قالت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية إن للسلطات السعودية تاريخا طويلا في خطف وإسكات معارضيها يعود لعقود طويلة وعلى عهد ملوك عدة.
وأوردت الصحيفة في تقرير لها نشرته فجر اليوم الاثنين، نماذج من هؤلاء المعارضين الذين تم استدراجهم وخطفهم ثم ترحيلهم إلى السعودية، ويأتي تقريرها في وقت لا يزال فيه العالم مشغولا بقضية الصحفي جمال خاشقجي الذي تمت تصفيته داخل قنصلية المملكة العربية السعودية بإسطنبول قبل شهر وإخفاء جثته.
وقالت الصحيفة إن فيصل الجربا -وهو من مواليد السعودية وكان مساعدا للأمير تركي بن عبد الله بن عبد العزيز- هرب من البلاد العام الماضي بعدما أحس بالخطر عندما تم اعتقال الأمير تركي، وبعدما قتل صديق له في ظروف غامضة بسجن سعودي.
وكان الأمير تركي بن عبد الله ضمن من تم اعتقالهم العام الماضي من الأمراء ورجال الأعمال، واحتجازهم في فندق الريتز كارلتون في الرياض في إطار حملة قيل إنها لمكافحة الفساد.
وتضيف الصحيفة أن الجربا سافر إلى الأردن والتحق بأقارب له في عمان، وكان يأمل أن تحميه قبيلة شمر، التي ينتمي إليها ولها علاقات قوية مع السلطات الأردنية.
لكن مسؤولين أردنيين أخبروا وجهاء القبيلة أن "الأمر أكبر منهم"، وأنه لابد من اعتقال الجربا. وفي يونيو/ حزيران الماضي اعتقله الأمن الأردني وتم تسليمه للسفارة السعودية، ثم ترحيله إلى السعودية.
وفي السعودية تم احتجازه أسابيع عدة في جدة قبل أن يؤخذ إلى بيت تركي بن عبد الله، حيث طلبت منه السلطات فتح بعض الخزائن وتقديم إفادات ومعلومات عن بعض الحسابات والملفات، ولم يعرف مصيره إلى الآن.
اختطاف المعارضين
وتقول "واشنطن بوست" إنه ومن أجل إعادة المعارضين إلى البلاد، غالبا ما تحاول السلطات السعودية إغراءهم، أو تطلب من حكومات مقربة منها اعتقالهم، أو تعمد إلى اختطافهم، مشيرة إلى أن سعوديين اختفوا من فنادق أو خطفوا من سيارات.
ونقلت عن ناشطة سعودية في حقوق المرأة طلبت اللجوء إلى الولايات المتحدة السنة الماضية قولها "نعلم أنهم قد يقتلوننا أو يدمرون أسرنا أو يضغطون علينا بها".
وتناولت الصحيفة حالة أخرى تتعلق بالمعارض الراحل ناصر السعيد، الذي تم خطفه من بيروت يوم 22 ديسمبر/ كانون الأول 1979 على عهد الملك خالد بن عبد العزيز، وكان قد غادر السعودية بعد خروجه من السجن إثر إدانته بتنظيم إضراب واحتجاجات. وواصل من الخارج انتقاده للنظام السعودي، وبارك هجوم مسلحين في 1979 على المسجد الحرام في مكة المكرمة.
أما سلطان بن تركي بن عبد العزيز، الأمير الذي كان ينتقد النظام السعودي ويطالب بإصلاحات اقتصادية وأخرى في مجال حقوق الإنسان، فقد رفع في 2014 قضية ضد مسؤولين سعوديين اتهمهم فيها بخطفه عام 2003 على عهد الملك فهد بن عبد العزيز.
ونقلت "واشنطن بوست" عن محام كان يتعامل معه الأمير سلطان بن تركي قوله إن السلطات السعودية طلبت من الأمير وقف انتقاداته والعودة للبلاد، وعندما رفض "أُرسل إليه وفد لإقناعه".
وتم استدراج سلطان إلى مقر إقامة للملك السعودي في ضواحي جنيف، وهناك تم تخديره وإعادته للسعودية وفرضت عليه الإقامة الجبرية سبع سنوات قبل أن يُسمَح له فيما بعد بالمغادرة إلى الولايات المتحدة للعلاج، وبعدها تم استدراجه من جديد ونقله على متن طائرة إلى الرياض، ولم يعرف مصيره بعد ذلك.
وتضرب الصحيفة أيضا مثلا بالأمير تركي بن بندر الذي اختفى في 2015، وحديثا قالت الحكومة المغربية إنها سلمته للسلطات السعودية بعد أن تم اعتقاله بناء على مذكرة للشرطة الدولية (إنتربول).
معارض آخر هو سعود بن سيف الناصر اختفى هو أيضا بعد أن طالب بإصلاحات، وقد تم خداعه وإيهامه بأخذه في رحلة عمل واستثمار إلى إيطاليا، ومنذ ذلك التاريخ لم يعرف عنه شيء.
"مذكرات الإنتربول"
وذكرت الصحيفة أنه في حوار مع وكالة سبوتنيك الروسية العام الماضي، قال الأمير تركي الفيصل، الذي يرأس مركز الملك فيصل للدراسات الإسلامية، إن هذه الاتهامات بخطف معارضين وأمراء لا أساس لها من الصحة، مضيفا أن اعتقالهم كان بسبب مذكرات للشرطة الدولية.
وأضاف: "فعلا هناك أناس عملوا على إعادة هؤلاء إلى السعودية، لكنهم ليسوا مختفين، إنهم موجودون ويرون عائلاتهم".
وذكرت الصحيفة كذلك قضية الناشطة في حقوق المرأة لجين الهذلول التي اعتقلت في مارس/ آذار الماضي في أبو ظبي وتم تسليمها للسلطات السعودية، كما أن زوجها فهد البتيري تم خطفه من فندق في الأردن وتمت إعادته إلى السعودية.