معركة "الأمعاء الخاوية" تعود من جديد، هذه المعركة التي انتصر فيها الأسير الفلسطيني أكثر من مرة على السجان الإسرائيلي، لكنه هذه المرة يستخدمها الأسير الفلسطيني المحرر ضد السلطة الفلسطينية التي تنتقص حقوقه التي كفلها له القانون الفلسطيني.
منذ أكثر من أسبوع لا تزال أمعاء ستة من الأسرى المحررين خاوية، بسبب إعلانهم الإضراب المفتوح عن الطعام ضد السلطة الفلسطينية، والتي قطعت رواتبهم منذ أكثر من 11 عاماً، وفشلت كل الجهود في إعادتها لهم أمام تنكر السلطة الفلسطينية لتضحياتهم.
مخالفة الشرعية
رامي البرغوثي الأسير المحرر والذي أمضى في سجون الاحتلال 13 سنة على فترات مختلفة، أكد أن بداية الأزمة كانت في عام 2007، حينما كان هو وعدد من الأسرى المضربين داخل سجون الاحتلال، حيث أقدمت السلطة الفلسطينية على قطع رواتبهم.
وقال في حديث لـ "الرسالة": "بعد سبع سنوات من السؤال عن السبب، لم نتلق أي إجابة أو مبرر لقطع الرواتب، ثم من خلال وزارة المالية أخبرنا أنه مكتوب على حاسوب وزارة المالية أن رواتبنا مقطوعة بسبب مخالفة الشرعية".
وأوضح البرغوثي أنه من خلال التسريبات غير الرسمية أن المساءلة غير متعلقة بالشرعية، وإنما تتصل بالانقسام الفلسطيني بين شطري الوطن، وكان الأسرى المحررون بالضفة المحتلة ضحية هذه التجاذبات السياسية، وتم تشكيل لجنة أمنية تابعة لرئاسة الوزراء ووضعت هذه الأسماء، واستمرت المشكلة إلى هذا اليوم.
ولفت البرغوثي إلى أن الأسرى توجهوا برسالة إلى الرئيس محمود عباس سلم نسخة منها لديوان الرئاسة، ونشرت في إحدى الصحف المحلية، توضح للرئيس عباس معاناة الأسرى والمحررين المقطوعة رواتبهم وعددهم 35 أسيرا ومحررا، وطالبوه فيها بإعادة صرف رواتبهم أسوة ببقية الأسرى والمحررين زملائهم، لكنهم لم يتلقوا أي رد على تلك الرسالة حتى الآن.
وأشار إلى أنه بعد 11 عاماً على قرع كل الأبواب، والتوجه إلى كل الهيئات، قرر الأسرى المقطوعة رواتبهم تصعيد خطواتهم الاحتجاجية، بالإعلان عن الاعتصام والإضراب المفتوح عن الطعام، بعد فشل كل الجهود من التوصل إلى حل وإعادة الرواتب للأسرى المحررين.
تجهيز الأكفان
الأسير المحرر عبد الهادي أبو خلف، الناطق باسم الأسرى المحررين المعتصمين نوه إلى أنهم اختاروا هذه الوقت تحديداً لبدء الاعتصام والإضراب المفتوح عن الطعام لأنه يعد "ربيع الأسرى المحررين" والفترة الذهبية لهم، مبيناً أنه بسبب سياسات الاحتلال في إعادة اعتقالهم ومن ثم الإفراج عنهم، كان من الصعب عليهم التجمع لبدء الاعتصام، ولكن الوقت الراهن هو الأنسب لوجود عدد منهم خارج السجون الإسرائيلية.
وقال في حديث لـ "الرسالة": "سلسلة من الضغوط نتعرض لها سواء من جهاز الشرطة أو المباحث، تارة بطلب إزالة الكراسي البلاستيكية المعدة لنجلس عليها والزوار المتضامنين معنا، وتارة أخرى بإزالة سماعة صغيرة نعرف فيها عن أنفسنا ومطالبنا العادلة، وأجبرونا للمرة السابعة على التوالي بإزالة خيمة الاعتصام، علماً أنها صغيرة تتسع فقط لفرشة واحدة".
وبين أبو خلف أن أسماء الأسرى المحررين الذين قطعت رواتبهم المسجلين لدى وزارة المالية 36 أسيرا محررا، لكن بعد البحث والتحري وجدنا أنهم 39، مضيفاً أن عدد المعتصمين حوالي 16 أسيرا محررا، بعضهم مرضى ويكون اعتصامهم جزئيا، والمضربون عن الطعام 6 أسرى محررين.
وأشار الناطق باسم الأسرى المضربين عن الطعام أن صحتهم جيدة نسبياً، وقد تم نقله وزميله مفيد نزال وعلاء الريماوي إلى المستشفى بعد تدهور حالتهم الصحية بسبب هبوط في السكر وضغط الدم، وتلقوا العلاج وعادوا إلى مكان الاعتصام، محذرين من تدهور حالتهم الصحية والعودة إلى الانتكاسة في أي وقت نتيجة التعب والإرهاق.
ونوه إلى أنهم تلقوا وعودا من رئيس جهاز المخابرات العامة ماجد فرج لحل قضيتهم في غضون الايام القليلة المقبلة، وأنهم بصدد وقف اضرابهم المفتوح عن الطعام وفك الاعتصام.
وأكد في الوقت ذاته، أنه في حال لم يستجيبوا لمطالبهم سيتم تصعيد الخطوات الاحتجاجية من خلال عقدهم لمؤتمر صحفي ومسيرة سيعلنون فيها الامتناع عن شرب الماء، وسيلبسون الأكفان، وسيكتبون وصاياهم ويوزعونهاعلى الجميع، مضيفاً أنه سيتم تجهيز التوابيت في مكان الاعتصام، والانتظار حتى الموت أو عودة حقوقهم.