قائمة الموقع

مكتوب: "حسين الشيخ".. المطارد الذي أصبح ممثلا حصريًا لـ"المنسق" بالضفة

2018-10-04T07:47:49+03:00
صورة
الرسالة - خاص

منذ اندلعت الانتفاضة الثانية عام 2000 وحتى سنوات خمس اعقبتها، لم يخلع رفيق الأسير مروان البرغوثي لثام الحرب والمواجهة على الأقل في شاشات الإعلام، قبل أن يصبح واحدًا من أهم اركان فريق رئيس السلطة محمود عباس والرجل الثاني الذي يهمس بأذنه، والأول في تمثيل أعمال المنسق الإسرائيلي بالضفة المحتلة.

حسين الشيخ "أبو جهاد" عضو اللجنة المركزية لفتح وأمين سرها خلال سنوات الانتفاضة الثانية، والأكثر قربًا آنذاك للبرغوثي قبيل اعتقاله عام 2002، ومن أمضى 11 عامًا في سجون الاحتلال خلال الانتفاضة الاولى حيث خرج منها متقنًا للغة العبرية، أنيط به بعد ذلك مسؤولية هيئة الشؤون المدنية، والرجل الوحيد بالسلطة الذي يملك صلاحية التحكم في سفر رجالاتها وتحركهم من وإلى الضفة بالتنسيق مع (الإسرائيليين)!

هيئة الشؤون المدنية التي أسّست مع مجيء السلطة الفلسطينية عام 94، تعنى اساسًا بالعلاقة المدنية بين السلطة والاحتلال؛ لكنّ دور مسؤولها لم يقتصر على الجانب المدني فحسب، بل أصبح اليوم أحد مقرري حركة فتح والنافذين في اتخاذ قراراتها، والمسؤول المباشر عن التنسيق الأمني مع الاحتلال، وصاحب قناة تمرير العقوبات المفروضة ضد غزة، كما كشفت الصحف العبرية.

الشيخ الذي تحدث مرارا عن مسؤوليته بالوقوف خلف عمليات ضد الاحتلال، كيف اصبح اليوم صديقا ومقربا من جهاز الشاباك ومسؤولي الكيان؟

 سؤال تتضح الاجابة عنه من خلال تعدد مهام "رفيق مروان البرغوثي" التي تتهم مصادر مقربة منه حسين الشيخ بالتورط في تقديم معلومات عن مجموعاته بل ومعلومات افضت للقبض عليه، وتورطه كذلك في تسليم بعض المطلوبين المقربين منه.

وصل الحدّ بـ "المعلم ابو جهاد" كما يناديه مقربوه، إلى العمل لإفشال اضراب مروان البرغوثي الذي جرى العام الماضي، والاقتراح بتعيين أحد الاسرى القدامى كعضو في مركزية فتح من باب سحب الغطاء عن تمثيل البرغوثي للحركة في السجون!

اتُهم الشيخ بأنه أحد العناصر التي تتردد على ما يعرف بـ"بناية العار"، وهي تلك البناية التي كانت مقرًا لمكتب محمود عباس أثناء عهد الراحل ياسر عرفات، حيث كان يجتمع مع فريقه للتآمر عليه، وفق ما كان يصفه المقربون من عرفات.

جرائم أمنية

كيف يتحول المطارد إلى ممثل حصري للمنسق الاسرائيلي، وكيف يختصر المقاوم مسافات الزمن من مسؤول عن مجموعات عسكرية لشخصية تتولى مهمة التنسيق المباشر مع حكومة الاحتلال؟ سؤال تجيب عنه لقاءات الشيخ المتكررة مع قيادة الشاباك، والتي أفضت بشكل نهائي لعرقلة مسار مباحثات التهدئة.

مع انطلاق الحديث عن مباحثات "التهدئة" بين فصائل المقاومة والاحتلال، لعب الشيخ دورًا بارزًا في تخريبها من خلال استغلال علاقته بـجهاز "الشاباك" حيث التقى مع مسؤول الجهاز يوم جمعة في فندق الملك داوود، وسرّب اليه الاخير معلومات كاذبة حول التفاهم على انشاء مطار بمدينة ايلات المحتلة، وميناء في قبرص!

الاجتماع السّري الذي اعقبه هجوم للشيخ على المباحثات في تلفزيون المقاطعة، انتهى باتفاق بين الشاباك والسلطة بالعمل على تخريبها والضغط على المستوى السياسي بالكيان لوقفها؛ لضمان استمرار التنسيق الامني بالضفة!

"المعلم" كما يحلو لحراسه مناداته، لم يفشل التهدئة فحسب، بل سبقها دوره في افشال المصالحة، فخلال زيارته الأخيرة لغزة برفقة ماجد فرج مدير مخابرات السلطة، العام الماضي أثناء زيارة وفد الحكومة لغزة، التي غادرها عندما جرى الكشف عن مصاحبة الوفد لأسلحة غير تقليدية كانت موجودة في إحدى سيارات الوفد.

