مكتوب: الأسرى الخريجون.. فرحة بلا قبعات ولا زغاريد أمهات!

اهالي الأسرى يتسلمون شهادت ابنائهم
اهالي الأسرى يتسلمون شهادت ابنائهم

غزة- ياسمين عنبر

في زنازين يملأها قهر السجان وظلمه، ارتدى الأسرى داخل سجون الاحتلال أثواب التخرج بلا لمعة الفرح في عيون أمهاتهم وبلا عناق الآباء وبهجة الأشقاء!

أكثر من ستة وعشرين أسيرًا أنهوا مرحلة البكالوريوس في قسم التاريخ بجامعة الأقصى بغزة هذا العام، غير أن فرحة تسلم شهاداتهم كانت منقوصة.

بدلًا من أبيهما ارتدى طفلا الأسير "مالك حلس" أثواب تخرج وقبعة، كانا ينتظران بشغف كما تقول أمهما أن ينادى اسمه فيصعدا إلى المنصة لتسلم شهادته.

"لم تكن أبدًا مجرد ورقة" تقول ياسمين حلس 29 عامًا زوجة الأسير "حلس" الذي حكم عشرين عامًا قضى منها النصف، وتكمل: "كانت لحظات فرحة كبيرة وحزن شديد بنفس الوقت".

كانت هذه الورقة بنظر "ياسمين" نتاج سنوات طويلة من صمود زوجها وتحديه وصبره، بينما كانت بالنسبة لطفليها "احنا بنفخر ببابا كتير".

"ياسمين" التي استشهد زوجها منذ أن كانت سبعة عشر عامًا واكتوت من نار فراق شريكها بعد أن مضت معه عامًا بل أقل، وجدت نفسها تعيش أيضًا شعور زوجة الأسير ومعاناتها والضغوط التي تمارس عليها بعد عام أيضًا من ارتباطها "بمالك" حين سجن ولم تتعد عامها التاسع عشر بعد.

أحداث حياتها تراءت أمامها كشريط طويل من الذكريات حين قال عريف حفل التخرج "مالك حلس" الذي كان ضمن الأسرى الخريجين الذين سيتم تسليم شهاداتهم لذويهم.

"مالك" الذي شعر بفرحة عارمة أيضًا شاركهم الفرحة عبر الهاتف، زغرودة أمه المتعبة التي أنهكها انتظار الإفراج عنه ضمن صفقة كانت موجعة بالنسبة له وهي التي كانت تنتظر أن ترى أحلام ابنها تتحقق أمام ناظريها.

"أنا فخورة بمالك" تحكي "ياسمين" التي تعتبر أن ما من شيء يبدع فيه الإنسان أكثر من حق انتزعه من بين أنياب العدو انتزاعًا بعد معارك ضارية من القهر والصمود.

تدرك تمامًا من أحاديث "مالك" عن قهر الاحتلال أن حق التعليم قد انتزعه الأسرى بصعوبة من إدارة مصلحة السجون، بعد أن حاولت بكل ما أوتيت من قوة أن تعزل الأسرى عن الحياة الاجتماعية خارج أسوار زنازينهم.

الدكتور كمال الشرافي رئيس جامعة الأقصى بغزة أكد أن الجامعة هي الحاضنة لكل أبنائها داخل السجون، وتحرص دومًا أن تخترق زنازين الاحتلال وتلبس وشاح التخرج لمن ضحوا بزهرة شبابهم من أجل وطنهم.

وأشار إلى أنه لن يسمح للسجن يومًا أن يكون عائقاً أمام رغبات وطموح الأسرى من مواصلة تعليمهم، وأضاف: "ستبقى جامعة الأقصى اليد المساندة لجميع قضايا شعبنا الفلسطيني باعتبارها جامعة الدولة وجامعة الكل الفلسطيني".

دعم هذه الشريحة بحسب "الشرافي" يأتي كي تبقى قضيتهم حاضرة في اللقاءات والأنشطة المختلفة، مبيناً أن جهود الجامعة مع الأسرى يأتي لتعزيز صمودهم وتأكيدًا على أنهم قوة مؤثرة في الحياة السياسية والمجتمعية.

ومنذ بدايات الاعتقالات حاولت دولة الاحتلال إلى تفريغ الأسرى الفلسطينيين من محتواهم النضالي وتقويض مجتمعهم الاعتقالي المنظم، من خلال كسر إرادتهم الوطنية، وتحطيم روحهم المعنوية.

كان من ضمن خطتها لتنفيذ هدفها هذا أن تحرم الأسرى داخل السجون من إكمال تعليمهم، والتضييق عليهم في كل ما يتعلق بحياتهم الثقافية.

لكن الأسرى بكل وسائل الضغط ضربوا مثالًا رائعاً في إصرار الإنسان بالدفاع عن عدالة حقوقه والحفاظ على كرامته الإنسانية في وجه الاحتلال.

ففي عام 1992 انتزعت الحركة الأسيرة حق التعليم " تقديم الثانوية العامة "، والانتساب للجامعة المفتوحة في (إسرائيل) بعد إضراب طويل.

وفي أعقاب منعها عام 2012 تطبيقاً لسياسة التضييق، استطاع الأسرى الانتساب للجامعات خفية، في عملية معقدة ولكنها مبدعة، مليئة بحالة المنافسة، وتوسع الأسرى في الثقافة العامة، والتخصص بالمجالات المختلفة، وفى تعلم اللغات، وحفظ القرآن الكريم، والتفسير، والكتابة والإنتاج الأدبى في المجالات الثقافية والتعليمية كافة

البث المباشر