محللون: قرار السلطة سخيف وخطيئة يجب محاسبة صانعيه
رائد أبو جراد- الرسالة نت
أجمع محللون سياسيون في الشأن الفلسطيني على أن قرار الرئيس محمود عباس المنتهية ولايته "، بتأجيل تقرير "غولدستون" حول جرائم الحرب التي ارتكبها الاحتلال الاسرائيلى في قطاع غزة نهاية العام الماضي ، قرارا غير مناسب و سخيف وخطيئة يجب محاسبة متخذها وإخضاعه للعقوبات الشديدة .
ورأى المحللون في أحاديث منفصلة لـ" الرسالة نت " ، أن التأجيل لا يخدم القضية الفلسطينية ، وأي عملية مفاوضات مقبلة قد تجريها سلطة رام الله مع الاحتلال الاسرائيلى ، وأن طلب التأجيل جاء بعد ضغوط دولية وعربية مورست عليها .
قرار سخيف
المحلل والكاتب السياسي طلال عوكل قال: " إن قرار سلطة عباس سخيف، ويجب إخضاع من إتخذه للمحاسبة الشديدة ".
وأضاف " أن الفرصة لم تواتينا منذ عشرات السنين لمحاكمة الاحتلال الاسرائيلى على جرائمه التي ارتكبها ضد الشعب الفلسطيني "، مشددا على عدم وجود أي سبب أو أي مبرر لقبول إعفاء "إسرائيل" من هذا الوضع .
من جانبه، أكد " الدكتور عبد الستار قاسم المحلل السياسي على أن السلطة الفلسطينية وعدد من الدول العربية ودول غربية أخرى حرضت " إسرائيل " على خوض الحرب الهمجية الأخيرة على غزة .
وتساءل قاسم عن كيفية تقديم هذه الدول الاحتلال للمحاكمة على جرائمه التي ارتكبها بحق الشعب الفلسطيني بعد أن حرضته على شن الحرب على غزة، مؤكداً على أن تأجيل القرار كان مدروساً من قبل سلطة رام الله بعد قيام عدة دول بعملية ضغوط عليها لتأجيله .
وأوضح أستاذ العلوم السياسية في جامعة النجاح الوطنية أن المفاوضات ليست جادة ولا تعتمد على الجدية ولا يمكن إطلاق اسم "مفاوضات " عليها- حسب قوله.
وفى سياق متصل، قال المحلل السياسي هاني المصري : " التأجيل خطيئة ، لأن السلام لا يمكن أن يقوم على مجرد العدالة وحقوق الإنسان إنما على سياسة تكريس القوانين" ، مضيفاً : " إذا كان زمن المفاوضات يعنى الدوس على هذه القيم فلا معنى للمفاوضات ، لأن ذلك سيكون على حساب الحقوق الفلسطينية ."
وكانت سلطة رام الله طلبت تأجيل مناقشة تقرير القاضي الجنوب افريقى ذو الأصل اليهودي "ريتشارد غولدستون" في مجلس حقوق الإنسان الدولي المتعلق بالحرب الإسرائيلية الأخيرة على غزة ، للدورة القادمة المنعقدة في مارس/آذار من العام المقبل.
لصالح المفاوضات العبثية
وأدان التقرير الصادر عن بعثة الأمم المتحدة لتقصي الحقائق الجرائم العدوانية الإسرائيلية التي ارتكبتها ضد السكان المدنيين ، متهما "إسرائيل" بارتكاب جرائم حرب ضد القانون الدولي، إلا أن سفير السلطة الفلسطينية في الأمم المتحدة إبراهيم خريشة طالب بإرجاء التصويت على نص القرار .
وتساءل عوكل : " كيف يمكن تأجيل النظر في هذا القرار؟ ، مستطرداً : " إذا كان البعض يعتقد أن التأجيل سيخدم عملية السلام فهو لا يخدم أي سلام "، موضحا أن التأجيل سيؤثر على أي مفاوضات قادمة مع " إسرائيل " ، وسيشكل جزء من تجريد الفلسطينيين من أوراقهم وأسلحتهم التفاوضية .
وتابع عوكل حديثه: " اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير كانت قد اتخذت من قبل التأجيل واستمرت في تقرير غولدستون لمحاسبة الاحتلال لكن طلب السلطة تأجيل التقرير جاء مفاجئاً ومخالفاً لقرار اللجنة التنفيذية " .
وأشار المصري إلى أن أصحاب الحقوق والضحايا الذين بذلوا دمائهم وأرواحهم وخسروا ممتلكاتهم سيضغطون ويطالبون بمعاقبة الجلاد على جرائمه ضد الإنسانية حسب ما جاء به تقرير غولدستون .
وأضاف المصري : " إذا كانت السلطة جادة في تبرئة نفسها فعليها أن تجرى تقريراً، وتحاسب من اتخذ هذا القرار والسعي لاعتماده في مجلس الأمن والجمعية العمومية ومحكمة الجنايات الدولية " ، مشيراً إلى ضرورة إعتراف السلطة بالخطأ وعدم الاكتفاء في تقديم التبريرات الواهية عن إنكار ذلك .
وأوضح المصري بأن التأجيل جاء من أجل استئناف المفاوضات ، متسائلاً : " ماذا نريد من هذه المفاوضات ؟ إذا لم تكن على أساس تجميد الاستيطان وإنهاء الحصار المفروض على القطاع ووقف الاعتداءات على القدس والاراضى المحتلة ووقف بناء الجدار العنصري وضرورة توفير الضمانات الدولية".
واستطرد: " جربنا المفاوضات وكانت تدور حول نفسها وهى مفاوضات عبثية وليست هدف بحد ذاته "، مؤكداً على أن المفاوضات وسيلة لإضاعة الوقت وكسبه من جانب "إسرائيل " فقط.
جدير ذكره أن تأجيل تقرير "غولدستون" فتح نار جهنم على سلطة عباس، فقد طالبت عشرات المنظمات الفلسطينية في أنحاء القارة الأوروبية بعزل عباس، والتحقيق معه أمام لجنة حقوقية عربية مستقلة.