خلال اليومين الماضيين وصلت غزة وفود الإطفائيين والوسطاء في محاولة لتدارك تهديدات الاحتلال بالحرب وتلويح المقاطعة بالعقوبات، بينما تواصل غزة قطع أسلاك السياج الفاصل شرقا، بالتزامن مع اجتماع الكابينت الصهيوني ليحسم خيارات التهدئة أو المواجهة.
وفود المال والأعمال تركزت في زيارة مسئولين من البنك الدولي وآخرين من الاتحاد الأوربي، لإعطاء إشارات إيجابية حول الجدية بتنفيذ المشاريع الإنسانية، في حين تركزت مهمة وفد المخابرات المصرية على إطفاء نيران المواجهة التي تغذيها تهديدات ليبرمان نحو غزة، وفي نفس الوقت تحاول القاهرة محاصرة نوايا "السلطة" باستكمال جريمة العقوبات ضد القطاع التي ستكون تداعياتها أخطر من تهديدات الحرب.
بين التهديد بالمواجهة والتلويح بالعقوبات، يتصاعد الجنون في غزة، وكأن تهديدات السلطة والاحتلال وقود يؤجج غضب الملتحمين مع الاحتلال عبر السياج الفاصل، حيث تردد عجوز سبعينية دون مبالاة وباستهزاء:" قالوا يا قرد هيسخطوك قال يعنى هيعملوا ايه اكتر من كده".
إذا مرت موجة التهديد الإسرائيلية دون اشتباك عسكري وثبتت التهدئة، وإذا طاشت سهام عقوبات عباس، فستحقق غزة سابقة تاريخية في سجل القضية الفلسطينية، أنها استطاعت أن تصمد على جبهتين، جبهة الاحتلال، وجبهة الإخوة الأعداء.
أمام المشهد الدامي بعد سنوات العرق والدموع، لن تعلن غزة الانتصار على الحصار، لأن لعنة الانتقام أصابت أشقاء الدم فهانت عليهم دماؤنا، لكن غزة خرجت على الأقل سالمة من معركة الانكسار.
وإلى أن تضع معركة كسر الحصار أوزارها لن يترك الرماة حجارتهم ولن تنطفئ نيران الكوشوك، وستواصل البالونات الطيران، فلا غنائم توازي التضحيات، ولا وعود تغني عن المسيرات، قد نحتاج استراحة مقاتل، لكن لابد من الاستعداد لموجة جديدة، أما مخيمات العودة فتتهيأ لشتاء قادم، بعدما أصبحت جزءا أساسيا من الجغرافيا والتاريخ، وعنوانا للحياة في غزة.