رام الله - لمراسلتنا
ربما لا تقل هذه الخطوة خطورة عن ارتكاب الهالك "باروخ غولدشتاين" مجزرته في الحرم الإبراهيمي بحق المصلين، فما تقترفه أيادي حركة فتح في الضفة الغربية المحتلة مع بدء خيوط شهر رمضان المبارك تشبه ممارسات الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني وربما تفوقها حقداً.
ومنذ منتصف عام 2007 انتهجت سلطة فتح في رام الله سياسة محاربة أبناء حركة "حماس" أينما ثقفوا، فاعتقلتهم – وقتلت بعضهم- ولاحقتهم على أبواب المساجد واختطفتهم أثناء سجودهم في الصلاة وتلاوتهم القرآن، ودنست بيوت الله بالأحذية وداست رايات التوحيد بداخلها ومزقت أكثرها.
ثم تشكلت مرحلة حرب المساجد عبر أروقة وزارة الأوقاف في "حكومة فتح" التي يقودها الهارب محمود الهباش، فمنع الآذان من الصدوح عاليا مراعاة لمشاعر المغتصبين، ومنع قراءة القرآن قبل الآذان ومنع التكبيرات والتسابيح عبر مكبرات الصوت ومنع الأذكار المصاحبة لكل مناسبة دينية.
ولكن ذلك لم يكن كافياً، ففكر الهباش في خطة تحول المساجد إلى مقابر عبر إغلاقها بعد الصلاة مباشرة ومنع الاعتكاف فيها وتحويل صلاة الجمعة إلى مسجد واحد في كل منطقة خوفاً من كثرة الخطباء، ثم وزع خطبه الأسبوعية المكتوبة على يده على كل المساجد كي يسيطر على زمام الأمور ولا يترك مجالاً لأحد بالاعتراض على أي شيء.
وعاد الهباش للتفكير ملياً، كيف لي أن أقطع تواجد حماس في المساجد؟، ثم خرج بقرار منع الخطباء والأئمة المحسوبين على الحركة من الخطابة في بيوت الله، مثل الشيخ النائب حامد البيتاوي والنائب نايف الرجوب، فكانت بمثابة زكاة فطر الهباش لأهالي الضفة أن حرمهم الخطباء الرافضين للباطل على أرض الضفة.
أسوأ من حرب عسكرية
ومن جملة المواقف التي تراشقت على سلطة فتح الموالية للاحتلال، اعتبر النائب نايف الرجوب أن قرار منعه والشيخ البيتاوي من الخطابة في المساجد كما اعتادا منذ عدة سنين يضاف إلى سلسلة قرارات جائرة اتخذتها "السلطة" لمحاربة الدين في الضفة.
ورأى الرجوب أن ممارسات فتح تفوق الحرب العسكرية ضرراً، فمحاربة الدعاة والخطباء ومنعهم من أداء واجبهم الدعوي يصنف ضمن إطار الحرب الضروس الهادفة لإنشاء أجيال برؤية فتحاوية لا تصلح لتحرير الأوطان أو قيادة الشعب.
وأكد أن كل هذه الممارسات تؤدي إلى مفاسد أخلاقية لدى الشباب الفلسطيني وتحرمهم الحس الدعوي الذي ينقذهم من مفاسد الحياة خاصة في الضفة التي أصبحت مرتعاً للفساد والمظاهر غير الأخلاقية.
وأضاف النائب بالتشريعي:" يجب على السلطة التراجع عن قراراتها التي من شانها تدمير الأجيال بأكملها، كما أنها تقيد حرية العبادة ولا تختلف عن قيام الاحتلال بمنع الصلاة في المسجد الأقصى المبارك أو منع رفع الآذان في الحرم الإبراهيمي".
مكان ممنوع
أما الخطباء الآخرون والدعاة في مساجد مدن الضفة فأعربوا عن تخوفهم من إقصائهم عن منابرهم تحت حجة "تطرفهم" أي رفضهم لمحاربة الحق في الضفة.
وقال إمام أحد مساجد رام الله لـ"الرسالة نت" :" هناك واجب ديني يحتم علينا تنبيه شباب الأمة إلى خطر الاحتلال مثلاً، ولكن "وزارة الأوقاف" في حكومة فتح ترسل لنا رسائل تحذيرية قبل أيام الجمعة كيلا نتناول القضايا السياسية إلا إن كانت تتهجم على حماس وحكومتها .
وذكر خطيب الجمعة "ع،ل" في مدينة الخليل أنه تلقى في إحدى المرات خطبة مكتوبة حول شتم القرضاوي فرفض قراءتها، وعلى الفور قام جهاز المخابرات التابع لسلطة فتح باستدعائه بتهمة مخالفة قرار وزاري.
بينما يرى كل الأئمة والخطباء أن خطبة الجمعة وصلاة التراويح وكل الشعائر الدينية المصاحبة للشهر الفضيل أصبحت وكأنها في عداد المحرمات التي يخشى الإمام الخوض فيها رغم أنها حق بل واجب شرعي فرضه الله لتقريب الناس إلى الإسلام أكثر فأكثر.. وهو ما لا تريده فتح.
الفصائل!
وأمام كل ذلك ما زالت فصائل "منظمة التحرير" في الضفة تقف مكتوفة الأيدي أمام ممارسات "السلطة" بحق أبناء حماس وبيوت الله، فلا تتجرأ على قول كلمة حق أمام المهزلة التي تحدث أمامها.
ويقتصر موقف أي فصيل منها على "رفض كل أشكال الانقسام في الضفة والقطاع"، وتحويل الحديث إلى مهاجمة حماس خوفاً من غضب عباس وأجهزته الأمنية التي باعت كل وطنيتها في سبيل إرضاء أسيادها من قادة الاحتلال.
ولم يكن هذا هو السكوت الأول عن كل الجرائم، فالمعتقلون السياسيون من أبناء حماس ما زالوا معلقين في سجون الوقائي والمخابرات حتى مع قدوم الشهر الفضيل دون أي صارخ بحقوق الإنسان.. تلك الأصوات التي تخرج عالياً إذا ما تم استدعاء فتحاوي في غزة على جريمة جنائية.