غضب ماجد فرج وحسين الشيخ عندما علمت الاجهزة الامنية في غزة عن هذه السيارة، ليغادر كلاهما القطاع بنفس الليلة، بعد اكتشاف الحادثة.

المحامي فهمي شبانة المسؤول السابق في جهاز مخابرات السلطة، يقول إن اسقاط الاحتلال "ملف المطاردة" عن شخص لا يمكن أن يتم الا بثمن كبير يقدمه، فكيف لو تحول هذا الشخص لمسؤول رفيع في السلطة وأصبح اليوم يمثل بوابة تنسيقها الأمني والمدني؟ يجيب شبانة: "هذا لا بد أن يكون قد قدم معلومات وخدمات كبيرة وجليلة للاحتلال".

يلفت شبانة في حديثه لـ"الرسالة نت" إلى أن المسؤول السابق للتنسيق الامني محمد دحلان لم يكن يستقبل مسؤولين (إسرائيليين) في مكتب الهيئة، خلافًا لسلوك الشيخ الذي بات يستقبلهم بشكل واضح في مكاتبه ويتعامل معهم وكأنه موظف لديهم!

ويشير شبانة إلى أن عملية التحول في مسيرة الشيخ من مقاوم إلى المقاول الأول للسلطة مع الاحتلال، تحمل في طياتها تقديم خدمات أكبر من مجرد تسليم او الابلاغ عن مروان البرغوثي ومجموعات عسكرية اخرى في الضفة، بل قد يصل الامر الى انشاء مؤسسات ومجموعات للقيام بهذا الغرض.

ويلفت الى ان الشيخ كان مسؤولا عن ملف كتائب الاقصى في الضفة، وأحد الذين عملوا على تسوية ملف المطلوبين فيه، وشريكا في تفكيك كل خلاياها هناك.

 قضايا اخلاقية

لم يتوقف تجاوز سلوك الشيخ على المسار الأمني فحسب، بل تخطاه الى تجاوزات اخلاقية كذلك، مستغلا موقعه الوزاري، حيث يشير الى تورط الشيخ في جرائم اعتداءات جنسية على بنات من هذا الوطن ضمن سلسلة طويلة من الجرائم، وفق شهادات وصلت الى شبانة.

ويشير الى أن الشيخ يستعين بشبكة علاقاته وتفعيل ثقله كوزير يمنح بطاقات الـVIP بالنيابة عن الاحتلال لكلّ مسؤولي السلطة لمنع ملاحقته وفضحه ومحاسبته فيستعملُ زُلُمه أساليب الترغيب والترهيب مع أهالي الضحايا.

وذكر أن حسين الشيخ حاول الاعتداء على زوجة أحد المناضلين المشهود لهم بالأمانة والاستقامة والشجاعة، والذي التزم مرغما بقرار قيادة السلطة الفلسطينية فسلّم سلاحه للسلطة كي لا يُقال عنه أنّه ضدّ المشروع الوطني؛ حيث أن الشيخ حاول التعرض لزوجته التي وقفت في وجهه وتصدت له.

جرائم مالية

وعلى الصعيد المالي، تساءل شبانة عن الذمة المالية لهذا الوزير الذي اغتنى فجأة، "فكيف بنى ثروته التي يقامر بها ليل نهار وقد تم تسجيله بالصوت والصورة من قبل جهاز المخابرات العامة حينما لعب القمار مع الدقماق في منطقة بيتونيا ودمّر حياة الرجل وعائلته؟"، وفق ما كشفه الشيخ.

وبيّن شبانة أن الشيخ يتقاضى مالا من تحت الطاولة ولا تدخل هذه الأموال موازنة السلطة بل تصل إلى حسابه الخاص وذلك عن كلّ شاحنة تدخل لقطاع غزة تحت مسمّى المساعدات ويدخل هذا المبلغ إلى رصيد شريك له يقيم في الداخل الفلسطيني وبالتحديد من أمّ الفحم بحيث يدخل رصيده يوميا آلاف الدولارات من هذا المصدر وحده.

 جرائم سياسية

الجبهة الديمقراطية على لسان عضو لجنتها المركزية بدر أركان، وصفت الشيخ بأنه أحد أعضاء المطبخ السياسي المقرب من عباس، الذي يستأثر بالقرار، داعيًا لمحاسبته.

كما أن الجبهة الشعبية على لسان عضو لجنتها المركزية خالد بركات، قال إن رئيس السلطة محمود عباس لا يستطيع أن يحقق شيئا على صعيد العلاقة مع (الإسرائيليين)، دون الرجوع الى هؤلاء، الذين يمتلكون مفاتيح العلاقة المباشرة مع الاحتلال.

والسؤال المطروح هنا هل سيحاسب هذا الوزير عن جريمته الأخيرة فقط؟ أم سيحاسب عن كلّ جرائمه؟ أم سيتمّ اغلاق الملفّ كغيره من ملفّات الفساد الكبيرة؟

اخبار ذات صلة