المنشار الذي أنهى حياة الصحفي السعودي جمال خاشقجي وأجهز على بقية جسده تحول إلى لغز تحاول أجهزة المخابرات لملمة قطعه وتجميعها لتحصل على الصورة الخفية كاملة لسلطة الرعب والجريمة.
المنشار الذي يهدد الصحفيين جاء كتطور لوسائل إخراس الصحافة التي بدأت بالمقص، سواء مقص الرقيب أو مقص اللسان، وتشكلت بموجبه النظرية السلطوية الأمنية لقمع الصحوة الإعلامية.
برغم هذا التحول في الأدوات المادية والمعنوية من المقص إلى المنشار، لا يزال القلم يتصدى للمنشار في معركة غير متكافئة إلا أن المعطيات تبشر أن فرص انتصار القلم على المنشار كبيرة، رغم نجاح أصحاب المنشار في تشكيل مجموعات وخلايا من الصحفيين الذين استبدلوا الصاجات "الفقاشات"، بالأقلام.
المنشار أصبح أداة سياسية وأمنية في تعاطي السلطة مع الاتجاهات المعارضة أو المنافسة، ويمكن أن نلمس هذا التوجه في الحالة الفلسطينية من خلال استخدام محمود عباس المنشار في قطع الرواتب والأرزاق والموازنات والعلاجات، بل إن المنشار الرئاسي يهدد بتقطيع الشرعيات بما تبقى منها مستهدِفاً المجلس التشريعي، واستكمال تمزيق الروابط المالية والإدارية بين غزة والضفة، بل فصل غزة عن الضفة بضربة منشار يائسة، يطلق معها صرخة شمشون:" على وعلى أعدائي".
مقابل التقطيع والتمزيق والفصل الذي يمارسه موظفو التشريح السياسي والاقتصادي في المقاطعة ضد غزة، يواصل عباس الادعاء، أنه يصرف لغزة شهرياً 96 مليون دولار، دون أن يقدم أي بيانات حول وجوه صرفها.
وأمام ما يجبيه عباس ومستخدَمه رامي الحمد الله من مساعدات ومنح وضرائب ومقاصة باسم غزة التي لا يعترف بها ولا بشهدائها الذين رحلوا في مسيرة العودة وحروب الاستنزاف، يتضح لنا في النهاية أن عباس ينطبق عليه المثل الشعبي المصري: "عامل زى المنشار طالع واكل نازل واكل".
ضحايا المنشار من صحفيين وسياسيين وحقوقيين وغزيين أصبحوا يشكلون جبهة واسعة يمكن أن تؤثر في مسار الأحداث وتهز عروش السلطة، كما لن يقبلوا أن يظلوا خاضعين للمنشار كما يحدث للضحايا في سلسلة فلم الرعب "سو" "saw".