قائد الطوفان قائد الطوفان

مكتوب: التجنيد في النقب: إحصائيات الجيش إمعانا في الحرب النفسية

ارشيفية
ارشيفية

النقب-الرسالة نت

تستهدف سلطات الاحتلال الإسرائيلي الشباب العرب الفلسطينيين في منطقة النقب، جنوبي البلاد، وتخصص في سبيل ذلك الميزانيات الضخمة وتبذل جهودا مختلفة بهدف الإيقاع بهم في شرك التجنيد في صفوف الجيش الإسرائيلي، وخلق حالة من الأسرلة عبر استخدام الكثير من الطرق، برز منها خلال السنوات الماضية فتح الباب أمام لمشاريع "تشويه الوعي" التي تندرج تحتها الخدمة المدنية المتخفية بصبغة القيادة الشابة والتطوير اللامنهجي مثل مشروع "الشبيبة العاملة والمتعلمة" ومشروع "نجوم الصحراء" وقرية واحة الصحراء العسكرية للشباب وغيرها.

ذلك بالإضافة إلى محاولة "بيع الوعود وتسويق الكذب" فيما يتعلق بترخيص البيوت، وتخصيص قسائم بناء وتحسين ظروف الحياتية للمجندين العرب، والتي أثبتت زيفها بشهادات أهالي من النقب، أكدها ناشطون ومراقبون، حيث لم يتم ترخيص أي بيت لجندي بدوي من النقب منذ نكبة عام 1948 حتى اليوم.

تقرير مراقب الدولة: فشل السلطات في تجنيد عرب النقب

ويلاحظ أن وتيرة محاولات تجنيد بدو النقب ارتفعت في أعقاب إحصائيات وتقارير حكوميّة أهمها تقرير صدر عن مراقب الدولة الإسرائيلي، تحدّث عن "انخفاض كبير في عدد المجندين العرب من النقب خلال السنوات الماضية"، بينها تصريح وزارة الأمن بانخفاض نسبة المجندين الجُدد بين السنوات 2014 و2015 بنسبة 40%.

ويستدل من المعطيات المذكورة في التقرير أن نسبة المتطوعين في الخدمة العسكرية الإسرائيلية من عرب النقب تتراوح بين 6 و7%. وأن عدد المنتسبين للخدمة العسكرية من بدو النقب في عام 2013 كانت 130 فردا، وفي عام 2015 انخفضت إلى 89 فردا، فيما وصلت عام 2016 إلى 110 أفراد، وذلك رغم جهود وزارة الأمن المتمثلة في مشاريعها المختلفة في محاولة إلى جذب بدو النقب للخدمة في صفوف الجيش الإسرائيلي.

وفي هذا السياق، خرجت إلى الإعلام الإسرائيلي، مؤخرًا، معطيات نشرها الجيش الإسرائيلي تتحدث عن ارتفاع في نسب المجندين البدو (من النقب والشمال)، أوردتها صحيفة " ماكور ريشون"، أواخر أيلول/ سبتمبر الماضي، وبحسبها، سجل العام 2017 ارتفاعًا بنسبة 30% في عدد المجندين الجدد من الـ"طائفة البدوية" (على حد تعبير الجيش) عن العام الذي سبقه، حيث تجند 475 بدويًا في عام 2017 مقابل 375 في عام 2016 و 354 في عام 2015. وتفيد الإحصاءات الجديدة حول أعداد المجندين البدو في الجيش الإسرائيلي، بارتفاع في عدد الضباط حيث وصل إلى 92 ضابطًا بدويا في عام 2017.

ولم توضح الإحصاءات الفرق في الأرقام ونسب التجنيد بين العرب البدو من سكان النقب وبدو الشمال (العرب البدو المقيمين في قرى شمالي البلاد)، رغم التفاوت في نسب التجنيد ومدى رواج الخدمة العسكرية، بل تجمع أرقام الجيش جميع العرب الفلسطينيين من أصول بدوية في مسمى "الطائفة البدوية".

ويترجم مراقبون استخدام هذه التسمية (الطائفة البدوية) على أنها محاولة لسلخ عرب النقب عن المجتمع الفلسطيني في البلاد وإمعانا في ممارسة الحرب النفسية في سبيل ذلك. الأمر الذي يبقي التساؤل حول الفرق في نسب التجنيد بين بدو الشمال وبدو النقب، وذلك لبحث الخصوصية في الحالتين وعمق علاقتهما مع المؤسسة الإسرائيلية والتحديات الحياتية التي تفرضها السلطات على الحالتين.

وفي سياق متصل، صدر تقرير مراقب الدولة السنويّ الأخير في شهر آذار/ مارس 2018، وأشار إلى أنه "حتى عام 2016 كان ثلث البدو في الجيش الإسرائيلي من منطقة الجنوب أما الثلثين الآخرين من بدو الشمال".

حرب نفسية على المجتمع العربي

بدوره، شكك النائب جمعة الزبارقة في الأرقام التي عرضها الجيش الإسرائيلي، كما وتحدث لـ"عرب 48" عن البرامج الحكومية التي تسعى لتجنيد عرب النقب، حيث أكد أن "إسرائيل وضعت لنفسها خطة وبرنامج في السنوات الأخيرة حددت فيه هدفها بتجنيد 4500 عربي خلال السنوات العشرة المقبلة في صفوف الجيش الإسرائيلي، نحن بالطبع لا نتهاون مع هذه الأرقام".

