخترقت تلك المنظومة الأمنية بعد تسلل ثوار من كتائب القسام في عملية نوعية اعتبرها المراقبون أكثر خطورة ورعبًا على أمن الكيان.

لم يكن على الشاطئ هذه المرة ضفادع بشرية أو "كوماندوز" مدربة منذ سنوات لعملية عسكرية معقدة، حول البحر اجتمع أطفال القطاع يرفع أغلبهم شارة النصر وعلم واحد دون أي راية لفصيل وطني.

تلك الدعوات للمشاركة في المسيرة البشرية عبر الحدود استجاب لها أهالي المدينة المحاصرة كما استجابوا لمسيرات العودة على الحدود الشرقية مع الاحتلال طيلة الخمسة الأشهر الماضية.

قبل أعوام كان الهدف من عملية "زيكيم" بالنسبة للمقاومة هو تشكيل هجوم نوعي نحو الساحل، باستهداف القاعدة البحرية المتواجدة على الساحل مقابل قاعدة زيكيم، في حين اختلف الهدف حيث بات سلميًا بطابعه الجماهيري، مكبرات صوت مثبتة في رمال الشاطئ وصوت واحد لترانيم النشيد " يلا امشوا معانا ع فلسطين"، يضحك الصغار فيرددون " يلا امشوا معانا ع زيكيم".

برًا بحرًا.. القاتل واحد، والقناص هنا وهناك، في حين تبقى الرصاصة الإسرائيلية "متفجرة" علها أن تهشم رأس أي مشارك أو مقترب من الحدود حتى لو كان طفلًا بعمر الشهيد أحمد أبو طيور الذي شهد الجميع على جريمة قتله المتعمدة وهو يقفز في الهواء ليرفع شارة النصر في وجه قناص!

يمكن اعتبار هذه المسيرة البحرية السابعة التي انطلقت في غضون فترة زمنية لم تتجاوز الشهرين، حيث انطلقت رحلات بحرية سابقة على متنها مرضى وجرحى، في محاولات لاجتياز المنطقة العازلة والتوجه إلى قبرص، الا أن وحشية المحتل حالت دون أي وصول لمنفذ جديد! "الكوشوك" والمقلاع كانا حاضرين ضمن أدوات مسيرة البحر، وكل ما يقابلها زخات من قنابل الغاز التي ابتلعها البحر تباعًا! صوت الموج غطى على صرخات الجرحى لحظة الإصابة، ملوحة الرمل نكأت جرحًا سابقًا، غضب البحر أكثر حين أصيب خمسة فلسطينيين بينهم مصور صحافي بالرصاص الحي، ونحو 15 متظاهراً بالاختناق على ساحل بلدة بيت لاهيا، شمال غربي القطاع.

خيمة على صدرها نقشت "عائدون" نصبها الشباب على الشاطئ، جاورها خيمات أخرى نصبها القائمون على الهيئة العليا لمسيرات العودة أمام نقطة "زيكيم" كانت بمثابة نقطة انطلاق جديدة للمسيرات الأسبوعية.

الساتر البحري الذي اختبئ خلفه جنود المحتل أعادنا الى بيان ما يسمى بوزارة الدفاع (الإسرائيلية) وكشفها بأنها ستبني ساترًا قبالة شواطئ المنطقة المسماة زيكيم شمال قطاع غزة، ذاك الساتر الذي وصفته بأنه حاجز مكون من ثلاث طبقات، الأولى معدنية، والثانية صخرية، والثالثة من الأسلاك الشائكة، وسيحيط بهذه المنظومة جدار رملي إضافي لتعزيزها.

غابت شمس الاثنين وبقي مشهد طفلٍ صغير يهرب بين زخات الرصاص من حوله دون أن يفكر للحظة في القاء العلم أرضًا من بين يديه، ودون أن يعلم الى أين ستذهب غزة بعد مسيرات البحر!

البث المباشر