يبدو واضحا من الحديث الأخير لرئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس أنه يبت النية لقطاع غزة خلال جلسة المركزي المزمع عقدها غدا، فتشير المعطيات إلى أنه بصدد شرعنة فصل غزة عن بقية الوطن، من خلال عدة قرارات عدائية.
وألمح عباس في مقابلة مع تلفزيون "فلسطين" الرسمي، الثلاثاء الماضي، إلى توجّه جاد لتحلّل السلطة من مسؤولياتها تجاه قطاع غزة، في ظل ما قال إنه جنوح مسؤولي القطاع (في إشارة لحركة حماس) إلى الموافقة على خطة السلام الأمريكية المعروفة إعلاميا بـ "صفقة القرن"، بحسب تقديره.
وقال عباس: "إذا هم لا يريدون الوحدة ويريدون الانفصال ويريدون كيانا خاصا بهم، يريدون تطبيق صفقة العصر فهذا شأنهم، ونحن في ذلك الوقت في حل من كل مسؤولياتنا، هذا هو الموضوع الذي سيطرح على المجلس المركزي، والذي سيقوم بهذا الموضوع لجنة مشكلة من كل الفعاليات الفلسطينية؛ يعني اللجنة التنفيذية واللجنة المركزية والحكومة وأجهزة الامن والمستقلين وشخصيات عامة، تكون موجودة ومستوعبة لكل هذا للقيام بهذه المهمة".
وتبدو ملامح الاتجاه الذي سيسلكه المجلس المركزي في شرعنة الانفصال من خلال حل المجلس التشريعي بصفته المؤسسة الشرعية الوحيدة الذي تقوده حركة حماس بعد فوزها في انتخابات عام 2006، وهو الأمر الذي يحمل تبعات كارثية على المشهد الفلسطيني بأكمله، إذ سيتمكن أبو مازن من السيطرة الكلية على كافة مؤسسات السلطة ومنظمة التحرير.
ما سبق أكده رئيس المجلس الوطني الفلسطيني، سليم الزعنون، موضحا أن توصية المجلس الثوري لحركة فتح للمركزي بالدعوة إلى حل المجلس التشريعي، وإجراء انتخابات، ستكون بنداً طارئاً في جدول الأعمال، مشيرا إلى أنه تم توزيع الدعوات على أعضاء المجلس المركزي لعقد الدورة المقررة ما بين يومي الثامن والعشرين والتاسع والعشرين من تشرين الأول/ أكتوبر الجاري.
وكما يجري الحديث عن إعادة ترتيب للعقوبات المفروضة على غزة، والتي أنكرها عباس في حديثه الأخير.
ويجري الحديث عن صرف المبلغ المالي المرصود لغزة، في ميزانيتها والبالغ 96 مليون دولار على ملفات تدعم السلطة وتعيد شعبيتها، بعد ما شعرت قيادة السلطة بالخطأ في اختيار الملفات المقصودة بالعقوبات كرواتب الموظفين، والمتقاعدين والأسرى، من خلال إعادة صرف هذه الرواتب بشكل كامل، بعد أن أضرت الخصومات بقواعد حركة فتح وجماهيرها، على أن تتحول العقوبات لملفات حياتية مهمة تضغط من خلالها على حركة حماس.
وتحضيرا للقرارات التي ستصدر عن المجلس المركزي، والتي ستكون أشدها ضد قطاع غزة، مع بقاء الوضع القائم مع الاحتلال، شدّد عباس على أن قرارات المجلس المركزي ستكون "في منتهى الخطورة ولا يحق للقيادة إطلاقا أن تتجاوزها"، مشيرا إلى الاتفاق الذي حصل مؤخرا في المجلس الوطني والذي ينص على أن المجلس المركزي يحل محل المجلس الوطني في حال غيابه، ليصبح هو أعلى سلطة فلسطينية.
وفي التعقيب على ذلك، قال الكاتب والمحلل السياسي فايز أبو شمالة إن المتوقع من هذا الاجتماع للمجلس المركزي "الصوّري" أن يعلن عن حل المجلس التشريعي، رغم أن هذا المجلس –أي المركزي- غير شرعي من الناحية القانونية والوطنية، فكيف له أن يحل المجلس التشريعي الأكثر شرعية في المشهد الفلسطيني؟ - وفق قوله-.
وأضاف الدكتور أبو شمالة في اتصال هاتفي مع "الرسالة" أن قرارات أبو مازن ظاهرة من الآن، وما على المجتمعين تحت مسمى المجلس المركزي إلا أن يوافقوا على هذه القرارات، فحل المجلس التشريعي وفرض عقوبات جديدة على غزة، أبرز سمات القرارات المتوقعة من المجلس، فما يريده مزاج عباس يكون ضمن نتائج المجلس وقراراته.
وعن العلاقة مع الاحتلال، أكد أن المجلس سيلعب في المصطلحات مجددا من خلال التوصية بوقف التنسيق الأمني، أو قطع بعض أشكال العلاقة مع الاحتلال كما جرى في اجتماع عام 2015، فيما على أرض الواقع ستبقى الحالة على ما هي عليه حاليا.
وذكر أن ما يدلل على كلامه السابق الاجتماع الحديث الذي عقد بين رئيس مخابرات الاحتلال "الشاباك" ومحمود عباس، فالواضح أن العلاقة ما زالت على حالها، بل قد تذهب للتحسن في وقت لاحق عقب قرارات المركزي المزمع عقده نهاية الشهر الحالي.
وفي المقابل، يتطلب الموقف الحالي تحركا جادا من الفصائل الفلسطينية كحماس والجهاد والجبهتين وبقية الفصائل التي رفضت حضور المجلس الوطني في ابريل الماضي، والخروج من دائرة التفكير إلى التنفيذ، من خلال عقد مجلس وطني شعبي في قطاع غزة، ينتج عنه لجنة وطنية تواجه مخططات التصفية المدعومة من السلطة بتوجهاتها الحالية وقراراتها المعادية للكل الفلسطيني.