وأوضح الزبارقة أن "إسرائيل تقوم بممارسة الحرب النفسية على المواطنين العرب بشكل مستمر، وبالرغم من تراجع رقعة العمل السياسي والوطني في السنوات الأخيرة، إلا أن مصداقية الأرقام الإسرائيلية مشكوك بها ونؤمن بأنها جزء من البروباغندا الإسرائيلية المستمرة لإحباط العرب وإجبارهم على التماثل للرؤية الإسرائيلية للمواطن العربي، وسلخ عرب النقب عن المجتمع الفلسطيني بالكامل".

وختم الزبارقة حديثه بالقول: "يعلم الجميع حجم الموارد الإسرائيلية المستثمرة في تجنيد العرب وعرب النقب على وجه الخصوص، والمجهود الإسرائيلي الموضوع لعسكرة النقب واختراق المجتمع، ولكن ظهر فشل السياسات الإسرائيلية جليًا خلال الأعوام الماضية، بابتعاد عرب النقب المستمر عن المؤسسة الإسرائيلية، وتجندهم في المعارك الوطنية الحارقة التي مر بها النقب والوطن منذ المعركة ضد مخطط برافر المشؤوم وحتى اليوم، وفي النهاية نحن واثقون بوعي شعبنا وخطوطه الوطنية ولن نسمح بحملات كي الوع وغسيل الأدمغة".

محاولات التجنيد في القرى غير المعترف بها

في المقابل، قال الناشط جلال أبو بنية، من قرية وادي النعم مسلوبة الاعتراف، في حديثه لـ"عرب 48"، حول محاولات التجنيد في القرى مسلوبة الاعتراف ورؤية المجتمع لها: " تزرع الدولة أذرعها في كل مكان ويظهر جليا اهتمام المؤسسة العسكرية بتجنيد أبناء النقب، ولا يتوقف أبناء المؤسسة العسكرية عن محاولات خداع الشبان العرب في الخفاء بشتى الطرق للانضمام إلى الجيش الاسرائيلي ولكن يملك أبناء قرى الصمود في النقب الوعي الكافي لعدم تصديق خدع التجنيد ولا يقبل المجتمع في النقب المجندين العرب وتصل العلاقة بهم حد القطيعة ودفعهم إلى خارج الحيز الاجتماعي المشترك" .

وعن أعداد المجندين في القرى مسلوبة الاعتراف قال أبو بنية: "أعتقد أن المرة الأخيرة التي تجند فيها أحد أبناء وادي النعم كانت منذ سنوات، ولا أعتقد أن نسبة المجندين في تزايد، بل من الواضح أن كل أكاذيب التجنيد الإسرائيلية قد وضحت للعرب الذين يعانون الأمرين وتهدم بيوتهم ويقتلون مثل أخوتهم في الضفة وغزة برصاص الأمن الإسرائيلي".

وختم أبو بنية حديثه بالقول: "لا مصداقية للجيش الإسرائيلي ولا لأي تصريح يصدر عنه، ومن الواقع الذي نعيشه يبدو واضحًا لنا أن الجيش الإسرائيلي وأعوانه يحاولون صناعة الفتنة لفصل المجتمع العربي في النقب عن الشعب الفلسطيني بحجة التجنيد".

التجنيد بكل ثمن

فيما قال الناشط والمبادر مفيد أبو سويلم من بلدة شقيب السلام في النقب لـ"عرب 48"، إن "السلطات الإسرائيلية تسعى بكل الطرق لتجنيد أبناء النقب وتضخ النقود وتنشر بائعي وموزعي البدل العسكرية على قرى النقب، كل هذا بهدف إيجاد جنود شباب تستطيع استخدامهم والاستغناء عنهم لاحقًا بسهولة، وذلك في وحدات مثل وحدة قصاصي الأثر المكونة بشكل كامل من البدو والتي تعتبر الأخطر على حياة الجندي وكأنه يلقى إلى الموت بانضمامه إليها".

وأضاف أبو سويلم "تخاف المؤسسة العسكرية بشكل جدي من عزوف العرب في النقب عن التجنيد ومقاطعتهم للجيش الأمر الذي ظهر في تصريحات القياديين الإسرائيليين مثل وزير الأمن الإسرائيلي، أفيغدور ليبرمان، الذي عبّر عن قلقه واستيائه الشديدين من الوضع الراهن، كما أعلن عن رغبته الشديدة في زيادة عدد المتطوعين من ‘فئات الأقليّات‘ في الجيش الإسرائيلي، وخاصّةً البدو في النقب".

وتابع: "أذكر أن تقرير مراقب الدولة وضع هدفًا في مضاعفة التجنيد في ‘الوسط البدوي‘، ووصف ذلك بأنه 'هدف وطني' في غاية الأهميّة لدولة إسرائيل، ويجب التعامل معه بجدّية ومتابعة شاملة ومستمرّة، هذه التصريحات إلى جانب الملايين التي تصب على متعاقدي التجنيد توجب علينا أن نتوقف لنراجع ونفهم محورية المعركة على وعي أبنائنا، هي جدية وعلى الجميع لعب دوره لإنقاذ أبناء النقب".

البث المباشر