"40 جندي اعتدوا عليه قدام عينيا" هذه العبارة التي ترددها أم الشهيد "محمد الريماوي" كلما صاب القهر قلبها أمام المواسين لها برحيله!
فلم يكن فجر الثلاثاء رائقًا كما اعتادت عليه والدة الشهيد في بيتها ببلدة بيت ريما في رام الله، حيث لم يبدأ بصلاة الفجر ثم فنجان القهوة الصباحي الذي لم يرق لها تناوله إلا مع حبيب قلبها الهادئ "محمد".
دقة باب هي ما شوشت على "محمد" وأمه هدوء الصباح وطقوسه، لتفاجأ العائلة بأربعين جنديًا مدججين بالسلاح يصرخون "أين محمد؟".
اقتادوه إلى البوسطة، أمام أمه ليبدؤوا بالضرب المبرح بكل ما أوتوا من وحشية حتى سقط مغشيًا عليه.
صراخ الأم وهجومها عليهم لم يردع جنود الاحتلال ولم يجعلهم يتراجعون عن اعتقاله، فحملوه وهو مغيب عن الوعي تمامًا واقتادوه إلى البوسطة.
اتصالان متتابعان من ضباط المخابرات عرفت العائلة مصير ابنها فالأول كان للسؤال ما إذا كان "محمد" يعاني من أمراض جسدية أم لا، لتخبرهم العائلة أنه لا يعاني من أي شيء، والثاني كان لإبلاغهم أن "محمد" قد استشهد.
"منعوني بقوة السلاح" تحكي الأم التي لم تتوقف عن البكاء وهي تحكي عن لحظات اعتقال ابنها، متابعة حديثها: "ابني شب بسيط زيه زي غيره بيسعى لعيش كريم".
"لكن بيحب الوطن" تقولها الأم بقوة بعد بكاء طويل، فمحمد هو جريح سابق في إحدى المواجهات مع الاحتلال، خاتمة قولها: "الشهيد حبيب الله وربنا اختار محمد من أحبابه".
وكما كل شهيد يرحل بعد تعرضه للضرب الوحشي أثناء اعتقاله، فإن مزاعم الاحتلال جاهزة بأنه "مريض"، ما جعل العائلة تصدر بيانًا ترد على تلك المزاعم بأنه لم يكن يعاني من أي مشاكل صحية وأن استشهاده سبب الأوحد هو الضرب المبرح.
"بشير الريماوي" في مؤتمر عقدته العائلة أمام بيتهم أكد على أن قوات خاصة اقتحمت القرية ومن ثم داهمت البيت وغرفة "محمد" واقتادته من فراشه إلى الخارج.
صراخ "محمد" أوجع الأم لكن "سكوته فجأة" أثار الخوف في قلوب العائلة عليه، ما جعل الأم تجري وراء الجنود تسألهم صارخة في وجوههم لكنهم قابلوا كل أسئلتها بإشهار سلاحهم في وجهها.
وأكد "الريماوي" على رفض الاحتلال تسليم جثمان الشهيد قبل أن يتم تشريحه، ويكمل: "طالبنا أن يكون هناك طبيب فلسطيني أثناء التشريح".
خلال المؤتمر قالت والدة الشهيد: "تعرض محمد للضربات القوية على رأسه من قبل الجنود هو ما قتله قبل أن يحملوه على أكتافهم ويأخذونه إلى البوسطة".
"المسؤول الأول عن تلك الجرائم الحكومة الإسرائيلية وصولًا إلى كل المؤسسات الإسرائيلية" هذا ما قاله رئيس نادي الأسير ملخصًا عمليات الإعدام الميدانية التي تمارسها قوات الاحتلال.
وأضاف أن ثلاثة أسرى استشهدوا بسبب التعذيب الشديد أثناء الاعتقال عام 2018 أولهم كان الشهيد ياسين السرايح من أريحا، بعد إطلاق النار عليه عقب اعتقاله، والشهيد عزيز عويسات، الذي تعرض للضرب المبرح والتعذيب، وأصيب بجلطة ثم استشهد، وآخرهم الشهيد محمد الريماوي، الذي استشهد في ظروف مشابهة.