قائمة الموقع

مكتوب: خيار وفقوس

2018-10-11T06:07:20+03:00
وسام عفيفة
وسام عفيفة

ما يزال الخيار والفقوس يمثل الرمزية الشعبية للتشكيك بالعدالة المجتمعية بصورها كافة، وقد ثبت تاريخياً أن كل مواعظ المنابر وفتاوى علماء الدين تذهب سدى بمجرد شعور فرد من الرعية بالجور والظلم، كما أن كل خطابات التنظير التنظيمية وحملات التعبئة الوطنية، لا تحمي المواطن من الشعور بالاغتراب عندما يكتشف أنه يخضع لتصنيف العدالة وفق معايير الخيار والفقوس.

في تجارب الآخرين من الأمم والشعوب يتضح أن العدالة أهم سلاح لمواجهة الأعداء والنهوض بعد الانكسار.

إحدى الروايات التاريخية تقول إنه بعد أن دخل شارل ديجول رمز فرنسا الحرة باريس بعد تحرير بلاده من الغزو الألماني.. سأل عن أحوال البلاد ومؤسساتها فأخبروه أنها بأسوأ حال.. فسأل سؤاله الشهير هل القضاء بخير؟ فقالوا له نعم.. فرد بقولته الأشهر (إذا كان القضاء بخير ففرنسا بخير).

وفي رواية أخرى سأل رئيس الوزراء البريطاني وقت الحرب العالمية الثانية تشرشل (1874م-1965م) مستشاريه عن حال القضاء في بلاده بعد أن وصل الاقتصاد إلى الحضيض نتيجة الحرب، فأجابوه أنه بخير.. فقال مقولته المشهورة أيضًا (طالما أن القضاء والعدالة في البلد بخير فكل البلد بخير).

في أوج مواجهتنا وصراعنا مع الاحتلال هناك جبهة صراع داخلية لا تقل خطورتها عن طعنات الظهر التي نتلقاها من العملاء خصوصًا عند تصاعد الأزمات، كذلك لا يمكن أن تتوج أي معركة بالصمود أو الانتصار دون القضاء على الطابور الفاسد.

أما أخطر الأمراض التي يمكن أن تفتك بنا فتلك المتعلقة بثقافة تتقبل الفساد، تتساهل معه، تبرره، تغض النظر عنه، ولم يعد غريباً أن تسمع: "اربط الحمار وين يأمر صاحبه".

هناك زواج غير شرعي بين تراجع العدالة وتقدم الفساد، ومظاهره أن يفقد المواطن الثقة بالمستويات الإدارية والقيادية العليا، وأن تنتشر على ألسنة الناس نميمة الواسطة والمحسوبية والشللية والرشاوى واستغلال المنصب والتنظيم وفوق كل هذا يرددون المثل الشعبي: "أشكيك لمين يلي أبوك القاضي".

وحتى نتلطف ولا نُشعر أهل الحل والعقد بقسوة الانتقاد، فنشمت بهم الأعداء يكفي للمواطن أن يستدعي أبيات عتاب المتنبي للأمير سيف الدولة التي قال فيها: يا أعدَلَ النّاسِ إلاّ في مُعامَلَتي، فيكَ الخِصامُ وَأنتَ الخصْمُ وَالحكَمُ.

اخبار ذات صلة
مقال: خيار وفقوس
2015-03-12T05:18:53+02:00